ستبقى دارفور جرحاً نازفاً في خاصرة السودان إلى أن يقيض الله للسودان ولدارفور من بنيه، من يعمل جاداً وصادقاً لإيقاف هذا النزيف الدموي الذي يدفع ثمنه الوطن كله· وستظل القوى الأجنبية صاحبة الأهداف والأجندة المعادية للعرب تستغل مأساة دارفور لنشر سمومها ودعاياتها الموجهة ضدهم في كل منبر ومحفل، لتصور ما جرى ويجري في دارفور بأنه الإبادة والتصفية العرقية، يمارسها بكل وحشية عرب دارفور نحو الأفارقة ''اقرأ الزنوج'' المساكين الذين عاشوا وما زالوا يعيشون تحت ظل الاضطهاد والعدوان العربي·
ولن يهم تلك القوى المعادية أن تزيف وتزوّر وتصور أحداث دارفور -التي يجب أن تكون همّ كل السودانيين- على أي نحو تريد، وليس همها وشغلها هم أولئك ''الأفارقة المضطهدين المساكين''· المهم عندها هو تشويه سمعة ''العرب السودانيين'' واستعداء العالم عليهم·
والدليل على ذلك ما حدث في المؤتمر اليهودي العام للجاليات والمنظمات اليهودية الكندية الذي انعقد في مدينة تورنتو، وحضره أربعة آلاف مدعو من بينهم وفود من المملكة المتحدة وروسيا والأرجنتين وأثيوبيا والولايات المتحدة الأميركية·
في هذا المؤتمر وقفت سيدة يهودية أميركية ترأس ''منظمة للدفاع عن ضحايا الهولوكوست''، وألقت كلمة نددت فيها ليس بالنازية الألمانية، ولكن بتلك ''الميليشيات العربية'' التي تعيد وتكرر جريمة النازية والمحرقة والتصفية العنصرية بكل وحشية ضد أفارقة ''اقرأ زنوج'' دارفور، ونبهت المجتمعين الذين أدانوا محرقة النازي ضد اليهود قائلة: ''إن التاريخ وأحفادنا سيسألون يوماً ماذا فعلنا لضحايا الهولوكوست الأفارقة في دارفور''؟ وهاجمت وبكل عنف ''أولئك الذين رفضوا في الأمم المتحدة أن يسموا ما يجري في دارفور من محارق ومذابح وإبادة عنصرية ضد الأفارقة المساكين بواسطة الميليشيات والحكومة العربية باسمه الحقيقي··· المحرقة··· الإبادة العنصرية''! ومعلوم أن كندا ودولاً أخرى رفضت أن تنساق وراء مشروع القرار الأميركي بإدانة السودان بالتصفية العرقية! ولم يجرؤ أحد من الحاضرين والمتحدثين بعدها حتى على تصحيح الأرقام والوقائع التاريخية بالغة التزييف التي ذكرتها!
سيظل أعداء العرب يلعبون بكل وقاحة بورقة ''الميليشيات العربية'' التي أسموها ''الجنجويد''· وليس معنى ذلك أنه ليس هنالك في دارفور قضية ومظالم وحروب أهلية دامية، لكن تصوير كل ذلك بأنه حرب إبادة عربية سودانية ضد أفارقة دارفور، يقع ضمن أجندة ليس هدفها مصلحة وحق أهل دارفور بقدر ما هدفها تلطيخ سمعة العرب وتحميلهم أوزار مشكلات اشتركت الطبيعة والتاريخ في صنعها في دارفور· إن الذين يقتلون في دارفور إنما يقتلون بعضهم بعضاً من أجل الماء والمرعى وتراكمات ظلم وسياسة غير رشيدة لم تقصر في حق دارفور وحدها وإنما عم سوؤها السودان كله·
بالأمس عاد من السودان وفد كندي ضم الجنرال المتقاعد قائد قوات الأمم المتحدة إبان الحرب الرواندية، ''رميو دي لاير''، بعد أن قام بزيارة ميدانية إلى دارفور· وفي تصريحات صحفية أعلن ''أنه لا يعتقد أن هنالك حرب إبادة وتصفية عرقية في دارفور··· فالإبادة لم تحدث من قبل وليست حادثة الآن''· أفتى الجنرال الموثوق بخبرته ومعرفته بذلك وأشاد بقوات الاتحاد الأفريقي المتواجدة هناك وحث كندا والمجتمع الدولي على توفير دعم أكبر لها· وهذا قول لا ينفي فقط ما تردده الدوائر الأميركية واليهودية من اتهامات، ولكنه يذهب خطوة أبعد في مطالبته كندا والمجتمع الدولي بدعم الجهود الأفريقية لحل مشكلة دارفور·