ميزة العمل الإعلامي أن تقييم العاملين فيه يتم من خلال شريحة كبيرة من المشاهدين والمستمعين والقراء· فلا يحتاج الإعلامي الى شهادة من رئيس القسم تثبت أنه إعلامي جيد· وأعود بالذاكرة الى بدايات عملنا الإعلامي في بداية السبعينيات، وقتها لم تكن هناك جامعة يدرس بها أبناء الوطن الإعلام، لكنها كانت الهواية والعشق لهذه المهنة وأثبت جيل كامل من أبناء الوطن كفاءتهم، على رغم أنهم كانوا يعملون مع فطاحل الإعلاميين العرب، عبدالمنعم سلام والمرحوم سيد عويس والمرحوم مصطفى شردي وغيرهم الكثير من الكفاءات العربية، فظهرت أسماء مواطنة: أحمد سالم، سالم عمر، حمد علي، محمد يوسف وغيرهم· لم يكن هذا الجيل يحس بعقدة نقص من الكفاءات الوافدة، حاولوا الاستفادة منهم وبذلوا الجهد لتطوير قدراتهم الإعلامية· ولعل الميزة في ذلك الجيل أنه لم يكن يستغل كونه من أبناء الوطن كميزة لابد أن تميزه عن الغير، إنما الاعتزاز كان بحجم العمل ونوعيته·
ما دعاني لكتابة هذا المقال هو ما كتبه الدكتور علي الشعيبي في صفحات وجهات نظر يوم الأربعاء 22 أكتوبر 2003 تحت عنوان زامر الحي لا يطرب، قلناها فهل سمعتموها؟ ·
والدكتور علي الشعيبي كان أحد الأوائل الذين بدأوا معنا العمل الإعلامي، وعلى رغم أنه خريج جامعة بغداد إخراج سينمائي إلا أنه تحول أو تم تحويله كما يقول من غير المواطنين الى إداري لاحتواء هذا القادم المشاكس أو إخراجه من الوسط الذي كانت السيطرة فيه لغير المواطنين · تحدث الدكتور الشعيبي عن المشكلات التي تواجه المواطنين من قبل غير المواطنين في الوسط الإعلامي، وتحدث عن الإعلام الرياضي ووصفه بأنه يعيش حالة من عدم التوازن وهيمنة الآخر· وضرب مثلاً بصحفي متواضع القدرات -كما يقول- لكنه رغم ذلك يُمكّنُ من السفر مع الوفود الرياضية ويجوب العالم ليكتسب خبرات ويتعرف على شخصيات وصناع القرار في المحافل الرياضية الدولية! بينما يحرم من هذه الفرصة إعلامي مواطن وتسد في وجهه الأبواب!!
وأستغرب من كلمات الدكتور علي الشعيبي لعدة أسباب:-
أولاً: أن الدكتور بعيد كل البعد عن الوسط الإعلامي الرياضي، فلماذا يصدر مثل هذه الأحكام من دون دراسة؟
ثانياً: من منع الإعلامي المواطن من السفر وتتبع الأحداث الرياضية والتعرف على صناع القرار في العالم· هذا إن كان غرض المواطن إثبات قدراته وإبداعاته، ويختلف الأمر إن كان هذا الإعلامي يشترط على مؤسسته السفر بخدمة خمسة نجوم ويصر على تذكرة سفر درجة أولى وسكن ملوكي·
ثالثاً: لماذا يا دكتور لا تنظر إلا الى الإعلامي المواطن الذي ينسب فشله الى عقدة الاضطهاد التي يحس بها وتتجاهل إعلاميين مواطنين أثبتوا كفاءة في هذا الوسط وأصبحوا حديث الناس·
رابعاً، انظر حواليك يا دكتور في الوسط الإعلامي الرياضي ستجد أن هناك رؤساء أقسام رياضية مواطنين أكملوا أكثر من عقدين من الزمان لم يؤهلوا شاباً مواطناً واحداً لديهم، بل إنهم ومن خوفهم من المواطنين ولعدم الثقة بقدراتهم الإعلامية وللمحافظة على منصبهم قاموا بـ تطفيش كل مواطن عمل لفترة قصيرة لديهم، والأسماء عندي يا دكتور لو احتجت إليها·
أخيراً، العمل الإعلامي لا جنسية له ولا حدود؛ هناك الإعلامي الناجح وهناك الإعلامي الفاشل والفيصل بينهما أمام الناس الميكروفون والشاشة والصحيفة·
امسك بعدد من أعداد الأهرام وهي كما تعلم أكبر جريدة في العالم العربي، مصرية الجنسية ولا زالت تكتب اسمي مؤسسيها اللبنانيين سليم وبشارة تقلا ، ودعنا يا دكتور نبعد عن الاحباطات التي نرسمها بأنفسنا وعقدة الاضطهاد التي تلازمنا، ونشجع البعض بالإبداع لنبني جيلاً إعلامياً يواصل المسيرة ولا يستند إلى فشله لمجرد أنه مواطن·
وأهلاً بكل كفاءة مواطنة كانت أم عربية، والميدان يتسع لجميع المبدعين، وزامر الحي المبدع يطرب الجميع·.
ولك مني التحية وكل عام وأنتم بخير