يُقرن الإيمان بالأمل والأصالة والصلابة والأمانة قبل أن يستقر في النهاية على شعار العلم والإيمان. يقرن الإيمان بالأمل النفسي دون دلالة معينة أو نظرية مجردة. بل مجرد تحول من الخارج إلى الداخل، ومن المجتمع إلى الفرد. فالإيمان لا يتناقض مع العمل أو البحث أو العلم. وتقرن بالإيمان الأصالة، فالإيمان هو اليقين الديني، والأصالة اتجاه نحو التراث الحضاري. فأهم صفات الشعب المصري تمسكه بالإيمان واعتزازه بالأصالة والإيمان نقي خالص بريء من التعصب ومتطهر من الشوائب التي علقت بجوهره في عصور الاضمحلال البعيد بما ينسب إليه زوراً من روح التواكل التي لا تعرف المسؤولية والتعلق بالخرافات ونفي دور إرادة الإنسان والمجتمع في أن يواجه أمور حياته المستمرة مستعيناً بما أودعه الله فيه من عقل ميزه به على سائر المخلوقات. ولكن شتان ما بين الكلام المعسول والواقع المر، فقد ازدادت الاضطرابات الطائفية، كما عمت الروح الاتكالية، وسادت الخرافة أكثر فأكثر، وقلت نسبة التفكير العقلاني. والإيمان هو الأمانة التي يحملها كل الناس نحو الخالق، فقد أوصت كل الأديان بالإيمان، إذ يحتاج الناس في أشد الأوقات إلى شحن نفوسهم بالإيمان، وعندما يرفض الشعب الهزيمة فإنه يعتمد على الإيمان. ونادرا ما يظهر مضمون الإيمان مثل الإيمان بالهدف وبالأرض. وغالباً ما يكون إيماناً دينياً خالصاً، إيماناً بالله وبنصره وقوته وتأييده، الإيمان هو المسؤولية والأمانة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يحملها للشعب، والتي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال وحملها الإنسان. لقد جاء الإسلام بالإيمان، ليجعل من الأمة أمة الإيمان. والإيمان يعطي القوة. أما الأصالة فلا تمنع من التجديد، فقد كان للمجددين في تاريخ الأمة شأن رفيع. وللأمة حق في التصرف في أمور الدنيا. وظروف العصر ليست بأقل من حق الأسلاف العظام الذين جددوا وابتكروا في أمور دنياهم وظروف عصرهم. والتجديد لا يعني بالضرورة قطع الجذور عن التراث القومي والحضاري والروحي للشعب ولا يعني ذلك أية رغبة في التمييز أو الاستعلاء، ولكن المناطق ذات التراث الحضاري العميق، طبقاً لاستقراء التاريخ لا يمكن بحكم الطبيعة أن تنطمس هويتها تحت أي ضغط. إن الانطلاق من هذه الجذور يحمي التنوع في الحضارات والشخصيات ويثري العالم بتعدده ويغني تجاربه. ثم يظهر ثالوث آخر تقرن فيه الصلابة بالإيمان والأصالة، فتصبح الصلابة والأصالة والإيمان. وأبعاد الشخصية المصرية هي الأصالة والصلابة والإيمان. وابن البلد هو الذي تتحقق فيه هذه الصفات الثلاث: الأصالة والصلابة والإيمان. وقد أصبح شعار العلم والإيمان شعاراً لدولة المؤسسات ابتداء من مايو 1971 فتذكر ورقة أكتوبر التي تعتبر بديلاً عن «الميثاق» شعار «العلم والإيمان» وضرورة تحقيقه، وأنه شرط التقدم الحضاري، وأنه إحدى مهام المرحلة الحالية. إن بناء الدولة لابد وأن يقوم على أساس من الدولة العلمية التي لا تتخلى عن الإيمان ولكن لابد أن تأخذ بكل أسباب العلم أيضاً. وهذا أقره الدين. وبناء الدولة الجديدة لابد وأن يقوم على هذين المبدأين المتلازمين: العلم والإيمان. العلم والإيمان طريق ثالث. إذ لابد من بناء الدولة على العلم والإيمان. بناء مصر العربية العظمى بالعلم والإيمان. والعلم وحده من غير الإيمان قد يقي شر الغزو المادي ولكن دون النفوس. والعلم والإيمان شرطان أساسيان لاجتياز محنة الأمة الإسلامية التي لم تفرق في تاريخها بين