بازار انتخابي!
من خلال المطالعة اليومية للصحف الزاخرة بآخر أخبار المرشحين لعضوية المجلس الوطني، يسبح القارئ في نهر من الأحلام والتمنيات. فالخطط والبرامج الطموحة التي يطرحها المرشحون، ملأى بحسٍ وهمٍ وطني جميل، وتنوء بأثقال مشاكل المواطنين من كافة الفئات، وتفيض رغبة وألماً في حل عدد من المعضلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع.
لكن هل من صلاحيات المجلس أن يحل كل هذه المشاكل والهموم؟ من الممكن حل المشكلات، إذا توفرت آليات ووسائل تمكن المرشح بعد تبوئه المقعد البرلماني من توظيف مطالبه في صورة مشروع قانون يعزز من نجاح برنامجه الانتخابي.
فمنظومة التمكين التي يتعين توفيرها لأفراد المجلس، من خلال صلاحيات واسعة تمكنهم من محاسبة الوزراء وكبار الموظفين وسن التشريعات والقوانين، لا يزال أمامنا وقت لتطبيقها، حتى يتمكن المجلس من ممارسه دوره الفعلي، وهو دور لا يمكنه من تفعيل العديد من الطموحات الانتخابية.
فهم طبيعة عمل المجلس ودوره الأساسي، مرتكز رئيسي يفترض بالمرشحين إدراكه إلى أعمق نقطة، فهذه البرامج الطموحة التي تزخر بها أحاديث المرشحين لابد من مراجعتها، وغربلتها.
فالنوايا الطيبة أو الصادقة لا تكفي في هذا السياق، فمثل هذه البرامج تفتقر للمصداقية، لأنه ببساطة يصعب تحقيقها وتفعيلها، فالمرشح الذي يحدوه الأمل لمثل هذه الحلول لمعضلات طال عليها الأمد، لا يمكنه التعاطي مع كل هذه الطروحات، وهو غير قادر من الناحية القانونية على تنفيذ كل هذه الخطط.
فالمجلس ليس لديه كل تلك الصلاحيات التي يتمناها المرشح، ولعل الوعي الثقافي والسياسي كان مهماً في عملية اختيار المرشح، ليدرك أبعادا مهامه في هذه المرحلة الأولى من العملية الانتخابية.
وعلى رغم وجود كل هذا الهم لدى كل الناس عموماً، فإن التطرق إلى هذه الهموم في البرامج الانتخابية، لا يجعل من تلك البرامج شيئاً جديداً أو باحثاً عن حلول، خاصة وأننا لا زلنا في المرحلة الأولى من عملية المشاركة الشعبية التي تهدف إلى تعزيز رفاهية المواطن وتحقيق أحلامه البسيطة.
لكن، لنقل إن "الأمل" مفردة عذبة بشكل مطلق، وهو أيضاً السعي المنوط بأشواط وأشواط لتحقيق ما نحلم به جميعاً ونحمله كهمٍ يومي من أمور بحسب أن البحث عن حل لها أبسط بكثير مما هي عليه في الواقع.
لا نريده بازاراً انتخابياً، إنه الفعل "الأولي" في المشوار الطويل، لذا استلزم الدخول بخطوة دون الكثير من التفاصيل حتى لا تضيع المحاولات سدىً.