في الأيام القليلة الماضية، انفتحت نافذة على السياسة الأميركية تجاه إسرائيل والحقوق الفلسطينية بعد تعليق من السيناتور بيرني ساندرز على هذه السياسة وبعد إدانة لتعليقه من جماعة مؤيدة لإسرائيل. فقد سُئل ساندرز في برنامج «سي. إن. إن. تاون هول» بشأن ما ستبدو عليه العلاقات الإسرائيلية الأميركية في إدارته المحتملة، فرد قائلاً: «كي نكون في صف الشعب الإسرائيلي والسلام في الشرق الأوسط، لا يعني أنه يتعين علينا دعم الحكومات اليمينية العنصرية في إسرائيل». ثم تحدث بشأن المعاناة الفلسطينية وأشار إلى القيود الشديدة المفروضة على المدنيين في غزة، وإلى بطالة 70% من شباب القطاع. وخلص إلى أن السياسة الأميركية «لا يمكن أن تكون مجرد تأييد لإسرائيل وتتجاهل حاجات الشعب الفلسطيني». وصفق جمهور «سي. إن. إن» بحماس لتعليقات ساندرز.
وعلى الفور، لقيت تلك التعليقات استنكاراً من الائتلاف اليهودي الجمهوري، وهو جماعة يمولها شيلدون آدلسون الملياردير وثيق الصلة برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وأصدر الائتلاف بياناً قال فيه إنه من المثير للغضب أن «يصف مرشح حزب سياسي أميركي من التيار الرئيسي، مرشح لمنصب الرئيس، الحكومةَ الإسرائيلية بالعنصرية». وأضاف: «ساندرز يقول إنه يدعم الشعب الإسرائيلي وليس حكومته الديمقراطية. لكن واقع الحال أن السياسات التي يصفها ساندرز بالعنصرية مدعومة من كل المنافسين الرئيسيين على منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي ومن غالبية الناخبين، لأنهم يدافعون عن حاجات أمن قومي أساسية للدولة الإسرائيلية».
وما أراه مثيراً في هذا السجال هو حقيقة أن مسعى الائتلاف الجمهوري اليهودي في توبيخ ساندرز، انتهى به المطاف إلى إلقاء الضوء على طبيعة ما أصبح ثقافة سياسية لإسرائيل. فبدلاً من تفنيد الاتهام القائل بأن سياسات الحكومة الإسرائيلية عنصرية، سوّغ الائتلاف هذا الاتهام بالقول إن هذه السياسات مدعومة من غالبية الشعب الإسرائيلي وكل المرشحين لمنصب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وفي الأسابيع القليلة الماضية واصل نتنياهو قبضته الخانقة على سكان غزة، رافضاً منح الفلسطينيين في الضفة الغربية حق تصدير منتجاتهم، معلناً أن 4000 وحدة إسكان استيطانية ستفصل القدس عن باقي الضفة الغربية. وفرض قيوداً جديدة على السكان الفلسطينيين في القدس.. وغير ذلك من السياسات، كما لو أنه يرسخ وجاهة انتقادات ساندرز. ولذا، فالائتلاف الجمهوري اليهودي على حق. فربما هناك اختلافات بين نتنياهو والزعماء الإسرائيليين الآخرين في السباق على منصب رئيس الوزراء، لكن تجاهلهم العنصري لحقوق الفلسطينيين يتفقون فيه إلى حد كبير. واستطلاعات الرأي أظهرت أن «الغالبية العظمى من الناخبين الإسرائيليين» يواصلون تأييدهم لسياسات الأحزاب التي تُظهر الاحتقار للحقوق الفلسطينية، ولذا فالائتلاف محق أيضاً بشأن ثقافة إسرائيل السياسية.
وهذا السجال يوضح المدى الذي تطور إليه الانقسام الحزبي في قضايا تتعلق بإسرائيل وفلسطين في الولايات المتحدة. فوسط «الديمقراطيين» والمستقلين، يستطيع ساندرز وصف الحكومة الإسرائيلية بالعنصرية، ويضغط من أجل اعتراف أكبر بالمعاناة الفلسطينية، ويقترح تقييد المساعدات لإسرائيل بالتزامها برعاية حقوق الإنسان.
وساندرز كان ذات يوم وحده، وسط المرشحين «الديمقراطيين» المستعدين لتبني مواقف شديدة من إسرائيل، لكن، هذا العام، انضم إليه إليزابيث وارين وبيت بوتيجيج. وهم يعلمون أن هناك دعماً قوياً من الناخبين لهذا الموقف ودعماً ضعيفاً لوجهة النظر المتشددة المؤيدة لإسرائيل.
ولا توجد مشكلة مثل هذه في المجاهرة بالدفاع عن وجهات نظر إسرائيل المتشددة في الحزب الجمهوري الأميركي الذي يبدو كما لو أنه توأم لحزب «ليكود» الإسرائيلي. ويشترك الحزبان في بعض المانحين، وهناك عدد من السفراء الإسرائيليين كانوا من قادة الجمهوريين.
والخلاصة أن الائتلاف الجمهوري اليهودي أوضح، دون قصد، تزايد اتحاد الإسرائيليين حول السياسات المتشددة التي لا يمكن وصفها إلا بالعنصرية. وهذا التوجه مدعوم من الحزب الجمهوري. وفي مقابل هذا، ورداً على السياسات الإسرائيلية والزواج الافتراضي بين الحزبين، أصبح «الديمقراطيون» أكثر انتقاداً لإسرائيل.
*رئيس المعهد العربي الأميركي