الصور المتعددة للمرأة في الأمثال العامية المصرية، التي هي في هذه الحالة، نموذج للثقافة الشعبية والتراثية العربية، صورٌ تعبر عن أوضاع المرأة إجمالاً في المجتمعات التقليدية القديمة. وهي أمثال وتصورات ما زالت مؤثرة كثقافة شعبية في المجتمعات المعاصرة، تعوق حركات التغير الاجتماعي باسم الحداثة المنقولة، دون أن تبدأ بإعادة بناء الثقافة الشعبية كما جسدتها الأمثال العامية.
الزوجة هي الصورة الأكثر شيوعاً وتردداً وتفصيلاً في الأمثال العامية المصرية. وأعلى الدرجات في الزواج ذلك الذي يأتي عن حب ووفاق وتآلف بين الرجل والمرأة مثل "إن كان بدّك تصون العرض وتلمّه جوّز البنت للي عينها منّه". فأساس الزواج هو العواطف والاختيار الحر للمرأة المبني على الحب وضرورة طاعة الأب وإقراره لهذا الاختيار دون قهر أو إجبار أو بناءً على مصلحة أو الزواج من أجل الزواج. وأيضاً "جوزها له، ما لها إلا له". فالزواج اتفاق حر بين اثنين، ورضا متبادل. وهو الأساس الشرعي للزواج. وأيضاً "العروسة للعريس، والجري للمتاعيس". فالألفة بين الاثنين هي الأساس وليس الأهل أو المجتمع. وقد يقع الاتفاق أيضاً في الأسماء مثل "جوزوا زقزوق لظريفة". وعلى هذا الأساس تظهر الحمية بين الاثنين وحسن التعامل والتفاهم "لقمة الراجل معترة، ما تاكلها إلا المشمرة". فكلاهما على القدر نفسه من الذكاء والسلوك العملي. ولا ريب أن يكون الزواج من الطبقة نفسها حتى يكون زواجاً سعيداً حتى ولو كانت الطبقة الدنيا "جوزوا مشكاح لريمة، ما على الاتنين قيمة". فالحب قد يكون في الفقر وقد يكون في الغنى، أخوة ومحبة في الطبقة. الفقر يجمع والغنى قد يفرق.
ويقتضي هذا الوفاق التكامل في الداخل وحسن المظهر في الخارج. فإن كان الرجل بحراً تكون المرأة جسراً على شاطئيه "إن كان الرجل بحر تكون المرأة جسر". إن كان الرجل غضوباً تكون المرأة عاقلة. وإن كان فيضاناً تمنعه من الإغراق وإلحاق الضرر بالغير. والألفة بينهما تمنع من إفشاء أسرارهما إلى الخارج "الراجل ومراته زي القبر وأفعاله". وفي الخير هنا يكون الإعلان، إعلان الرجل عن زينته وجماله للمرأة، بل وإعلان للمرأة وزينتها وجمالها للناس "ألبس يعجب مراتك، ولبِّس مراتك تعجب الناس". زينة الرجل لامرأته في مقابل ما يوحي به الشرع من زينة المرأة لبعلها. وزينة المرأة للناس في مقابل ما يقرره الشرع أو العادة من الحجاب.
لذلك وجبت على الرجل رعايتها واحترامها وتقديرها أمام الناس، وعدم الإضرار بها أو نفي شخصيتها وإرضاؤها وحمايتها من الغربة مثل "اللي يقول لمراته يا عورة، تلعب بها الناس الكورة". فمن لا يحترم زوجته لا يحترمها الناس. والاحترام في المنزل شرط الاحترام في المجتمع وأيضاً "اللي يقول لمراته يا هانم، يقابلوها على السلالم". فإذا احترم الرجل امرأته احترمها الناس. وأيضاً "إن كان الرجل غول، ما يكلش مراته" نظراً للحب المتبادل بينهما وإثباتاً لشخصيتهما، من أجل التكافؤ بين الطرفين. والضرر الواقع على المرأة هو في الوقت نفسه ضرر واقع على الرجل "قال جاتك داهية يا مرة، قالت على راسك يا راجل". فالرجل والمرأة متساويان في المنافع والأضرار، ويحرص كل منهما على الآخر في السراء والضراء. بل إن موطن الرجل وسكنه هو موطن امرأته وسكنها "قالوا يا جحا فين بلدك قال اللي مراتي فيها". فنسبة الرجل ليست إلى بلده بل إلى بلد امرأته. ولا يأخذ الرجل امرأته إلا إلى ما يعرف من بلاد حتى لا يخاطر بها "مرتك ماتزورهاش في البلد اللي ما تعرفهاش".
ومصير المرأة هو الزواج. المرأة هي أساساً زوجة. وهو الذي يجعلها أماً وحماة وضرة. لذلك تعلن المرأة عن نفسها، فالزواج حقها "تقعد تحت الحَينيّة، وتقول يامّه مالوش نيّة". ويمكن أن يكون ذلك مثلاً على الحياء والتظاهر بغير الحقيقة. وكذلك الشيء نفسه بالنسبة للرجل. فمصيره المرأة. وحياة العازب حياة جحيم. يتمنى الزواج بقلبه إن استعصت الظروف. ويتوق لسماع الحديث عن الزواج ويستعذبه تعويضاً له عما يفقده "اركب حمارة العازب وقدِّته". أما العانس فلا مكان لها إلا بيت الأب ما دامت لا تخرج منه إلى بيت الزوج "البايرة أولى ببيت أبوها"، وليس في الطريق.
لذلك تحرص المرأة على مكانتها كزوجة. فلا بديل عن الزوج عند الأب يحضر الأب في غياب الزوج، ويحضر الزوج حتى ولو حضر الأب. والعيش مع الزوج حتى ولو كانت حياة جهنم خير من العيش مع الأب حتى ولو كانت حياة جنة "جهنم جوزي، ولا جنة أبويا". وفي صيغة أخرى "نار جوزي، ولا جنة أبويا". فلا غناء عن الرجل. وإذا كان على المرأة أن تستظل بما يحميها فالأفضل "ضل راجل ولا ضل حيطة". وعلى المرأة أن تصبر على الرجل حتى ولو أساء الرجل معاملتها. فليس لها إلا هو حتى يعمر بيتها، "حُرة صبرت في بيتها عمرت" وحتى لا تخرب بيتها بيديها. فأذى الرجل طارئ وليس دائماً. والمهم لها الرجل في حد ذاته وليس بالضرورة غناه أو مكانته أو قدره. فالرجل في النهاية هو الرجل "أقل الرجال يِغْني النساء". فالزواج إذن هو م