كتبت في الأسبوع الماضي عن «فيروس كورونا وزلزال لشبونه»، وما أريد مناقشته هنا مع القراء الكرام، هو الدافع الحقيقي الذي يحرك المجتمعات الإنسانية لتبني آراء معينة ونبذ أخرى، هل هو منطق العقل أم التجربة، أم أن هناك أسباباً غيبية تقف وراء ذلك؟ واقعياً، كل الآراء العلمية والفلسفية ليست سوى وجهات نظر تصحح نفسها إلى ما لا نهاية، هذا هو جوهر العلم، أي «التصحيح الدائم الذي لن يتوقف»، التصحيح الذي يستبطن الخطأ بشكل دائم.
وجهات النظر هذه متعددة، وتُبنى على عاملين: موضوعي وشخصي. العامل الموضوعي أعني به ما تلقّاه العالم أو الفيلسوف من علم عندما كان في المدرسة، وما عاشه في حياته من ظروف سياسية واجتماعية، أما العامل الشخصي فقد وصفه ويليام جيمس في مقالة له رائعة، تحمل عنوان «دوافع التفلسف»، حيث قرر «أن المؤلفات الفلسفية ليست سوى حوار ممتد لرجال ذوي عقول كبيرة وعميقة التفكير، تتجادل عبر القرون الطويلة». لكن ما هي محصلة هذا الحوار؟ يجيب جيمس: «إن تاريخ الفلسفة هو إلى حد كبير تاريخ صراع بين الأمزجة الإنسانية». هذه وجهة نظر صادمة فعلا، وكلّما زادت رغبة الشخص في قبول هذا الرأي، زاد الأمر خطورة، لأنه يعني فيما يعني أنه ليس هناك شيء علمي ولا تراكمي!
المزاج قد يكون شخصياً، وقد يكون جمعياً، فالمزاج الشخصي يتضمن أن لكل واحدٍ منا معتقداته الدينية وآراؤه المعرفية واتجاهاته وتحيّزاته ومسلكه الشخصي في حياته اليومية، كل هذا يتحكم، ولابد، في تفكير كل واحد منا وفي رؤاه النظرية. ومثلما أننا نقسّم الأشخاص فنقول: هذا شخص اجتماعي يحب الجلوس مع الناس وكثرة الحديث معهم، وذاك شخص ليس اجتماعياً، أي لا يحب كثرة الاختلاط بالآخرين، وهذا رجل يعيش مبادئ أخلاقية صارمة، وذاك تحركه انفعالاته وعاطفته.. فكذلك العلماء والفلاسفة يمكن أن نقسّمهم بناءً على أمزجتهم فنقول: هؤلاء مزاجهم ذو نزعة تجريبية مادية، وأولئك مزاجهم ذو نزعة عقلية مثالية، وهؤلاء مزاجهم متشكك متقلب، وأولئك مزاجهم يكره التشكك ويميل للاستقرار. وقد يكون في الفيلسوف أكثر من مزاج، لكن يغلب عليه أحدها، فيزيد اهتمامه به على حساب الآخر. هذا المزاج له علاقة جدلية مع محيطه، يؤثر ويتأثر بالبيئة والظروف الاجتماعية والسياسية وقوانين الزمان والمكان التي تحكمت بحياة الفيلسوف وفكره، سواء شعر بذلك أم لم يشعر.
وفي مقابل المزاج الشخصي، هناك المزاج العام الذي يعني أن المجتمعات في فترات معينة من الزمن تكون قابلة للتغيير وفي فترات أخرى تكون رافضة للتغيير، لا لسبب عقلي مقنع، لا شيء سوى المزاج، ولعلنا نفرد له مقالة في الأسبوع المقبل.
«صراع أمزجة» بحسب تعبير وليام جيمس، مجرد صراع أمزجة تختلف باختلاف عقول البشر وتقلب ظروفهم النفسية، ليس بعدد الفلاسفة، بل إن مزاج الفيلسوف الواحد يتقلب ويتغير مع تغير الميول العاطفية للإنسان والظروف الاجتماعية والسياسية والنظام الذي يحكم حياته، لكن هذا لم يزهّد عشاقها فيها.
وجهات النظر هذه متعددة، وتُبنى على عاملين: موضوعي وشخصي. العامل الموضوعي أعني به ما تلقّاه العالم أو الفيلسوف من علم عندما كان في المدرسة، وما عاشه في حياته من ظروف سياسية واجتماعية، أما العامل الشخصي فقد وصفه ويليام جيمس في مقالة له رائعة، تحمل عنوان «دوافع التفلسف»، حيث قرر «أن المؤلفات الفلسفية ليست سوى حوار ممتد لرجال ذوي عقول كبيرة وعميقة التفكير، تتجادل عبر القرون الطويلة». لكن ما هي محصلة هذا الحوار؟ يجيب جيمس: «إن تاريخ الفلسفة هو إلى حد كبير تاريخ صراع بين الأمزجة الإنسانية». هذه وجهة نظر صادمة فعلا، وكلّما زادت رغبة الشخص في قبول هذا الرأي، زاد الأمر خطورة، لأنه يعني فيما يعني أنه ليس هناك شيء علمي ولا تراكمي!
المزاج قد يكون شخصياً، وقد يكون جمعياً، فالمزاج الشخصي يتضمن أن لكل واحدٍ منا معتقداته الدينية وآراؤه المعرفية واتجاهاته وتحيّزاته ومسلكه الشخصي في حياته اليومية، كل هذا يتحكم، ولابد، في تفكير كل واحد منا وفي رؤاه النظرية. ومثلما أننا نقسّم الأشخاص فنقول: هذا شخص اجتماعي يحب الجلوس مع الناس وكثرة الحديث معهم، وذاك شخص ليس اجتماعياً، أي لا يحب كثرة الاختلاط بالآخرين، وهذا رجل يعيش مبادئ أخلاقية صارمة، وذاك تحركه انفعالاته وعاطفته.. فكذلك العلماء والفلاسفة يمكن أن نقسّمهم بناءً على أمزجتهم فنقول: هؤلاء مزاجهم ذو نزعة تجريبية مادية، وأولئك مزاجهم ذو نزعة عقلية مثالية، وهؤلاء مزاجهم متشكك متقلب، وأولئك مزاجهم يكره التشكك ويميل للاستقرار. وقد يكون في الفيلسوف أكثر من مزاج، لكن يغلب عليه أحدها، فيزيد اهتمامه به على حساب الآخر. هذا المزاج له علاقة جدلية مع محيطه، يؤثر ويتأثر بالبيئة والظروف الاجتماعية والسياسية وقوانين الزمان والمكان التي تحكمت بحياة الفيلسوف وفكره، سواء شعر بذلك أم لم يشعر.
وفي مقابل المزاج الشخصي، هناك المزاج العام الذي يعني أن المجتمعات في فترات معينة من الزمن تكون قابلة للتغيير وفي فترات أخرى تكون رافضة للتغيير، لا لسبب عقلي مقنع، لا شيء سوى المزاج، ولعلنا نفرد له مقالة في الأسبوع المقبل.
«صراع أمزجة» بحسب تعبير وليام جيمس، مجرد صراع أمزجة تختلف باختلاف عقول البشر وتقلب ظروفهم النفسية، ليس بعدد الفلاسفة، بل إن مزاج الفيلسوف الواحد يتقلب ويتغير مع تغير الميول العاطفية للإنسان والظروف الاجتماعية والسياسية والنظام الذي يحكم حياته، لكن هذا لم يزهّد عشاقها فيها.