في هذا الأسبوع، تولى سيباستيان كورتز منصب المستشار النمساوي، للمرة الثانية في مسيرته الرائعة، وبدأ تجربة من شأنها أن تخلق نموذجاً للأحزاب التقليدية في جميع أنحاء أوروبا، وسط التفتت السياسي الذي تشهده القارة. وعلى ألمانيا خاصةً أن تنظر إليها بعين الاعتبار.
والأحزاب في حكومة كورتز الثانية ليس لديها أجندة مشتركة، لذا فقد اتفقوا على تقسيم الحقائب الوزارية، حتى لا يتدخلوا في محاولات الوفاء بوعودهم الانتخابية. وسيحكم «حزب الشعب» المحافظ، الذي فاز بالانتخابات الوطنية في سبتمبر الماضي، مع حزب «الخضر» الذي جاء في المركز الرابع.
وكان هذا هو الخيار الأقل سوءاً أمام كورتز، الذي فشل تحالفه السابق مع «حزب الحرية» اليميني المتطرف، ولم يكن يرغب في تحالف آخر مثل هذا، ولا في اتفاق تقليدي مع «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (يسار الوسط) كان قد جعل الألمان يمتعضون في العامين الأخيرين. وكان على كورتز الذهاب مع الخضر، رغم أنه، كما قال، «حزب يقف بعيداً عنا فيما يتعلق بالأهداف».
والواقع أن حزب الخضر مؤيد للهجرة، بينما يريد المحافظون فرض قيود مشددة على عدد الوافدين الجدد. ويركز «حزب الشعب» على خفض الضرائب، بينما يطالب الخضر بزيادة الإنفاق على حماية المناخ. ويعلق كورتز أهمية كبيرة على الأمن، بينما يعد الخضر دعاة سلام. ومع ذلك، تمكن الحزبان من وضع برنامج مشترك، وسيتقاسمان الحقائب الوزارية، بحيث يستطيع كل حزب مواجهة ناخبيه في الانتخابات المقبلة.
وحصل حزب الخضر على حقائب الضمان الاجتماعي والصحة والثقافة، وعلى إدارة جديدة للبنية التحتية والبيئة ستكون مسؤولة عن وضع النمسا على الطريق نحو الحياد المناخي بحلول عام 2040. وسيتعين على الخضر صياغة الجزء الخاص بالمناخ والبيئة في البرنامج المشترك، والذي يتضمن منح النمساويين القدرة على السفر إلى أي مكان في البلاد، باستخدام وسائل النقل العام، مقابل 3 يوروهات فقط.
ووافق زعيم حزب الخضر «فيرنر كوجلر» على هذه الأجندة الطموحة دون رفع الضرائب، وقال إن هذا كله يمكن تحقيقه من خلال تحويل العبء الضريبي الحالي نحو أنشطة أقل ملاءمة للمناخ، مثل استخدام سيارات الدفع الرباعي التي تسرف في استهلاك الوقود.
ومقابل السماح للخضر بمتابعة أجندة المناخ الخاصة بهم، سيسيطر «حزب الشعب» على الاقتصاد والسياسة الخارجية وسياسة الهجرة. ولا يخفي كورتز رغبته في طرد المهاجرين الذين رُفضت طلبات اللجوء الخاصة بهم. وفي التنازل الوحيد لموقف الخضر الموالي للهجرة، تضم الحكومة مهاجرة بوسنية هي «ألما زاديك» التي تولت منصب وزير العدل.
وكما أوضح كورتز، فقد وافق الحزبان على «عدم التفاوض على حلول وسط، لكن اختيار طريقة جديدة للتعاون وهي طريقة حديثة وواعدة للغاية، فيما يتعلق بالسياسة الديمقراطية. لقد حددنا أي حزب يجب أن يأخذ زمام المبادرة في كل مجال من المجالات».
ويهدف هذا الترتيب إلى تجنب أي خلاف يمكن أن يشل الحكومة، كما يعفي الأحزاب من المسؤولية السياسية عن الإجراءات التي يجدها الناخبون غير محببة لديهم.
ويعد تقسيم العمل سهلاً، نسبياً، بالنسبة للخضر، لأنهم حزب يركز على مجموعة محدودة نسبياً من القضايا. أما حزب المحافظين فيترك الخبراء يؤدون عملهم فيما يتعلق بالبيئة والمناخ.
في مشهد سياسي مجزأ حيث يصوت الناس على قضايا محددة، من السهل تخيل حكومة من أحزاب غير متوافقة، تنفذ أجندات منفصلة، بينما تتفق فقط على الأمور الأساسية مثل حجم عجز الموازنة.
