الصحافة الدولية
بوتين "يتربح" سياسياً من الأزمة الأوكرانية.. والصين تكثف تعاونها مع العالم العربي
كيف استفاد الرئيس الروسي من الأزمة الأوكرانية؟ ولماذا تكثف بكين اهتمامها بالعالم العربي؟ وهل أصبحت مكافحة الفساد مهمة استراتيجية للجيش الصيني؟ وماذا عن معضلة تراجع معدلات المواليد في كوريا الجنوبية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.
مكسب داخلي
في مقاله المنشور أول أمس الأحد، بـ"ذي موسكو تايمز" الروسية، وتحت عنوان "كيف يستغل بوتين أوكرانيا للنيل من خصومه"، استنتج "فلاديمير فرولوف" أن الرئيس الروسي ربما يفشل في منع أوكرانيا من إبرام اتفاقية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن على الصعيد الداخلي، حقق بوتين بالفعل مكاسب من وراء موقفه الاستراتيجي تجاه أوكرانيا، حيث يسعى إلى إرساء نمط من السياسات القومية المحافظة في روسيا. الإنجاز الأساسي الذي حققه، يكمن في التخلص من أي سجال حقيقي حول البدائل المطروحة لسيناريوهات المستقبل الروسي. فقبل أقل من عام، كان المجال السياسي مفتوحاً لطرح بدائل ديمقراطية لنظام بوتين. وضمن هذا الإطار، طرح "أليكسي نافلني" أثناء حملته الانتخابية للفوز بمنصب عمدة موسكو، رؤية يدمج من خلالها القيم الليبرالية والقومية في حزب سياسي جدير بالديمقراطية الأوروبية، كما أن ميخائيل بروخروف سعى لجعل حزبه منافساً غير راديكالي لبوتين، وطرح فكرة ربط روسيا بأوروبا. أزمة القرم، وحرب موسكو بالوكالة في شرق أوكرانيا حولا السجال الروسي من حوار صحي حول أداء بوتين كرئيس للبلاد إلى مناقشات مسمومة حول الحرب وأعداء روسيا، خاصة وأن الدعاية الروسية تعاملت مع الانتفاضة الشعبية في أوكرانيا على أنها انقلاب فاشي برعاية أميركية. المشهد الأوكراني سمح لبوتين بالظهور كرئيس يخوض حرباً، ما ضيّق أفق السجال السياسي حول رؤى بديلة في روسيا باستثناء معاداة الغرب.
الصين والشرق الأوسط
تحت عنوان «الصين تحوّل انتباهها إلى الشرق الأوسط»، كتب «مينجاو زاو» مقالاً يوم الجمعة الماضي في «جابان تايمز» اليابانية، أشار في مستهله إلى أن تنامي العنف في العراق وسوريا أمر يحظى باهتمام الصين وبقية دول العالم. ويبدو أن الشرق الأوسط يحظى الآن باهتمام صيني غير مسبوق. «زاو»، وهو زميل معهد «شارهار»-مركز بحثي صيني معني بالسياسة الخارجية- لفت الانتباه إلى أن الرئيس الصيني دعا نظراءه العرب إبان المؤتمر الوزاري السادس للتعاون العربي الصيني إلى تطوير علاقاتهم الاستراتيجية بالصين عبر تعزيز التعاون الثنائي في مجالات تمتد من التمويل إلى الطاقة وتقنيات الفضاء. وهذا يعكس هدفاً أوسع نطاقاً تسعى الصين لتحقيقه، وهو الرد على المحور الآسيوي الذي تسعى الولايات المتحدة لتدشينه، وكي توازن تركيزها على الغرب، وذلك من خلال تعزيز علاقتها مع العالم العربي. العلاقات الاقتصادية بين الصين والعالم العربي شهدت نمواً خلال العام الماضي، ونمت التجارة بين الطرفين من 25.5 مليار دولار عام 2004 إلى 238.9 مليار دولار عام 2013. وباتت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي، وأكبر شريك تجاري لتسع دول عربية، وخلال السنوات العشر المقبلة، من المتوقع أن يصل حجم التجارة الصينية- العربية إلى 600 مليار دولار. كما أن الاستثمارات الصينية في قطاع الإنشاءات تعزز علاقات بكين بالعرب. وفي ظل حكم الرئيس الصيني «زي جيبنج»، يسعى العملاق الآسيوي إلى إعادة تشكيل علاقاته مع العالم العربي انطلاقاً من استراتيجية مفادها «التحرك نحو الغرب» ويأتي في إطارها «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، الذي يمتد من طريق الحرير القديم في آسيا الوسطى، ويشمل أيضاً طريق الحرير البحري الحديث، ضمن مبادرة روّج لها الرئيس الصيني بكثافة في المنتدى العربي- الصيني الأخير في العاصمة بكين. ولتحقيق ذلك، طرح رئيس الوزراء الصيني «لي كيكيانج» تدشين ممر تجاري يربط بين الصين وباكستان، وممرات أخرى تربط بين الصين وبنجلاديش والهند وميانمار. وحسب الكاتب، فإن الطاقة هي محور رئيسي في العلاقات الاقتصادية بين الصين والعالم العربي، حيث حققت واردات الصين من النفط العربي نمواً سنوياً خلال الفترة من 2004 إلى 2013 بنسبة 12 في المئة، بمتوسط 133 مليون طن نفط سنوياً، لذا تأتي استراتيجية التوجه الصيني غرباً كي تضمن حصول بكين على واردات آمنة من مصادر الطاقة، حيث بحلول 2030 ستحتاج الصين 800 مليون طن من النفط سنوياً، وسيكون عليها استيراد 75 في المئة من احتياجاتها النفطية.
