أفضل ثروة لهذا البلد هو الإنسان.. هذا هو نهج زايد بن سلطان، رحمه الله، الذي كان يقول: إن ما ترونه من حقائق مادية على أرض وطنكم لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة عمل شاق ودؤوب، ونتيجة الالتزام القوي والمثابرة. ما حدث ليس مقطوع الجذور ولا يعود فقط للعقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، بل هو نتاج موروث ثقافي واجتماعي تأصل فينا ووصل إلينا من الآباء والأجداد الذين واجهوا الصعاب التي تفوق كل تصور وخيال. إننا مدينون لهم في كل ما نتمتع به من قدرة على البناء وجدية في العمل وتصميم على النجاح، لذلك فإننا نقول دوماً بأن الشعب الذي لا يفهم ماضيه، ولا يستوعب منه العبر والدروس، لن يكون قادراً على التعامل مع تحديات الحاضر واستحقاقات المستقبل. هذا هو نهج الإخلاص والجد في العطاء، فما عهدناه من ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا هو تلاحم أبناء الشعب مع قيادة الدولة لتذليل كل ما نواجهه من تحديات، فالتنمية هي مقياس أداء الحكومات، وهذا المقياس هو المعمول به عالمياً اليوم. وحينما تقاس الحكومات وأداؤها يؤخذ بعين الاعتبار مدى التقدم الذي حققته الدولة، ومدى التنمية التي صنعتها، وهذا هو المقياس الصحيح، وينبغي على المجتمعات أن تتفاعل مع برامج التنمية ومشاريع الإعمار، وأن يتوجه كل مواطن إلى الإنجاز والفاعلية، من أجل بناء وطنه. في كل بلد هناك فئة من المواطنين تُطالب بأشياء كبيرة، ونحن لا ننكرها على هذه الفئة، فتلك المطالب من حقها، وصانها القانون بالنص عليها في النظام الأساسي في الدولة. وعندما تطالب هذه الفئة بحقوقها المشروعة، فإن عليها أن تدرك أن الدولة وظفت الإمكانات كافة لتحقيق متطلبات الشعب، وهي لا تمنع أحداً من المطالبة بحقوقه. لكن وفي المقابل، يجب على هذه الفئة رعاية مصالح الوطن ومكتسباته.. وعلينا جميعاً أن نحافظ ونصون الوطن ونقدر ونحترم ونجل قادتنا وتكريسهم لوقتهم للعمل الدائم ومتابعتهم للممارسات كافة التي من شأنها أن تنهض بالمواطن أولاً والوطن ثانياً.. ويكون من المؤسف تصرف البعض عندما يطالب بحق من حقوقه التي قد تتأخر بسبب عذر ما، فيتحول إلى «ناكر للجميل» وينتقد ويطبل ويصرح بأن الوطن لم يقدم له شيئاً! قيادتنا وكما تعلمون توجه القطاعات الحكومية كافة لتلبية مطالب الشعب، وهي تأمر بالمنح وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذا لا ننكره ولا ينكره أحد، لا من قريب ولا من بعيد. وعندما يخطئ مسؤول في إحدى الوزارات أو الدوائر، فإنه يجب ألا نعمم الخطأ على الجميع. وواجب على الموظفين كافة، على اختلاف مستوياتهم، أن يكونوا أكثر قرباً من الناس، وأن يتفهموا حاجاتهم ومطالبهم. إننا نريد من المسؤولين أن يتفانوا ليكونوا عنوان إمارات الخير.. أما من لا يعجبه العجب، فلا يمكننا إقناعه بعظم المنجزات ولا بضخامة المصروفات، ابتداء من التعليم والطرق والمساكن والخدمات، وانتهاء بالمرافق الترفيهية. القيادة في الإمارات تسعى لأن يكون الشعب واعياً بحقوقه وواجباته، يقوم بواجبه من نفسه، ولا يأخذ إلا حقه وأن يكون وفياً وعنواناً للطمأنينة والعمل الجاد لبناء المعرفة. شعب يحافظ على ما تم إنجازه من أعمال كلفت الكثير من المال والوقت والجهد.. شعب قوي وهذا لا يتحقق إلا بقوة مؤسسات الدولة.. والدولة القوية تضم بين صفوفها رجالاً ونساءً قادرين على مواكبة تحديات العصر. خدمة الإمارات واجب على الجميع، فقيمة الإنسان بعطائه وعمله، وعلمه لأن العمل خالد. فاليوم أبناء هذا الوطن المعطاء، وبكل فخر، أضحوا يشكلون السواعد القوية القادرة على بناء المزيد من صروح التطور والتقدم.. فالمسؤوليات التي تقع على عاتق الجميع أمانة عظيمة وبذل مستمر وعطاء سخي. لن تتوقف طموحات وتطلعات الإمارات، فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، كل في مكان وجوده. وما نجنيه من نجاح اليوم، هو إنجاز كافح أجدادنا لبنائه، ولن نقف أمام الشدائد، فعزائمنا نحن شعب الإمارات كفيلة بتحقيق غايتنا. أما القلة القليلة المتذمرة والمنتقدة لكل شيء، فنقول لها: كفاكم تذمراً وشكوى، ولنكن عمليين أكثر وإيجابيين، ونجد الحلول بدلاً من التشكي العقيم، فالإمكانات متاحة والأرض خصبة والهمم عالية.