اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد المستتر أو الاقتصاد الموازي مصطلحات كلها تطلق ليعنى بها شيء واحد ألا وهو كافة الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المنشآت ولكنها لا يتم إحصاؤها بشكل رسمي ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية ولا تدخل في حسابات الدخل القومي ولا تخضع للنظام الضريبي ولا للرسوم ولا للنظام الإداري والتنظيمي· ويشمل اقتصاد الظل أنشطة اقتصاديةً مشروعةً ولا تتعارض مع الأعراف والمبادئ والقيم والعادات الموروثة مثل كافة الأعمال المنزلية التي يقوم بها أفراد الأسرة الواحدة أو بمساعدة جيرانهم وأقربائهم في المناسبات المختلفة والتي لا يتم تسويقها بل يتم استهلاكها داخل المنزل مثل طهي الطعام وتنظيف الملابس وتنظيف المنزل والعناية بالحدائق المنزلية وأعمال الصيانة الخفيفة للمنزل أو لبعض الأجهزة والأدوات، وكافة الأعمال التي يقوم بها أصحاب المنشآت الصغيرة لصالح منشآتهم دون أن يتقاضوا عليها عوائد مباشرة ودون أن يتم قيدها في السجلات المحاسبية للمنشأة· ومن الأمثلة كذلك استخدام الإنسان لسيارته الخاصة كسيارة أجرة كما يحدث في موسم الحج واستخدام الإنسان لمنزله أو جزء منه للإيجار بشكل غير رسمي· ومن الأمثلة على الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة التي تدخل تحت مسمى الاقتصاد الخفي تجارة المخدرات وتجارة السلع المسروقة والسلع المهربة ولعب القمار وتهريب البشر بين الدول والرشاوى والاختلاسات وكافة صور الفساد المالي التي تؤدي إلى كسب المال بطرق غير مشروعة واختفائه من القيود المحاسبية في القطاعين العام والخاص· والمقايضات غير الرسمية وغير المشروعة بالسلع والخدمات والمصالح والمنافع التي تقود إلى الفساد الإداري والمالي·
ولقد أظهرت دراسات أجراها صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد الخفي تزداد معدلاته في الدول النامية والدول الشرقية (جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً)· حيث إن نتائج المسح الإحصائي الذي أجري خلال الفترة من 1988 وحتى 2000 أظهرت أن الاقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط كان في الدول النامية يتراوح ما بين 35-44%، وفي الدول الشرقية يتراوح ما بين 21-30 %، وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يتراوح ما بين 14-16%·
ولقد أظهرت نتائج الدراسات التي تمت في الفترة 1998-2000 على دول متنوعة من العالم أن حجم الاقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي كان مرتفعاً في بعض الدول مثل نيجيريا 77%، وتايلاند 70%، ومصر 69%، وبوليفيا 67%، وروسيا 44%، ويوغوسلافيا 34%، واليونان 30%، وإيطاليا 27%، والدول الاسكندنافية فوق 20%، وشيلي 19%· وكان منخفضاً في دول أخرى مثل سويسرا 9%، وأوزبكستان 9%، النمسا 10%، والولايات المتحدة الأميركية 10%، وسلوفاكيا 11%، وجنوب أفريقيا 11%، وهونج كونج 14%، وسنغافورة 14%·
كما أثبتت الدراسات أن معدلات نمو اقتصاد الظل تكون أعلى في الدول النامية عنها في الدول المتقدمة· وقد يعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها:
(1) الأنظمة الضريبية غير العادلة، والتي تدفع الأفراد والمنشآت إلى البحث عن الحيل والطرق التي تمكنهم من التهرب من الضرائب وتزوير الحسابات، أي أنها تقودهم إلى الاقتصاد الخفي· حيث إن النظام الضريبي يجب أن يتسم بمبادئ العدالة والشمول والعموم والتوازن، وأن فقدان أي من هذه المبادئ قد يقود بالفعل إلى ظهور الاقتصاد الخفي·
(2) الأنظمة السياسية غير العادلة، والتي قد تخلق أنظمةً اقتصاديةً غير عادلةً أيضاً·
(3) إن ارتفاع نسبة مساهمة الأفراد في الضمان والتأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد قد يدفعهم إلى البحث عن وظائف خفية (غير رسمية) يكسبون منها· وقد تمت ملاحظة أن بعض العاملين في الأنشطة الاقتصادية الخفية وخصوصاً في الدول النامية يفضلون هذه الأنشطة ويرتاحون إليها إلى درجة أنهم قد يرفضون بالفعل فرص العمل الأخرى الرسمية عندما يجدونها· وقد يكون مكسبهم من الوظائف الخفية يفوق مكسبهم من الوظائف الرسمية بالنسبة لمن لديهم وظائف رسمية·
(4) إن مستويات الأجور المادية والمعنوية المتدنية والتي لا تتناسب مع مستوى المعيشة، وأنظمة الحوافز والترقيات التي تفتقر إلى العدالة، قد تشجع الأفراد الذين يقع عليهم الظلم وأولئك الذين يعرفون عنه وتدفعهم إلى التهرب من الوظائف الرسمية إلى الوظائف الخفية·
(5) إن تعقد الإجراءات الإدارية والتنظيمية وارتفاع الرسوم في أسواق العمل لا شك قد تدفع الأفراد إلى البحث عن فرص العمل الخفية·
(6) تعقد الإجراءات الإدارية والتنظيمية والقضائية والأمنية في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية، والتي تدفع الأفراد إلى اتباع الحيل والسبل الكفيلة بتجاوزها، أي تدفعهم إلى الاقتصاد الخفي·
(7) الفجوة الكبيرة بين مخرجات المؤسسات التعليمية (أي عرض العمل) من ناحية والطلب على العمل من ناحيةٍ أخرى· حيث يؤدي ذلك بدوره إلى خلق جيش من البطالة، ثم تدفعها ظروف المعيشة إلى البحث عن فرص العمل غير الرسمية في الاقتصاد الخفي·