ابتسامة وعبوس
جميل أن نزين وجوهنا صباح مساء بابتسامة ندخل بها قلوب الآخرين، فتزول الحواجز وتتلاشى، فلا تكلف الابتسامة شيئاً، بل تجعلنا وجوهنا أكثر نضارة، وقلوبنا أكثر حيوية ودفقاً.
يظن بعض منا أنه إذا عبس وقطّب حاجبيه، فإنه بذلك يفرض هيبته وشخصيته، ولكنه في الحقيقة بذلك يضع حاجزاً وسداً بينه وبين الآخرين.
ولا تعني الجديّة أن نعبس في وجوه بعضنا، ونتسابق في رسم العُقَد على جبيننا، وما أجمل أن تكون الابتسامة من القلب، لتفرش الطريق للآخر بالورود، ولولا أن للابتسامة تأثيراً كبيراً ساحراً، لما عدت صدقة.
فصّل العرب في العبوس ودرجاته وتسمياته وهيئاته ودوافعه، فإذا زوى الإنسان ما بين عينيه، فهو قاطب وعابس، فإذا كشر عن أنيابه مع العبوس، فهو كالح فإذا زاد عبوسه فهو باسر ومُكْفهِرّ، فإذا كان عبوسه من الهمّ فهو ساهم، فإذا كان عبوسه من الغيظ وكان مع ذلك منتفخاً، فهو مبرطم.
والعبوس شيء كريه، عَبَسَ يَعْبِسُ عَبْساً وعَبَّس: قَطَّبَ ما بين عينيه، ورجل عابِسٌ من قوم عُبُوسٍ.
ويوم عابِسٌ وعَبُوسٌ: شديدٌ، وعَبَّسَ تَعْبِيساً، فهو مُعَبِّسٌ وعَبَّاسٌ إذا كَرَّه وجهه، شُدِّدَ للمبالغة، فإن كَشَر عن أسنانه فهو كالِحٌ، وقيل: عَبَّسَ كَلَحَ.
وفي صفته، صلى اللَّه عليه وسلم: لا عابِسٌ ولا مُفْنِدٌ؛ العابسُ: الكريه المَلْقى الجَهْمُ المُحَيَّا.
والتَّعَبُّسُ التَّجَهُّم.
ولأهمية الابتسام في التعاملات بين الناس، والابتعاد عن العبوس في وجوه الآخرين جاء العتاب من الخالق عزّ وجلّ لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، على إعراضه عن عبد الله بن أم مكتوم الأعمى في كلام مباشر وفي بداية سورة عبس «عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءهُ الأعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» حين أتاه فجعل يقول يا رسول الله أرشدني وعلمني مما علمك الله وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من كبار المشركين، ولأهميتها سميت سورة عبس.
إبراهيم طوقان:
عَبَـــسَ الخطــبُ فابتســمْ وطغــى الهـــولُ فاقتحــــمْ
رابــــطَ النفـــسِ والنهــــى ثابـــتَ القـلـــب والقــدمْ
نفســـــــه طـــــوع همّــــة وجمـــت دونهــا الهمــــمْ
تلتقــــــــي فـــي مزاجهــــا بالأعاصـيـــــر والحمـــــــمْ
تجمــــع الهائــــج الخضّــم إلـــى الراســـخ الأشـــــــمْ
وهــي مــن عنصـــر الفــداء ومـــــن جوهــــــر الكـــرمْ
فهو رهن بما عـزم
Esmaiel.Hasan@admedia.ae