من أراد أن يفهم العلاقات الدولية والفاعلين فيها، فعليه بكتب وأبحاث منظرين جامعيين مرموقين ينتمون لمدارس عريقة وجامعات ومؤسسات مقتدرة، ممن اشتهرت مؤلفاتهم ونظرياتهم على مر السنين، ومن هؤلاء المفكر الأميركي جيمس روزنو الذي كان قد حذرنا بذكاء من مغبة الاضطرابات التي قد تعيشها العديد من مناطق العالم، وقد أضحى العالم أكثر تعقيداً، كما يتجلى ذلك من خلال دراسة سوسيولوجية الأفراد والمستهلكين للقيم والشعارات والذين يفرقون بين مصادر المعلومات والخطابات المتاحة. ويعرف هذا الإنتاج أزمة رباعية بوأت «الفرد المقتدر» في المقام الأول. فهي أزمة المعاصرة في البدء: حيث ينظر إلى العالم الجديد في غزة كما في كابول وبغداد وأبيدجان على أن جودة الحياة قد تدهورت، وأن الخطابات السلفية أو التي تحن إلى «العصور الذهبية» تجد في ذلك ضالتها. ثم إنها أزمة الاندماج، إذ تنتج الشموليةُ المهمشين على صعيد القارة بأسرها (الأفريقية مثلا) والذين يزيدون من حدة الأزمة المذكورة. وثمة كذلك أزمة الدولة التي فقدت الوسائل الضرورية للرعاية والحماية لتلبية متطلبات الضعفاء. وأخيراً هناك أزمة تعميم النموذج الغربي وقد أضحى اليوم موضع انتقاد.
لكن لن تجد في هذه المراجع، وبالأخص عندما تتحدث عن الفاعلين في العلاقات الدولية من دول ومنظمات دولية وإقليمية وشركات عابرة للقارات وأفراد.. تناولا لفاعلين آخرين أشد تأثيراً مثل الأوبئة والكوارث، لأن المنظرين غالباً ما يضعون تأثيرها في حقبة مكانية معينة، لكنهم الآن سيراجعون نظرياتهم بعد الذي وقع ويقع مع فيروس كورونا الذي أودى بحياة آلاف البشر، وأوقف حركة المطارات في جل دول العالم، وفرض الحجر الصحي في العديد من الدول، ووضع الاقتصادات الوطنية والعالمية على المحك وألغى الاجتماعات الدولية والداخلية والأنشطة الثقافية والرياضية، ومنع التجمعات وأغلق المتاحف ودور السينما والمقاهي والمطاعم، وأوقف الدراسة، وجعل بعض الدول (مثل أميركا وإسبانيا) تعلن حالة الطوارئ وتأخذ إجراءات لم تأخذها منذ الحرب العالمية الثانية، كما انهارت البورصات وأضحى الاقتصاد العالمي في أصعب أيامه، ومن باريس إلى نيويورك تثير انتباهك صور السكان الذين يتسابقون إلى أماكن البيع المختلفة لشراء وتخزين المواد الغذائية.
إن هذا الفيروس لا يفرق بين صغير ولا كبير ولا غني ولا فقير ولا رئيس ولا مرؤوس ولا بين القلاع الآمنة ولا الأكواخ المهترئة ولا بين المدن والدول والقارات.. فأينما كانت أسباب العدوى حاضرة يجد الفيروس له مأوى، والله وحده الخالق المتصرف في الكون يعلم كم سيطول هذا الوباء العالمي وكم سيترك وراءه من الموتى في دول المعمور.
تنبأت عدد من الأفلام الهوليودية بفيروسات وأوبئة تجتاح العالم أو مناطق منه وتثير الرعب والهلع، مثل فيلم Contagion (العدوى)، وهو أقرب الأفلام إلى ما يحدث اليوم بسبب فيروس كورونا. ويحكي الفيلم قصة امرأة تعود إلى مينيسوتا مصابةً بمرض غريب بعد رحلة إلى هونغ كونغ، وتموت في غضون أيام تاركة زوجها في حالة صدمة، قبل أن يبدأ الآخرون في الشكوى من الأعراض نفسها مع انتشار المرض في جميع أنحاء العالم. وهناك أفلام أخرى مثل فيلمThe Omega Man وفيلم World War Z وفيلم Pandemic ، وغيرها. لكن لما نقارنها مع ما يجري اليوم بسبب فيروس كورونا؟ لا أحد من مخرجي السينما أصاب في خياله الفني، ولا أحد من الاستراتيجيين المستقبليين تنبأ بهذا كله. ولله الأمر من قبل ومن بعد وإليه ترجع الأمور.
*أكاديمي مغربي
لكن لن تجد في هذه المراجع، وبالأخص عندما تتحدث عن الفاعلين في العلاقات الدولية من دول ومنظمات دولية وإقليمية وشركات عابرة للقارات وأفراد.. تناولا لفاعلين آخرين أشد تأثيراً مثل الأوبئة والكوارث، لأن المنظرين غالباً ما يضعون تأثيرها في حقبة مكانية معينة، لكنهم الآن سيراجعون نظرياتهم بعد الذي وقع ويقع مع فيروس كورونا الذي أودى بحياة آلاف البشر، وأوقف حركة المطارات في جل دول العالم، وفرض الحجر الصحي في العديد من الدول، ووضع الاقتصادات الوطنية والعالمية على المحك وألغى الاجتماعات الدولية والداخلية والأنشطة الثقافية والرياضية، ومنع التجمعات وأغلق المتاحف ودور السينما والمقاهي والمطاعم، وأوقف الدراسة، وجعل بعض الدول (مثل أميركا وإسبانيا) تعلن حالة الطوارئ وتأخذ إجراءات لم تأخذها منذ الحرب العالمية الثانية، كما انهارت البورصات وأضحى الاقتصاد العالمي في أصعب أيامه، ومن باريس إلى نيويورك تثير انتباهك صور السكان الذين يتسابقون إلى أماكن البيع المختلفة لشراء وتخزين المواد الغذائية.
إن هذا الفيروس لا يفرق بين صغير ولا كبير ولا غني ولا فقير ولا رئيس ولا مرؤوس ولا بين القلاع الآمنة ولا الأكواخ المهترئة ولا بين المدن والدول والقارات.. فأينما كانت أسباب العدوى حاضرة يجد الفيروس له مأوى، والله وحده الخالق المتصرف في الكون يعلم كم سيطول هذا الوباء العالمي وكم سيترك وراءه من الموتى في دول المعمور.
تنبأت عدد من الأفلام الهوليودية بفيروسات وأوبئة تجتاح العالم أو مناطق منه وتثير الرعب والهلع، مثل فيلم Contagion (العدوى)، وهو أقرب الأفلام إلى ما يحدث اليوم بسبب فيروس كورونا. ويحكي الفيلم قصة امرأة تعود إلى مينيسوتا مصابةً بمرض غريب بعد رحلة إلى هونغ كونغ، وتموت في غضون أيام تاركة زوجها في حالة صدمة، قبل أن يبدأ الآخرون في الشكوى من الأعراض نفسها مع انتشار المرض في جميع أنحاء العالم. وهناك أفلام أخرى مثل فيلمThe Omega Man وفيلم World War Z وفيلم Pandemic ، وغيرها. لكن لما نقارنها مع ما يجري اليوم بسبب فيروس كورونا؟ لا أحد من مخرجي السينما أصاب في خياله الفني، ولا أحد من الاستراتيجيين المستقبليين تنبأ بهذا كله. ولله الأمر من قبل ومن بعد وإليه ترجع الأمور.
*أكاديمي مغربي