الإيدز... تكلفة اجتماعية واقتصادية باهظة
طرحت صحيفة "الإمارات اليوم" في "مانشيت" رئيسي لها، أول من أمس، مؤشرات خطيرة حول مرض الإيدز في الدولة تضاف إلى قائمة الأخطار الصحية المتنامية التي تعانيها الدولة وتحتاج إلى مواجهات صريحة. الأرقام التي نشرتها الصحيفة، نقلاً عن مصدر رفيع في وزارة الصحة، تشير إلى أن هناك 600 من المواطنين مصابون بمرض الإيدز يتلقون العلاج في الإمارات حالياً. وربما يكون هذا الرقم لا يمثّل العدد الحقيقي للمصابين بهذا المرض، إذ إن عدداً كبيراً من حاملي فيروس الإيدز لا تشملهم الإحصاءات الرسمية إما لأنهم لا يتلقون العلاج في المؤسسات المحلية الصحية أو لا يعرفون أصلاً أنهم مصابون بهذا المرض.
وبافتراض أن هذا الرقم يمثّل كل المصابين بالإيدز في الدولة، وبالنظر إليه من حيث نوعية المصابين بهذا المرض، إذ أن 95% من هؤلاء المرضى من الذكور، وأن أغلبهم من فئة الشباب ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20 – 40 سنة، فإن كل ذلك يجعل من هذا الرقم مؤشراً خطيراً يهدّد الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، خاصة أن أغلبية الذين يحملون فيروس الإيدز أصيبوا به عن طريق إبر "المخدرات" الملوثة، ما يطرح قضية أخرى لا تقل خطورة عن المرض نفسه.
وإذا كان هناك اهتمام رسمي برز في الآونة الأخيرة ويتمثّل في الاتجاه نحو إقامة عيادات خاصة للتعامل مع المرض في كل مراكز الرعاية الصحية الأولية في الدولة، فإن المطلوب أن تتحرّك الأجهزة المعنية لحماية الأجيال الناشئة من الإصابة بالعدوى، وأن تخرج برامج التثقيف والوعي الصحي من المكاتب والقاعات المكيّفة إلى المدارس والجامعات والشوارع، فالمستهدفون الحقيقيون بهذه الجهود ظلّوا حتى الآن خارج دائرة التوعية والتثقيف الصحي، خصوصاً شريحة المراهقين والشباب من الذكور، الذين ينخرطون بنسب أعلى من النساء في سلوكيات ضارة بالصحة تحمل معها مخاطر الإصابة بعدوى الإيدز، وأهم تلك السلوكيات تعاطي المخدرات ولا سيّما عن طريق الحقن، وممارسة الجنس خارج إطار الزواج، إلا أن ذلك لا يدعو للاهتمام بالرعاية الصحية للرجال من دون النساء، فلكل من الرجال والنساء دوره المهم في مواجهة الإيدز الذي يؤثر في الأسرة كلها كما يؤثر في المجتمع بأسره، وللجميع احتياجاته التي يجب وضعها في الاعتبار عند التخطيط للخدمات الصحية.
إن المستوى الحالي للالتزام بمكافحة مرض الإيدز والعدوى بفيروسه لا يرقى إلى مستوى جدّية هذه المشكلة، التي تهدّد الأسرة والمجتمع، كما تؤثر سلباً في متوسط الأعمار ومعدلات الإنتاجية لثروة بشرية مواطنة نادرة نسعى إلى الحفاظ عليها وتنميتها بشتى الطرق. إن مرض الإيدز مرض غير مسبوق في طبيعته وخصائصه وفي معدلات انتشاره، وبالتالي فإن أسلوب معالجته يجب أن يكون أيضاً غير تقليدي. كما أن إنكار وجود المشكلة ليس في مصلحتنا على المدى البعيد، إذ إننا كلما بدأنا في مكافحة المرض وهو لا يزال في بدايته أمكننا السيطرة عليه ومنع انتشاره. فعلى وسائل الإعلام أن تقوم بدور أنشط في الحملة الخاصة بمكافحة الإيدز من خلال رؤية أكثر واقعية.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.