العلم والإيمان. فقد تفوقت في الرياضيات والفلك وعلوم الدين، ونقل الغرب هذه العلوم عنها. العلم والإيمان متلازمان في الرسالة والعقيدة، ولابد من العودة إلى ما كانت عليه الأمة من علم وإيمان، وبناء دولة العلم والإيمان وبناء المجتمع الإسلامي الجديد على أساس العلم والإيمان. الإيمان أخوة ومحبة ويقين، ومستقبل المجتمع الإسلامي هو الإيمان الكامل برسالات السماء التي تفيض سماحة وصلابة وقوة وأصالة. ورداً على سؤال عن تصور الدولة المصرية الحديثة، أجاب أحد الرؤساء بأنها دولة العلم والإيمان. العلم يعني تكنولوجيا العصر والإيمان أي عدم تحول الشباب إلى «هيبز» مثل المجتمع الأميركي فيكونوا مثلهم ويفقدون الهدف لأن الدولة أمامها بناء وعمل وجهد كبير. والتقدم الحضاري يقوم على العلم والإيمان. يعني شعار العلم والإيمان، وهو شعار النظام بعد 1970 أن العلم هو السلاح الذي لا يستطيع أحد بغيره أن يدخل العصر وأن يبني مجتمع الإخاء والعدل، ويعني الإيمان أنه مصدر الطاقة الهائلة التي يمتلكها هذا الشعب الأصيل كما أنه مصدر الهداية له على طريقه المليء بالصعاب والتحديات. وهو الإيمان بالله وكتبه ورسله، الإيمان الذي يقيم الحق والعدل، الإيمان الذي يرفع ألوية الحب والاطمئنان لا ألوية الحقد والتزمت والبغضاء. من الواجب إذن تربية الأجيال الشابة على الإيمان وعلى قيمته الحقيقية والحذر من استغلال هذا الإيمان أو الانحراف به الذي يدمر جوهره، ويطمس نوره، ويشوه جماله وجلاله. وهو ما تنتهي إليه عمليات الانحراف عن جوهر الدين وعلاقته بالحياة. وهذه هي المسؤولية الملقاة على رجال الدين وأجهزة التربية والإعلام الديني وهي تباشر دورها في تعريف الأجيال بدينها وإضاءة حياتها بقيمه الإنسانية الرفيعة. ولابد من بناء الإنسان الجديد في إطار الأصالة العصرية وعلى أساس من العلم والإيمان. ولابد من بناء المجتمع العربي المتقدم بالعلم والإيمان. بل إن الشعار يتحول إلى أسلوب للتهنئة. ففي ذكرى المولد النبوي الشريف كان ذلك الرئيس السابق يقول «كل عام وأنتم في أسمى درجات العلم والإيمان». وتقوم التنمية العقلية على أساس العلم والإيمان. فالوطن يحتاج إلى أصالة، وإلى كل القدرات على الفكر والعمل المبني على الإيمان واليقين. الهدوء في أعماق النفس يعطيه الإيمان وحده واليقين يعطيه العلم. ويطالب بتحقيق الشعار من علٍ، كتوجيه من السلطة التي تطالب بالعلم والإيمان. فقد أعلن ذلك النظام منذ بدايته بأن الدولة دولة العلم والإيمان. وقد أصبح ذلك أيضاً شعار الاشتراكية الديمقراطية. ويبدو أن شعار العلم والإيمان عند البعض يرتكز على طرف الإيمان أكثر مما يرتكز على طرف العلم. إذ كثيراً ما يذكر الشعار ثم يركز الشرح على الإيمان وحده. والإيمان شرط العلم. وإن أحدث ما في العلم من تكنولوجيا ولكن بدون الإيمان لن يفيد شيئاً. وفي الوقت نفسه وعلى نقيض شعار العلم والإيمان نادراً ما تتم الإشارة إلى المضمون الواقعي للإيمان مثل القوة والاستعداد. والقوة تدل على أنه لابد من أحدث أنواع الاستعداد. ورداً على سؤال خاص بوقوف جيل الشباب عند رؤية جديدة وهل كان مخاض الرؤية الألم العظيم بعد نكسة 1967 أم الإيمان بعد 10 رمضان، أجاب الرئيس الأسبق حينئذٍ: كلاهما. فبدون الإيمان ما كان بالإمكان ما تم إنجازه. فللإيمان فعل مؤثر ونداء المعركة «الله أكبر» فعل فعله في 6 أكتوبر. ويعطي لحرب أكتوبر الاسم الهجري العاشر من رمضان للتأكيد على الجوانب الإيمانية في فعل الدفاع عن الوطن.