تحت عنوان "المثقف والسياسة في الإمارات" نشرت "وجهات نظر" يوم الثلاثاء 14-12-2004 مقالا للدكتور أحمد البغدادي طالب فيه الصحافة والكتاب والمثقفين الإماراتيين باستخدام المزيد من حرية التعبير، متهماً المجتمع الإماراتي بالسكون وعدم وجود حياة فيه. وأنا أتعجب من الدكتور البغدادي الذي بدأ مقاله بأن له تجربة في الكتابة في الصحافة الخليجية ومنها بالطبع الإماراتية، ولم يتضح من مقاله أنه متابع للصحافة أو المجتمع الإماراتي بأي حال وإلا لذكر ما حدث في وقت قريب جداً في المجتمع الإماراتي، وما أثير بنقل مستشفى الجزيرة إلى مستشفى المفرق في أبوظبي وما حدث من عرض من الصحافة الإماراتية ورد من هيئة الخدمات الصحية لإمارة أبوظبي التي يتبع لها مستشفى المفرق وما أتبعه من أحداث، وكذلك ما أثارته الكاتبة عائشة إبراهيم سلطان بشأن حقوق الموَاطّنة لأولاد المواطنة المتزوجة من غير المواطن، وما أثاره قائد عام شرطة دبي بشأن بعض المحطات الفضائية العربية وتهديده برفع دعوى قضائية إن لم تلتزم بمعايير المجتمع العربي المسلم ذي الأخلاق القويمة، وموقف بعض كتاب الإمارات مثل عبدالله رشيد من هذا الموضوع وغيره كُثر. ونذهب إلى الوراء قليلاً، فهناك حادثة سقوط طائرة كيش الإيرانية بالشارقة أوائل العام الحالي، وما صاحبها من صدام مع شرطة الشارقة، وما أثاره الكاتب علي العمودي بشأن هذا الموضوع. وأعتقد أن الدكتور البغدادي لم يتابع إفرازات هذه المواقف داخل المجتمع الإماراتي.
ما سبق هو تذكير ببعض المواقف التي صاحبتها سخونة وحركة في الأحداث داخل المجتمع الإماراتي في فترة تكاد تكون سنة وهناك المزيد لمن يريد أن يبحث ويعرف. ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما الذي يرمي إليه الدكتور البغدادي؟ ولماذا ينادي أو يفضل إزعاج المجتمع سياسياً واجتماعياً وفكرياً بالصحافة المشاغبة؟ أعتقد أن الصحافة هي خدمة عامة حيوية مكلفة بأداء رسالة أخلاقية ومعنوية إلى عموم البشر ولابد أن تكون عادلة ودقيقة وأمينة ومستقلة وشريفة، وصحافة الإمارات رغم حداثتها وظهورها المتأخر نسبياً إلا أنها وصلت إلى درجة متقدمة ومتطورة جداً من النضج الفكري والوعي الصحفي آخذة دورها في المساهمة ببناء المجتمع وتنميته وتطوره بخطى ثابتة وواثقة ومدركة لدورها العربي والإسلامي وأضحت منبرا لتبادل التعليق والنقد. وكتاب ومثقفو الإمارات ومسؤولو الصحف لا يوجد عندهم "الغاية تبرر الوسيلة".
في النهاية هناك سؤال ينتظر الإجابة من الدكتور أحمد البغدادي وهو: إذا كانت حرية التعبير غير موجودة وما هي إلا فقاعات صابون وتصريحات لذر الرماد في العيون، لماذا سُمِحَ بنشر مقالته التي يطالب فيها بحرية التعبير عن الرأي في صحيفة إماراتية؟
سمير خليل-أبوظبي