سألني صديق مرعوب عن تصوراتي للحال لو انفجر برميل الأزمة بين إيران والغرب أو اندلعت حرب جديدة في الخليج، فسألت صديقي بثقة وهدوء عن حال رجل مشهود له بالكرم والعطاء والتسامح واحترام الآخرين وإنصافهم إذا ما جار عليه الزمان، فقال إن الله لا ينسى الإنسان الخيّر. وسألته عن حال بيت مشهود لأصحابه بالكرم والعطاء التسامح واحترام الآخرين وإنصافهم لو حدثت كارثة في الحي، فقال إن الله لا ينسى الخيّرين، فقلت إن الأمر نفسه يحدث مع الدول والأمم والشعوب، إن الله لا ينسى الدول والأمم والشعوب الخيّرة أو التي يغلب عليها الخير. عندما تكون دولة ما معرضة للخطر، فإن السياسيين يعقدون الاتفاقيات ويقيمون التحالفات بما يضمن توازن القوى، والاستراتيجيون يقيسون المخاطر ويضعون الخطط، والعسكريون يبدأون في تجهيز أسلحتهم وتعبئة قواتهم، ورجال الدين يرفعون أيديهم بالدعاء، وكل هذا يدخل ضمن الأخذ بالأسباب، لكنها لا تكفي لدرء الخطر، وكم من دول أخذت بالأسباب لكنها لم تنج وتعرضت للتفكك أو للغزو أو للإذلال، لأن الأساس "خربان" كما يقولون، نسوا الله فنساهم. ومن شواهد الكرم الإماراتي التقرير الأول لمساعدات الإمارات الخارجية الذي أُعلن عنه مؤخراً، حيث بلغ حجم مساعدات الإمارات الخارجية منذ قيام الدولة أكثر من 163 مليار درهم من خلال 21 جهة إنسانية وخيرية في الدولة بغرض مكافحة الفقر والجوع والمرض في كافة أنحاء العالم، وهي حصيلة غير نهائية بحسب التقرير، وأن 95 بالمئة من مساعدات الإمارات الخارجية لسنة 2009 والتي بلغت 9 مليارات درهم، مما يعادل واحد بالمئة من الدخل الوطني الإجمالي، وهي من أعلى النسب في العالم، ذهبت لأكثر من 90 دولة في أنحاء المعمورة على هيئة منح لا ترد وبلا شروط، لئلا تشكّل أي ضغوط اقتصادية على الدول المستفيدة، لأننا "نشأنا على حب الخير... وعلى عمل المعروف... ولا نبغي بهذه الأعمال مفاخرة أو تباهياً بين الناس... يكفينا رضا الخالق ودعاء المخلوقين... وهي أعمال تتطلبها طبيعتنا الإنسانية وحبنا للخير وفطرتنا عليه"، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في حفل إطلاق التقرير. المساعدات الخارجية التي قدمتها الدولة ليست إلا وجهاً واحداً من وجوه الخير الإماراتي، ولا أظن أن صفحات الجريدة ستكفي لذكر الأمثلة والشواهد على بقية أوجه الخير التي "جاء بها ديننا الإسلامي الحنيف ورسّخها الآباء المؤسسون، خاصة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد طيب الله ثراه"، كما جاء في كلمة الشيخ محمد بن راشد. ولعلّ وجود رعايا 200 دولة على أرض الإمارات، خير شاهد على مدى التسامح واحترام الآخرين وإنصافهم الذي تتحلى به دولة الإمارات العربية المتحدة. وغني عن البيان أن النصيب الأكبر من خير الإمارات ينعم به المواطن الإماراتي في المقام الأول. ليس عندي مثقال ذرة من شك في أن الإمارات ماضية في طريقها نحو الازدهار والتنمية، سواء مرّت الأزمة الإيرانية- الغربية بسلام أو حدث عكس ذلك، ولا حاجة لمجرد التفكير في الطرح الغريب الذي طرحه أستاذ جامعي من الكويت بدعوته الدول الخليجية "الصغيرة" للاندماج مع الدولة الخليجية الأكبر وإلا كانت عرضة للابتلاع من جانب إيران، لأن الله لا ينسى الخيّرين، ولأن أساسنا سليم.