إذا كان المرء لا يرضيه مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي (بريكسيت) في ظل زعامة بوريس جونسون، ولا يستثيره أيضاً التجارب الاقتصادية شبه الماركسية لـ«حزب العمال»، فلمن سيعطي صوته في انتخابات 12 ديسمبر؟ فقد هجر حزب «المحافظين» بقيادة جونسون وحزب «العمال» بقيادة جيرمي كوربين الوسط السياسي. ولسوء الحظ، فشل حزب «الديمقراطيين الأحرار» في ملء هذا الفراغ ومن أسباب هذا، وعدهم الراديكالي غير الملائم لهم وغير الديمقراطي بإلغاء بريكست كليةً دون استفتاء آخر.
ولفترة من الوقت هذا العام، كانت الأمور تبدو مشجعة لـ«جو سوينسون» زعيمة الحزب. فقد حل «الديمقراطيون الأحرار» في المرتبة الثانية بعد حزب بريكست، بزعامة نايجل فاراج في انتخابات البرلمان الأوروبي، فائزاً بنسبة 20% من الأصوات. واستطاع «الديمقراطيون الأحرار» انتزاع 700 مقعد جديد في الانتخابات المحلية، واستفادوا من انشقاق ثمانية أعضاء من البرلمان من أحزاب أخرى. والزعيمة الجديدة لـ«الديمقراطيين الأحرار» وزعت منشورات تقول «جو سوينسون رئيس وزراء بريطانيا التالية». والواقع أن بريطانيا بصدد إجراء انتخابات مبكرة لأن «سوينسون» قررت مع الحزب الإسكتلندي القومي أن تدعم دعوة جونسون إلى إجراء الانتخابات. ودون هذا القرار، لظل جونسون مسؤولاً عن حكومة أقلية ضعيفة وما كان لصفقته الخاصة ببريكست أن تظهر لإخضاعها لبعض الفحص الحقيقي. وقرارها كان دوماً مقامرة من ذاك النوع الفاشل فيما يبدو.
فقد سأل «أندرو نيل» من هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) «سوينسون» في أكتوبر الماضي قائلاً: «لماذا تغامرين بأن تُذكري في كتب التاريخ بأنك زعيمة الحزب الذي مهد الطريق لـ«بوريس جونسون» أن يفوز بأغلبية إجمالية ويحقق خطته لبريكست ويحكم في الأعوام الخمسة التالية؟»، واستبعدت «سوينسون» فكرة أن ليس لديها فرصة بالمرة لأن تصبح رئيسة للوزراء، لأن «لا شيء مؤكد»، مستشهدة بفوز دونالد ترامب وتأييد الخروج البريطاني في الاستفتاء. لكن في مقابلة أخرى مع نيل في الأيام القليلة الماضية كان التغير في النبرة واضحاً. فلم تعد سوينسون تخوض السباق من أجل الوصول إلى رئاسة الحكومة.
ويحظى حزبها بنسبة تأييد تبلغ 13% في استطلاعات الرأي. ومنح مسح لمؤسسة يوجوف لاستطلاعات الرأي حزب «الديمقراطيين الأحرار» مقعداً إضافياً واحداً فقط في البرلمان. واستطلاعات الرأي البريطانية سيئة السمعة فيما يتعلق بمدى الثقة بها، لكن الحزب أيضاً قلص فيما يبدو طموحاته. فقد وجدت جماعة «من يستهدفني Who Targets Me» التي ترصد الحملات الإعلانية، أن «الديمقراطيين الأحرار» دشنوا 47 إعلاناً جديداً على «فيسبوك» تستهدف قائمة صغيرة للغاية من المقاعد. ولدى «الديمقراطيين الأحرار» عمليات محلية جيدة الأساس، ولذا فإن ملعبهم الأساسي في الدوائر الانتخابية التي يستهدفونها قوي إلى حد ما. والحزب يأتي تالياً بفارق طفيف بعد حزب «العمال» ومتقدماً على حزب «المحافظين» في الإنفاق على إعلانات الإنترنت. ومن غير الواضح مدى ما تستطيع هذه العوامل تحقيقه.
