الوقود الحيوي... صديق للبيئة ويخلق فرص عمل
إذا كان الأميركيون جادون بشأن كبح تغير المناخ فعليهم أن يستخدموا القليل من البنزين والكثير من الوقود الحيوي النظيف الاحتراق مثل الإيثانول، لأن احتراق الوقود النفطي هو أكبر مصدر لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تساهم في تغير المناخ.
ولا يحافظ وقود حالياً على السيارات والشاحنات الأميركية مثل الإيثانول. ولسوء الطالع، يتعرض في الوقت الحالي واحد من أهم حوافز نمو الوقود الحيوي - المعايير الاتحادية للوقود المتجدد - لهجوم من مشرعين تم تضليلهم ومؤيدين لشركات النفط الكبيرة.
وبينما يبلغ متوسط الدعم للنفط والغاز 4.86 مليار دولار سنوياً، لا تحظى صناعة الإيثانول بخصم ضريبي ولا تكلف معايير الوقود المتجدد دافعي الضرائب شيئاً لأنها ببساطة معايير (بند في قانون الطاقة لعام 2005) تطالب مستخدمي البنزين أن يخلطوا به كميات متزايدة من الوقود المتجدد.
في جلسات استماع الأسبوع الماضي، استمعت لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب الأميركي إلى طائفة من الآراء بشأن معايير الوقود وإنتاج الوقود الحيوي. لكن عدداً من المشرعين القلقين من ارتفاع كلفة الذُّرة - مصدر الإيثانول - جادلوا من أجل إبطال إجازة استخدام الوقود الحيوي، قائلين بأن التخلص من التفويض بإنتاج الإيثانول سوف يخفض أسعار الذرة بعد أن قلصت موجة جفاف المحصول.
قد يكتب أعضاء اللجنة مسودة تشريع في الشهور المقبلة تستهدف تعديل التفويض لإنتاج الوقود المتجدد. لكن حتى تعديله سوف يخلق عدم يقين يثبط الاستثمارات المتنامية في تكنولوجيات الوقود الصديقة للبيئة والتي تساعد في خلق وظائف. وحالياً يضخ مستثمرون أموالهم في مشروعات واعدة ويستخدم الأشخاص الذين يمزجون بين البنزين ومواد أخرى المزيد من الوقود المتجدد، فلماذا نغير القواعد في منتصف اللعبة؟
هل يرفع الطلب على الذرة لإنتاج الإيثانول أسعار الغذاء؟ ليس بالقدر الذي يزعمه المحذرون. فالمنزل الأميركي المتوسط يدفع 86 في المئة من إنفاقه على الطعام على كلفة إنتاج الطعام وليس المواد الخام. وتتضمن كلفة الطعام الطاقة والنقل والمعالجة والتغليف والتسويق وغيرها. 14 في المئة فقط تدفع للمواد الزراعية. فإنتاج الإيثانول الأميركي يستهلك أقل من ثلاثة في المئة من إمداد الحبوب في العالم. ومع المكاسب طويلة الأمد للإنتاجية، يستطيع المزارعون الأميركيون مواصلة إطعام العالم وإمداده بالوقود.
لكن معايير الوقود المتجدد والإيثانول تعارضها أيضاً شركات إنتاج النفط العملاقة وحلفاؤها الذين لا يريدون منافسةً أقل سعراً وتلوثاً. لكن كفاية الإيثانول تتحدث عن نفسها. فهو لا يرفع أسعار البنزين بل يكلف حالياً أقل منه بما يتراوح بين 60 و70 سنتاً في الجالون الواحد. وقد قلص الإيثانول متوسط إنفاق الأسرة الأميركية على البنزين أكثر من 1200 دولار عام 2011.
لقد أصابت إدارة الرئيس الأمريكي أوباما في دعمها معايير الوقود المتجدد وأيضاً البحث والاستثمار لتنمية الجيل التالي من الوقود الحيوي. وطالبت خطة أوباما للعمل بشأن المناخ بـ«تقليص انبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري من قطاع النقل».
وأظهرت دراسة تلو الأخرى أن استبدال الإيثانول بالبنزين يساعد في تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، المتسبب الأساسي في الاحتباس الحراري، بما يترواح بين 30 و50 في المئة. وخلصت دراسة نشرت في صحيفة علم البيئة الصناعي بجامعة يال، إلى أن الإيثانول المستخلص من الحبوب يقلص الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري بما يتراوح بين 48 و59 في المئة، مقارنة بالبنزين. ومازال الإيثانول يقلص الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنحو 34 في المئة. ووُجه الاتهام بأن الاستخدام الأكبر للإيثانول سيؤدي إلى تقليص الغابات المطيرة. لكن رغم أن استخدام الإيثانول يتزايد، فتدمير الغابات المطيرة يتقلص.
ومع اعتماد نموذج استخدام الطاقة وغازات الاحتباس الحراري وتقنين الانبعاثات في النقل، والذي طورته وزارة الطاقة، فإن 13.3 مليار جالون من الإيثانول المنتج في أميركا عام 2012 قلص انبعاثات الاحتباس الحراري بما حجمه 33.4 مليون طن. وهذا يماثل تماماً إزالة 5.2 مليون سيارة من الطرق الأميركية.
ولأن الايثانول مصنوع من مواد نباتية متجددة، فثاني أكسيد الكربون المنبعث من سيارات تحرق الوقود الحيوي «يعاد تدويره» من الذرة وقصب السكر والأشجار ومحاصيل نباتات إنتاج الإيثانول الأخرى التي تستهلك ثاني أكسيد الكربون في نموها.
ومنذ العمل بمعايير الوقود المتجدد، بدعم من الرئيس الأميركي في حينه بوش الابن والسناتور في حينه أيضاً باراك أوباما، زاد إنتاج الولايات المتحدة من الإيثانول من 6.48 مليار جالون عام 2007 إلى 13.3 مليار جالون العام الماضي. وبعد تحقيق فوائد بيئية ملموسة، وبعد أن أصبح الوقود الحيوي خياراً لسائقي المركبات، تسهم صناعته بـ400 ألف وظيفة أميركية وتنعش المجتمعات الريفية.
وفي الوقت نفسه، ومع المطالبة باستخدام أكبر للإيثانول غير المعتمد على الحبوب (الإيثانول السليلوزي)، تحفز معايير الوقود على استثمارات وابتكارات في الجيل التالي من الوقود الحيوي يبشر بفوائد بيئية أكبر.
ويجري بالفعل تطوير صناعة ومنشآت الوقود الحيوي السليلوزي في أكثر من عشرين ولاية باستثمارات تصل مليارات الدولارات الخاصة. وبحلول عام 2030، تستطيع الولايات المتحدة إنتاج 75 مليار جالون من الوقود الحيوي السليلوزي سنوياً.
وأعلن الرئيس أوباما في كلمته التي طرحه فيها خطة العمل بشأن المناخ، أن «الاقتصاد النظيف والأقل كربوناً، يمكن أن يكون محركا للنمو لعقود تالية... وأنا أريد بناء هذا المحرك».
على المشرعين الأميركيين دعم - وليس عرقلة - معايير الوقود المتجدد التي تساعد في المحافظة على عمل المحرك بطريقة نظيفة.
بوب دينين
الرئيس وكبير المديرين التنفيذيين لجمعية الوقود المتجدد ونقابة صناعة الإيثانول الأميركية
خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»