تشير الإحصائيات والدراسات السكانية إلى أن نسبة الذكور للإناث بين أفراد الجنس البشري هي 1:1، أي أن الذكور والإناث من البشر متساوون في العدد تماماً، على الرغم من أن نسبة المواليد الذكور هي أعلى من نسبة المواليد الإناث. فبالتحديد لكل 100 ولادة لطفلة أنثى، يولد 107 أطفال ذكور. ويعتقد أن هذا الفارق يتساوى بمرور الوقت، نتيجة الاختلافات الوراثية والبيولوجية بين الذكور والإناث، وهو ما يجعل الأطفال الذكور أضعف بيولوجياً، وأكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وللوفيات المبكرة. وبين البالغين في غالبية الشعوب والمجتمعات تزيد نسبة الوفيات بين الذكور، عن مثيلتها بين الإناث من نفس الفئة العمرية، إمّا نتيجة أسباب طبيعية مثل الذبحة الصدرية والسكتة الدماغية، أو نتيجة العنف المتجسد في جرائم القتل، والحروب، والصراعات المسلحة. فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة تبلغ احتمالات وفاة الذكور في متوسط العمر نتيجة جرائم القتل من 3 إلى 6 أضعاف احتمالات الوفيات بين الإناث، كما أن احتمالات وفاة الذكور في حوادث -سيارات وخلافه- تصل 2.5 إلى 3.5 ضعف احتمالات وفيات الإناث، وهو ما يؤدي في مجمله في النهاية إلى تمتع الإناث بمؤمل حياة أو متوسط عمر أعلى من الذكور. ولكن على رغم أن العوامل الطبيعية تصل في النهاية بالنسبة بين الذكور والإناث إلى مستوى متساوٍ، إلا أن هناك عوامل أخرى أحياناً ما تؤدي إلى اختلال واضح في هذه النسبة، خلال فترة زمنية معينة، أو داخل مجتمع أو منطقة جغرافية ما. ومن هذه العوامل، العوامل البيئية، بما في ذلك التلوث الكيماوي، والتغيرات المناخية، والبيئة المحيطة بالأم أثناء الحمل. حيث أظهرت الدراسات أن الضغوط البيولوجية وقت الحمل، كما هو الحال مع نقص وسوء التغذية، تؤدي بوجه عام إلى وفاة الأجنة الذكور بمعدلات أكبر، مما تنتج عنه نسبة مواليد أعلى من الإناث. ويعتقد أيضاً أن ارتفاع معدلات الإصابة بين أفراد المجتمع بفيروس التهاب الكبد الوبائي (B)، يزيد من نسبة المواليد الذكور بالنسبة للإناث، بينما تؤدي مخاطر بيئية -غير مفهومة حتى الآن- إلى العكس. وبوجه عام، يظل تأثير البيئة المحيطة بالأم على نسبة المواليد الذكور إلى الإناث، معقداً للغاية وغير مفهوم بالكامل، بسبب تعارض نتائج الدراسات والإحصائيات السكانية. وإن كانت العوامل الاجتماعية أكثر وقعاً وتأثيراً من العوامل البيئية، في إحداث خلل واضح في نسبة الذكور إلى الإناث، داخل مجتمع ما خلال فترة زمنية معينة. ومن أهم تلك العوامل تفضيل العديد من المجتمعات -وخصوصاً في الدول الفقيرة والنامية- للمواليد الذكور على المواليد الإناث. وهذا التفضيل يتجسد في وأد الإناث بعد ولادتهن، أو إجهاضهن أثناء الحمل، وهي القضية المعروفة بال«100 مليون امرأة مفقودة»، أي عدد الإناث اللواتي يعتقد أنهن أُجهضن كأجنة أو تم وأدهن كبنات. ففي الهند وعلى رغم من أن القوانين تمنع إجراء الفحوصات الطبية الهادفة لتحديد جنس الجنين، وتحرّم إجهاض الأجنة الإناث، أظهر آخر تعداد رسمي ولادة 927 أنثى فقط مقابل 1000 مولود من الذكور، وهو ما دفع البعض للزعم بأنه خلال العقدين الماضيين فقط تم في الهند وحدها إجهاض أكثر من عشرة ملايين أنثى. ويفسر العلماء هذه الظاهرة بأنها نتيجة أسباب اقتصادية في الغالب. ففي بعض الدول الآسيوية كثيراً ما يتخطى المهر الذي يجب أن تدفعه الزوجة عشرة أضعاف متوسط دخل الأسرة السنوي، مما يترتب عليه وقوع الأسر التي تزوج إحدى بناتها تحت نير الديون لأعوام وعقود. والسبب الآخر، هو أن المرأة عند زواجها في تلك المجتمعات، تنتقل إلى أسرة الزوج، ولا تضطلع بمساعدة الأبوين في أعبائهما، أو توفر لهما أي دعم مالي لاحقاً، بينما يظل الأبناء الذكور مع عائلاتهم، مسؤولين عنها مادياً ومالياً إلى آخر أيام حياتهم. وفي الدول التي تعتمد حكوماتها سياسة الطفل الواحد، مثل الصين، تتزايد هذه الضغوط والعوائد الاقتصادية بشكل واضح. وفي الوقت الذي لا يرتبط فيه جنس المولود بعمر الأم، أظهرت بعض الدراسات أن الآباء صغار السن، يرزقون بمواليد ذكور بمعدلات أعلى بكثير من الآباء في متوسط وآخر العمر، وهذا ربما ما يفسر حقيقة أن المجتمعات التي تتسم بالزواج في سن مبكرة، تزداد فيها نسبة المواليد الذكور عن المواليد الإناث.