مشكلات التعليم الخاص
أبرزت بعض الصحف المحلية في الآونة الأخيرة على صفحاتها العديد من شكاوى أولياء أمور حول تجاوزات بعض المدارس الخاصة، وتحديداً فيما يتعلق بارتفاع الرسوم والتكاليف الدراسية من ناحية، أو عدم الرضا عن مضمون العملية التعليمية ومخرجاتها من ناحية ثانية، وضعف مستوى المعلمين من ناحية ثالثة، وهي مشكلات تؤثر سلبياً في جودة العملية التعليمية، وتجعل العديد من الأسر لا تثق في المستوى التعليمي الذي تقدمه المدارس الخاصة. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل ظهرت أيضاً شكاوى لبعض المدرسين والمدرسات العاملين في قطاع التعليم الخاص، من بينها أن عدد ساعات العمل التي يقضونها تفوق النصاب المحدد، إضافة إلى قيامهم بأعمال إدارية خاصة ليس لها علاقة بالمناهج والبرامج، وكذلك تكليفهم بتدريس بعض المواد من خارج تخصصاتهم لتغطية النقص أو لغياب بعض المدرسين، بالإضافة إلى انخفاض أجورهم التي لا ترتقي إلى مستوى عطائهم وخبراتهم ومؤهلاتهم، وهي مشكلات تشير في جوهرها إلى أن عدداً من مؤسسات التعليم الخاص لا تلتزم باللوائح الحاكمة للعملية التعليمية في الدولة، وأن هدفها الرئيسي هو تحقيق الربح على حساب جودة العملية التعليمية، لهذا من الضروري العمل على إيجاد حلول فاعلة لهذه المشكلات، خاصة في ضوء المؤشرات الإحصائية التي تؤكد تنامي عدد المدارس الخاصة، وتزايد أعداد الطلاب الذين تستقبلهم عاماً بعد عام، فقد بلغ إجمالي عدد المدارس الخاصة في إمارات الدولة ومدنها 489 مدرسة، فيما بلغ إجمالي عدد المدارس الحكومية في جميع إمارات الدولة ومدنها بلغ 685 مدرسة، ما يعني أن التعليم الخاص شريك رئيسي في العملية التعليمية.
والحقيقة أن هناك إدراكاً من جانب المسؤولين في الدولة لواقع المشكلات في التعليم الخاص، وهناك تحرك إيجابي للتعامل معها، حتى إن الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي، رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، كان قد اعتمد في شهر مارس 2013 اللائحة التنظيمية للمدارس الخاصة في إمارة أبوظبي، وهي اللائحة التي تقدم حلولاً لمشكلات التعليم الخاص، حيث تنص على ضرورة الالتزام بجوانب رئيسية معينة كالقيم التعليمية الأساسية، وفي مقدمتها تعزيز الهوية الوطنية واللغة العربية، وحصول المدرسة على الترخيص والاعتماد اللازمين، وكذلك الجوانب المتعلقة بالحوكمة والإدارة والعاملين بالمدارس، كما توضح متطلبات اختيار مديري المدارس ومساعديهم والمعلمين وغيرهم من الموظفين والتقارير والمستندات والسجلات المدرسية، بالإضافة إلى الرسوم الدراسية. فيما تعمل وزارة التربية والتعليم على إدخال إضافات جديدة على قانون التعليم الخاص، تتعلق بالعقوبات التي يجب أن تفرض على المدارس الخاصة عند مخالفتها لأي بند من بنود القانون، وخاصة فيما يتعلق بترخيص المدرسة، والتقويم المدرسي، والنظم والسياسات الداخلية المتبعة، وشروط تعيين الكادر الإداري والتعليمي، إضافة إلى تطوير الخدمات عبر اشتراطات تتوافق مع النظم التربوية الحديثة، فضلاً عن تقنين المصروفات الدراسية، تفادياً لفرض أي رسوم إضافية من دون الرجوع إلى الوزارة.
إن التحرك الإيجابي والفاعل لحل مختلف المشكلات في التعليم الخاص أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، فإضافة إلى أنه يعيد الثقة إلى هذا القطاع الحيوي من جانب أفراد المجتمع، فإنه يسهم أيضاً في الارتقاء بمنظومة التعليم العامة في الدولة بوجه عام، وبما يتواكب مع رؤية القيادة الرشيدة التي تعطي التعليم أهميّة محورية وتنظر إليه على أنه مفتاح التقدّم والرقي في المجالات كافة.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.