هناك سؤال ظل لسنوات متداولاً بين الأفواه: لماذا نحن مبتلون، لا بل مستعبدون?، لماذا يُطلق الغرب شعارات ونحن نرددها كالببغاء ولا نطبقها؟ منذ إعلان الحرب على العراق ومن قبلها الشعارات التي أطلقوها بأنهم آتون لتحرير الأرض من "البعثيين" ذلك الغول الكبير الذي أخاف العالم العربي وفي طريقه أخاف أميركا الجبارة. وبمجموعة من الحجج والأكاذيب تواردت أحاديث أطلقها الأميركيون عن الحرية والديمقراطية مطبقين كلمة "غوبلز" لهتلر: (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق أنت نفسك أن الكذب حقيقة).
وبانتهاء نظام صدام لاحت في الأفق البعيد بالونة أخرى تشبث بها العراقيون، إنها أميركا ذاك البلد الحر صاحب الحرية والديمقراطية لكن في هذه اللحظة كبرنا، فكان من المستحيل أن تنطلي علينا هذه الخدعة. وهنا ساد العالم بأكمله الصمت ووقف الكل ينتظر بين مؤيد ومعارض وشاجب. ومع هذا الصمت الصاخب انفجرت من بعيد البالونة القرمزية وذهبت وأخذت معها كماً هائلاً من الأماني الواعدة، بأن الأميركيين انتهكوا كرامة العراقيين في سجن "أبوغريب". لكن هناك سؤالاً: هل فعلاً أن بوش لم يكن يعلم بتلك الفضائح؟ وإن كان الجواب لا فلماذا لا يزال يدافع على رامسفيلد ويصفه ببطل الأمة الأميركية. ولماذا نُشرت هذه الفضائح في هذا التوقيت بالضبط؟ وعلى ماذا يراهن بوش في هذه الحرب؟ والسؤال الأكثر إثارة لماذا وقفت الأنظمة العربية مكتوفة الأيدي ولم تحرك ساكناً حتى أنها هذه المرة لم تشجب (كعادتها) الأفعال الأميركية؟ ألم يقتنع بوش بعد بأن بغداد والشعب العراقي بكل قومياته وطوائفه ليسوا سلعة عبثية بيد الأميركيين والغرب وإن الكم الهائل من الشعارات التي أطلقوها اكتشف العالم أنها مجرد أوهام؟
فضيلة أبو ترابي - تونس