وهذه بالطبع صورة مثالية، لكن عملياً يحدث تصادم بين الشخصيات، بينما قد تؤدي الخطوط الحمراء الأيديولوجية إلى تقويض التعايش بين الوزارات.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
والأحزاب في حكومة كورتز الثانية ليس لديها أجندة مشتركة، لذا فقد اتفقوا على تقسيم الحقائب الوزارية، حتى لا يتدخلوا في محاولات الوفاء بوعودهم الانتخابية. وسيحكم «حزب الشعب» المحافظ، الذي فاز بالانتخابات الوطنية في سبتمبر الماضي، مع حزب «الخضر» الذي جاء في المركز الرابع.
وكان هذا هو الخيار الأقل سوءاً أمام كورتز، الذي فشل تحالفه السابق مع «حزب الحرية» اليميني المتطرف، ولم يكن يرغب في تحالف آخر مثل هذا، ولا في اتفاق تقليدي مع «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (يسار الوسط) كان قد جعل الألمان يمتعضون في العامين الأخيرين. وكان على كورتز الذهاب مع الخضر، رغم أنه، كما قال، «حزب يقف بعيداً عنا فيما يتعلق بالأهداف».
والواقع أن حزب الخضر مؤيد للهجرة، بينما يريد المحافظون فرض قيود مشددة على عدد الوافدين الجدد. ويركز «حزب الشعب» على خفض الضرائب، بينما يطالب الخضر بزيادة الإنفاق على حماية المناخ. ويعلق كورتز أهمية كبيرة على الأمن، بينما يعد الخضر دعاة سلام. ومع ذلك، تمكن الحزبان من وضع برنامج مشترك، وسيتقاسمان الحقائب الوزارية، بحيث يستطيع كل حزب مواجهة ناخبيه في الانتخابات المقبلة.
وحصل حزب الخضر على حقائب الضمان الاجتماعي والصحة والثقافة، وعلى إدارة جديدة للبنية التحتية والبيئة ستكون مسؤولة عن وضع النمسا على الطريق نحو الحياد المناخي بحلول عام 2040. وسيتعين على الخضر صياغة الجزء الخاص بالمناخ والبيئة في البرنامج المشترك، والذي يتضمن منح النمساويين القدرة على السفر إلى أي مكان في البلاد، باستخدام وسائل النقل العام، مقابل 3 يوروهات فقط.
ووافق زعيم حزب الخضر «فيرنر كوجلر» على هذه الأجندة الطموحة دون رفع الضرائب، وقال إن هذا كله يمكن تحقيقه من خلال تحويل العبء الضريبي الحالي نحو أنشطة أقل ملاءمة للمناخ، مثل استخدام سيارات الدفع الرباعي التي تسرف في استهلاك الوقود.
ومقابل السماح للخضر بمتابعة أجندة المناخ الخاصة بهم، سيسيطر «حزب الشعب» على الاقتصاد والسياسة الخارجية وسياسة الهجرة. ولا يخفي كورتز رغبته في طرد المهاجرين الذين رُفضت طلبات اللجوء الخاصة بهم. وفي التنازل الوحيد لموقف الخضر الموالي للهجرة، تضم الحكومة مهاجرة بوسنية هي «ألما زاديك» التي تولت منصب وزير العدل.
وكما أوضح كورتز، فقد وافق الحزبان على «عدم التفاوض على حلول وسط، لكن اختيار طريقة جديدة للتعاون وهي طريقة حديثة وواعدة للغاية، فيما يتعلق بالسياسة الديمقراطية. لقد حددنا أي حزب يجب أن يأخذ زمام المبادرة في كل مجال من المجالات».
ويهدف هذا الترتيب إلى تجنب أي خلاف يمكن أن يشل الحكومة، كما يعفي الأحزاب من المسؤولية السياسية عن الإجراءات التي يجدها الناخبون غير محببة لديهم.
ويعد تقسيم العمل سهلاً، نسبياً، بالنسبة للخضر، لأنهم حزب يركز على مجموعة محدودة نسبياً من القضايا. أما حزب المحافظين فيترك الخبراء يؤدون عملهم فيما يتعلق بالبيئة والمناخ.
في مشهد سياسي مجزأ حيث يصوت الناس على قضايا محددة، من السهل تخيل حكومة من أحزاب غير متوافقة، تنفذ أجندات منفصلة، بينما تتفق فقط على الأمور الأساسية مثل حجم عجز الموازنة.
وهذه بالطبع صورة مثالية، لكن عملياً يحدث تصادم بين الشخصيات، بينما قد تؤدي الخطوط الحمراء الأيديولوجية إلى تقويض التعايش بين الوزارات.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»