مكافحة الفساد
وفي الصين أيضاً، وتحت عنوان «جيش التحرير الشعبي يكافح الفساد»، نشرت «تشينا ديلي» الصينية، يوم الخميس الماضي، افتتاحية رأت خلالها أنه قبل 370 عاماً انهارت سلالة «مينج» الحاكمة التي سيطرت على الصين خلال الفترة من 1368 إلى 1644م جراء الفوضى، وأسباب كثيرة من أهمها انتشار الفساد في كل أرجاء الإمبراطورية الصينية، ولم يكن الجيش الصيني آنذاك استثناء من حمى الفساد، وثمة شواهد تاريخية مفادها أن منصب الجنرال في الجيش كان بالإمكان شراءه. وتقول الصحيفة إن سلالة «كينج» الحاكمة التي استمرت في السلطة خلال الفترة من 1644 إلى 1911 لم تتعلم الدرس، وتورطت خلال عقود حكمها الأخيرة في الفساد، علما بأنها استوردت السلاح وحصلت على أفضل السفن الحربية والمدافع والبنادق من الغرب، وخاضت حرباً تلو الأخرى إلى أن لاقت مصيرها. التاريخ -حسب الصحيفة- يعلمنا كيف أن الفساد مرض قاتل عندما يصيب أي مؤسسة عسكرية، وجيش التحرير الشعبي مصمم على اجتثاث الفساد. ومثل أي مؤسسة يديرها البشر، ليس لدى الجيش الصيني حصانة من الفساد بنسبة 100 في المئة، لكنه مصمم على التحقيق في أي قضية فساد، ومعاقبة أي شخص متورط فيها بغض النظر عن منصبه. ومنذ تدشينه، لا يتسامح الجيش الصيني مع تهم الفساد، ووفق قانون صدر في ثلاثينيات القرن الماضي، يعاقب أي ضابط بالإعدام إذا ثبت أنه يقتطع أموالاً من مرتبات الجنود. وترى الصحيفة أن الحرب على الفساد قد تكون طويلة وصعبة، لكن الجيش الصيني واثق من أنه سينجح في هذه المهمة. ومن خلال اجتثاثه الفساد بمقدور الجيش الصيني، أن يصبح جيشاً كفؤاً يستطيع الدفاع عن الأمة والشعب الصينيين.
تراجع مواليد كوريا
تحت عنوان «جهود عقيمة»، نشرت «كوريا هيرالد» الكورية الجنوبية، يوم الجمعة الماضي، افتتاحية، أشارت في مستهلها إلى أن المجتمع الكوري يشيخ بسرعة، وأن معدلات المواليد فيه باتت من بين أقل المعدلات في العالم، والحكومة الكورية الجنوبية أنفقت في السنوات الثماني الماضية 53 تريليون "وون" من أجل زيادة معدلات المواليد، وكانت النتيجة محدودة. وكالة الاستخبارات الأميركية نشرت معلومات مفادها أن معدل خصوبة المرأة الكورية الجنوبية -أي عدد ما تنجبه طوال حياتها- وصل خلال العام الجاري إلى 1.25 طفل وبذلك تصبح كوريا الجنوبية في الترتيب 219 من حيث معدلات الإنجاب من إجمالي 224 دولة، ومعدلات الخصوبة فيها باتت أقل من نظيرتها في سنغافورة وماكاو وهونج كونج. ولدى كوريا الجنوبية معدلات مواليد منخفضة، حيث يصل متوسط عدد المواليد لكل ألف نسمة 8.26 مولود، وتحتل المرتبة 220 من بين 224 دولة، متوسط هو الأقل بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ عددها 34 دولة. اللافت أن كوريا الجنوبية مرت بفترة طويلة من تراجع معدلات الخصوبة والمواليد مقارنة بدول أخرى لديها اقتصادات متطورة، وهذا يعكس بدوره عدم تحسن شروط الزواج أو ظروف تربية الأطفال، وذلك رغم برامج اجتماعية حكومية ومبادرات خاصة تسعى لتحسينها.
الصحيفة استندت إلى تقرير لوزارة العمل الكورية الجنوبية مفاده أن 175 شركة من أصل 1519 شركة يتجاوز عدد موظفيها 500 موظف، لم تحصل أية موظفة فيها خلال السنوات الخمس الأخيرة على إجازة أمومة، ما يعني أن ثمة فجوة بين الضمانات القانونية الخاصة بإجازة الأمومة وما يتم تطبيقه فعلياً داخل الشركات. وتنوّه الصحيفة إلى أن كوريا الجنوبية ليست وحدها التي تعاني من انخفاض معدلات المواليد، ففرنسا على سبيل المثال تمكنت من زيادة معدلات الخصوبة لديها إلى 2.1 طفل لكل امرأة، وهو المعدل الأعلى في أوروبا، بفضل سياسات ناجحة تضمن رعاية الطفل، كما تطبق اليابان خطة طموحة لزيادة معدلات المواليد بنسبة 2.06 في المئة بحلول عام 2030، ما يعني أنه ينبغي على الكوريين الجنوبيين تكثيف جهودهم لعلاج مشكلة تراجع المواليد.
إعداد: طه حسيب