أعادت القمة الأفروآسيوية الثانية التي انعقدت في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، يوم الجمعة 22 أبريل، إلى الأذهان ذكرى المؤتمر التاريخي الذي عقد عام 1955 في مدينة باندونج الإندونيسية. في ذلك المؤتمر كانت معظم الدول المشاركة قد تحررت حديثا من نير الاستعمار الأجنبي الذي جثم على صدور بعضها لعدة قرون، وكانت تحاول من خلال اجتماعها التاريخي تأكيد استقلالها في مواجهة مخططات الدول الكبرى التي كانت تهدف إلى إعادة الهيمنة عليها مرة أخرى من خلال الأحلاف العسكرية.
وقد انعقد ذلك الاجتماع الذي حضره عدد من زعماء دول العالم الثالث البارزين مثل الزعيم المصري جمال عبد الناصر، والهندي جواهر لال نهرو، والصيني شو إن لاي، وسط تفاعلات دولية كبرى حيث كانت الدول الكبرى تسعى حينئذ لاستكمال خططها الرامية لترتيب شؤون العالم، التي كانت قد بدأتها في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية. العالم الآن يشهد ظروفاً مماثلة مع بعض الاختلاف في التفاصيل حيث تقوم القوى الكبرى وأميركا على رأسها بإعادة رسم الخريطة العالمية بما يحقق مصالحها في المقام الأول. والسؤال المهم الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو هل ستؤدي القمة الجديدة مع كل التغييرات التي طرأت على الدول الأفرو آسيوية منذ مؤتمر باندونج التاريخي منذ خمسين عاماً إلى تحقيق نتائج إيجابية مثل تلك التي حققها المؤتمر في ذلك الوقت.
وهل يمكن لتلك الدول مثلا أن تقوم من خلال مثل هذا المؤتمر بالاتفاق على السياسات الواجب عليها اتباعها لمواجهة مخططات الهيمنة الجديدة التي أصبحت تتم من خلال أشكال عديدة من التدخل في شؤون الدول سواء الشكل العسكري من خلال الاحتلال المباشر، أو عبر وسائل أخرى مثل آليات العولمة، ووصفات منظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي أم أن المؤتمر ينتهي مثلما غيره من مؤتمرات مماثلة دون تحقيق نتائج تصب في النهاية في مصلحة هذه الشعوب؟.
ماجد الحارث- الأردن