نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ندوته بعنوان: «أمن الخليج: التحديات وآفاق المواجهة»، بتاريخ 24 فبراير 2020. تناولت الندوة محاور مهمة عن الأمن الغذائي والمائي والطاقة، لكن أسلط الضوء هنا على الأمن الوطني لدول الخليج. وقد شكلت كلمة معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، الخطوط العريضة للأمن الوطني الخليجي، حيث ذكر معاليه أن المرحلة الحالية تتطلب تفكيك جوانب المواجهة مع أي قوى خارجية لذلك لابد من دول الخليج في هذه المرحلة أن تطرح تصوراً سياسياً تصل به إلى تفاهمات مستقرة تقيها شر الأزمات المستمرة.
وقد شدد معاليه على أهمية بناء القدرات الوطنية الصلبة لمواجهة التحديات الأمنية وربط ذلك بالعمل الجماعي، الذي يرى فيه الدور المركزي للسعودية وأن يرتبط الأمن الخليجي بالأمن العربي وتحديداً دور مصر كلاعب أساسي لمواجهة التدخلات الإقليمية خاصة من إيران وتركيا.
إشكالية الأمن في الخليج وضحها سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في كتاب: «مجلس التعاون لدول الخليج العربية على مشارف القرن الحادي والعشرين»، بالإشارة إلى أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها عام 1950 بين الدول العربية كانت موجهة فقط ضد إسرائيل، وبالتالي كانت دول الطوق هي المعنية بها، ولم يلق مفهوم الأمن الخليجي الاهتمام الكافي بالرغم ما أوجدته الثورة الإيرانية من تهديدات.
وما زاد الشأن الأمني لدول الخليج تعقيداً هي أزمة قطر، والتي -كما أشار إليها في الندوة الدكتور فهد الشليمي، محلل وباحث سياسي واستراتيجي- أنها لم تكن وليدة الساعة بل كانت بسبب الانحراف السياسي لقطر. فعقيدة دول الخليج السياسية ترتكز على التنمية البعيدة عن الأدلجة التي توظف الدين في السياسة، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية عن طريق التأجيج والتعبوية، لكن قطر اتجهت إلى عقيدة عكس ذلك تماما، تهدد بها أمن دول الخليج وتتطابق مع أيديولوجية إيران وتركيا السياسية. ولهذه الأسباب توقع الدكتور الشليمي أن تستمر المقاطعة الخليجية لقطر خلال عامي 2020 و2021، مع استمرار الأخيرة على نفس المنهج.
إضافة إلى كل تلك التحديات الأمنية، ذكر في الندوة الدكتور خالد باطرفي، أستاذ بجامعة الفيصل، مؤلف ومحلل سياسي، أن طبيعة الشراكة الخليجية مع الولايات المتحدة باتفاقية الأمن مقابل النفط قد تغيرت خاصة بعد التحولات التي قامت بها إدارة باراك أوباما، من خلال مؤامرة ما يسمى بـ«الربيع العربي»، والالتفاف على الشركاء التقليديين بدعم تركيا و«الإخوان»، وتسليم العراق وسوريا ولبنان واليمن لإيران مقابل توقيعها للاتفاق النووي. كل هذه المتغيرات تحفز دول الخليج على توزيع تحالفاتها الدولية مع روسيا والصين، فاليوم تتنافس روسيا والصين على اتفاقيات عسكرية ونفطية مليارية وكذلك إقامة محطات نووية.
إن كل المتغيرات سواء على الصعيد الخليجي أو الإقليمي أو الدولي تجعلنا نركز على أهمية تحالفات بعيدة المدى بمفهوم أمن وطني جديد لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي