يمثل النهوض بالعملية التعليمية أحد أهم الأهداف التي تحرص دولة الإمارات على تحقيقها، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بدور التعليم في تقدّم الأمم والشعوب ونهضتها، ولهذا فإن العمل على تطوير منظومة التعليم بعناصرها المختلفة يشكل أولوية ملحّة، كي تستجيب لأهداف الدولة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ومن هذا المنطلق، جاءت مبادرة "محمد بن راشد للتعلم الذكي"، التي أطلقها مؤخراً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله فهذه المبادرة التي تشمل مدارس الدولة جميعها بتكلفة مليار درهم، وسيتمّ تطبيقها بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم و"الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات" في الدولة، تستهدف في الأساس إيجاد بيئة تعليمية جديدة في مدارس الدولة، من خلال التحرّك على أربعة مسارات رئيسية، أولها، تغيير البيئة الصفية، حيث سيتم تغيير بنية الصفّ الدراسي ليضم مساحات أوسع وعدد طلاب أقل، بالإضافة إلى تطبيق مفهوم الصفوف الذكيّة في مدارس الدولة جميعها، واستخدام برمجيات تشاركية ذكية، حتى يتمكن الطلاب من تنفيذ مشروعاتهم وبحوثهم، ومناقشة الدروس مع أساتذتهم بشكل تشاركي إلكتروني. ثانيها، تطوير بنية تحتية إلكترونية متقدّمة في المدارس جميعها تضم شبكات الجيل الرابع فائقة السرعة، التي تتميّز بالأمان وتتناسب مع أعمار الطلاب من ناحية المحتوى الإلكتروني الذي توفره. ثالثها، تطوير مجموعة من المناهج التعليمية المساندة للمنهاج الأصلي، تهدف إلى تسهيل استيعاب الطلاب للمناهج الأصلية والتوسّع في التطبيقات العملية لما يتم تدريسه. أما المسار الرابع، فيتعلق بتوفير خدمات متعدّدة لأولياء الأمور لمتابعة تحصيل أبنائهم إلكترونيّاً، والاطلاع على مشروعاتهم التعليمية، وإبداء الملاحظات والاقتراحات، أي العمل على إشراكهم في العملية التعليمية باعتبارهم طرفاً أصيلاً في عمليّة التطوير. لقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بهذه المناسبة، أن التطوير الجذريّ للتعليم جزء أساسي من "رؤية الإمارات 2021"، ويمثل ضرورة وطنية للتنمية المستدامة، لأن الطريق نحو مستقبل أفضل لدولة الإمارات يبدأ من المدرسة، وهذا يعكس بوضوح الرؤية المتكاملة التي تتبناها الدولة لتطوير منظومة التعليم، سواء في ما يتعلق بالمضمون، أو الأهداف المستقبلية المتوقعة منه، كي تتواكب مع حركة التطوّر التي تشهدها في المجالات كافة، وهذا يتضح بجلاء لدى الاطلاع على المبادرات والخطط المتعلقة بتطوير التعليم بمراحله المختلفة في الدولة، فمثلاً تركز استراتيجية تطوير التعليم العالي، التي أعلنها "مجلس أبوظبي للتعليم" على زيادة الإنفاق المخصّص للبحوث والتطوير ليصل إلى 4,9 مليار درهم بحلول عام 2018، ورفع مستوى جامعتين في أبوظبي لتصبحا في قائمة "أفضل 100 جامعة في العالم"، وإنشاء جامعات قادرة على إصدار براءات الاختراع والابتكار باعتبارها مقياساً لأداء البحوث. لا شكّ في أن الارتقاء بواقع التعليم، وتعظيم مخرجاته، يعتبران استثماراً حقيقيّاً في حاضر الوطن ومستقبله، ليس لأنه يرتبط بالعنصر البشريّ القادر على المنافسة بفاعلية في سوق العمل، وإنما لأن وجود تعليم نوعي وعصري أصبح السبيل الحقيقي نحو بناء مجتمع المعرفة القائم على اكتساب المعرفة وإنتاجها وتوظيفها في خدمة التنمية أيضاً، وهذا يفسّر كيف أن هناك إرادة سياسية قوية تدعم خطوات إصلاح النظام التعليمي، وتساند عملية التطوير التي يشهدها هذا القطاع الحيوي بمراحله المختلفة، من أجل أن يكون نظامنا التعليمي واحداً من أفضل خمسة نظم تعليمية متطوّرة في العالم في غضون السنوات القليلة المقبلة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية