من بوش الأب إلى ترامب
بدأ يوم الجمعة كما يبدأ عادة: مكالمة أيقظتني في الصباح الباكر، ومقابلة مع الرئيس القادم للولايات المتحدة، وهجوم شخصي بغيض من دونالد ترامب. هكذا كانت الحياة خلال أيام أغسطس الحارة في حملة رئاسية كريهة، لم تقترب بعد من نهايتها البشعة. وفي هذه الأيام، يفاجئ هجوم ترامب الذي خرج عن الحدود، كثيرين ويفاجئني بنفس القدر الذي يحدثه قيام الجرو بقضاء حاجته على سجادة غرفة المعيشة. لقد فهمنا الآن أنه لن يفيد أن تفقد هدوءك مع جرو أو مع دونالد ترامب، نظراً إلى أن أياً منهما ليس لديه سيطرة على مثانته أو فمه.
ولحسن الحظ، أصبحت الأمور أكثر إثارة للاهتمام عندما وصلنا إلى «كينيبونكبورت» لإلقاء خطاب حول حملة 2016 وذهبنا إلى «ووكر بوينت» لزيارة الرئيس بوش الأب وزوجته باربرا. كان «جون ميتشام»، المؤرخ الحاصل على جائزة بوليتزر وكاتب السيرة الذاتية لبوش الأب بالفعل داخل منزل الأسرة جنباً إلى جنب مع «نيكول والاس» عندما وصلنا. وقال «جان بيكر»، كبير المستشارين لبوش، مازحاً عندما انضممنا إلى النقاش: «كل ما نحتاج إليه هو «بارنيكل» حتى تكتمل مجموعة «جو» الصباحية!».
كان جورج وباربرا بوش هما نفس المضيفين المرحبين مساء الجمعة، كما كانا عندما زارت أسرتي كينيبونكبورت قبل خمس سنوات. وسألت باربرا بوش عن أصغر أطفالي، الذي كانت تتذكره جيداً بشكل ملحوظ نظراً إلى العدد الذي لا يُحصى من الضيوف الذين تدفقوا على عالمهم منذ ذلك اليوم من أيام صيف 2011، بيد أن لمستها الإنسانية هي ذلك الشيء الذي يبدو أن الأسرة تستطيع دائماً التعامل معه بسهولة. فهم يجعلون الناس من حولهم يشعرون بأن لهم مكانة خاصة على الرغم من حقيقة أنهم عاشوا مراحل مميزة من الحياة، حيث خدم بوش في الكونجرس، وأدار «اللجنة الوطنية الجمهورية» وترأس وكالة الاستخبارات المركزية، وشغل مناصب سفير واشنطن لدى الأمم المتحدة وسفير الولايات المتحدة في الصين، وكذلك منصب نائب الرئيس رونالد ريجان وبعد ذلك قاد أميركا باعتباره الرئيس الـ41 للولايات المتحدة.
لكن جورج وباربرا بوش لا يتحدثان عن أنفسهما إلا بالمصادفة. إنهما لا يفعلان ذلك ولن يفعلاه. أولاً، لم يكن أبواهما يسمحان بذلك. ثانياً، إن هذا الشيء لم يكن يحدث في العالم الذي أتيا منه. وهذا هو الاختلاف الجذري بين «ووكرز بوينت» ومكتب دونالد ترامب المتوهج في أبراج ترامب التي تقع في «فيفث أفينيو».
وبينما كنت أنا و«ميتشام» نجتاز الدرب الخاص بعد أن ودعنا آل بوش، أعرب جون عن أسفه لأن نفس الحزب «الجمهوري» الذي رشح رجلاً مثل بوش الأب، الذي نادراً ما يتحدث عن نفسه، جاء بعد ربع قرن ليختار رجلاً يجيد الاستعراض على شاشات التليفزيون ولا يكاد يتحدث عن شيء آخر. واقتبس «ميتشام» عبارة من «هنري آدمز» في قوله إن التطور التاريخي من بوش إلى ترامب يثبت أن نظرية داروين للتطور كانت أقل إقناعاً عند تطبيقها على السياسة الأميركية.
وسرعان ما رحلنا بعيداً عن «ووكر بوينت»، ونحن نعلم أن العالم الذي تركناه سيتلاشى سريعاً، مثل غروب الشمس على ساحل «مين» الصخري.
جو سكاربورو: عضو «جمهوري» سابق في الكونجرس
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»