ويرى تحليل لصحيفة تليجراف أن هناك 13 مقعداً يستهدفهم «الديمقراطيون الأحرار» وقد يفوزون بها إذا كانت نسبة المترددين في التصويت تبلغ نحو 7.5% أو أقل، وتسعة من هذه المقاعد في أيدي «المحافظين» ومعظمها أيد عدم الخروج البريطاني في الاستفتاء على بريكست. لكن هناك 21 مقعداً» بأيدي «الديمقراطيين الأحرار» بالفعل لكنها لا تعتبر في مأمن. وهذا لا يبشر بنوع من ليلة انتخابية جيدة بالنسبة لـ«سوينسون»، حين وافقت على إجراء انتخابات ديسمبر. وهناك مشكلات ثلاث تساهم في متاعب «سوينسون»، اثنان من صنعها. المشكلة الأولى تتمثل في قرارها بتبني سياسة إلغاء «بريكست» إذا فازت بالانتخابات مباشرة. صحيح أن الخطة حظيت بتأييد في مؤتمر الحزب، لكن لم يكن هناك الكثير من الحماس لها. وإلغاء بريكست يمثل خياراً خطيراً لحزب استهدف أن يحتل الوسط البراجماتي. وهو خيار أبعد ما يكون عن توحيد مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي وأزعج كثيرين من الناخبين، لكونه غير ديمقراطي. فكيف يغير حزب وصل إلى السلطة بأقل من نصف الأصوات خياراً حظي بتأييد 52% من الأصوات في استفتاء؟ ووجدت سوينسون صعوبة في الإجابة على هذا السؤال.
المشكلة الثانية هي أنه إذا كان القرار الاستراتيجي الكبير خطأ، فالخطأ قد يطال أيضاً بعض الإجراءات التكتيكية. فقد اضطرت «سوينسون» إلى الدفاع عن بعض الرسوم البيانية المبتكرة التي أظهرت أن حزبها متعادل مع «المحافظين»، لكن اتضح أن أسئلة استطلاعات الرأي طُرحت على طائفة صغيرة من الناخبين المحليين في دائرة «نورث ايست سومرست» بشأن الحزب الذي سيصوتون له إذا كانت هناك منافسة بين حزبي «المحافظين» و«الديمقراطيين الأحرار».
وبالنسبة لحزب يحاول أن يثبت أنه أكثر جدارة بالثقة عن حزب «المحافظين» وأكثر كفاءة من حزب «العمال»، فلا شيء من هذا يوحي بالثقة. فلم يدعم الحزب أن تركزت الحملة حول «سوينسون» نفسها التي كانت غير معروفة فعلياً، حين أصبحت زعيمة للحزب. وتراجع التأييد لها وللحزب سيشجع الناخبين على العودة إلى أحد الأحزاب الرئيسية كي يكون لأصوات تأثير. وفي يوليو الماضي، كتبت أن نجاح «سوينسون» سيعتمد إلى حد كبير على ما ينال جونسون من ضعف وهو ما لم يحدث بعد، مع بقاء أيام قليلة على الانتخابات. وهذا بسبب المشكلة الثالثة التي يواجهها «الديمقراطيون الأحرار» وهي النظام الانتخابي البريطاني الذي طالما أراد الحزب تغييره. وهو نظام يتبع نهج الفائز فيه يأخذ كل شيء ويقصي فيه الحزبان الكبيران الأحزاب الصغيرة بعيداً. ويبدو أن النموذج سيتكرر.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
ولفترة من الوقت هذا العام، كانت الأمور تبدو مشجعة لـ«جو سوينسون» زعيمة الحزب. فقد حل «الديمقراطيون الأحرار» في المرتبة الثانية بعد حزب بريكست، بزعامة نايجل فاراج في انتخابات البرلمان الأوروبي، فائزاً بنسبة 20% من الأصوات. واستطاع «الديمقراطيون الأحرار» انتزاع 700 مقعد جديد في الانتخابات المحلية، واستفادوا من انشقاق ثمانية أعضاء من البرلمان من أحزاب أخرى. والزعيمة الجديدة لـ«الديمقراطيين الأحرار» وزعت منشورات تقول «جو سوينسون رئيس وزراء بريطانيا التالية». والواقع أن بريطانيا بصدد إجراء انتخابات مبكرة لأن «سوينسون» قررت مع الحزب الإسكتلندي القومي أن تدعم دعوة جونسون إلى إجراء الانتخابات. ودون هذا القرار، لظل جونسون مسؤولاً عن حكومة أقلية ضعيفة وما كان لصفقته الخاصة ببريكست أن تظهر لإخضاعها لبعض الفحص الحقيقي. وقرارها كان دوماً مقامرة من ذاك النوع الفاشل فيما يبدو.
فقد سأل «أندرو نيل» من هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) «سوينسون» في أكتوبر الماضي قائلاً: «لماذا تغامرين بأن تُذكري في كتب التاريخ بأنك زعيمة الحزب الذي مهد الطريق لـ«بوريس جونسون» أن يفوز بأغلبية إجمالية ويحقق خطته لبريكست ويحكم في الأعوام الخمسة التالية؟»، واستبعدت «سوينسون» فكرة أن ليس لديها فرصة بالمرة لأن تصبح رئيسة للوزراء، لأن «لا شيء مؤكد»، مستشهدة بفوز دونالد ترامب وتأييد الخروج البريطاني في الاستفتاء. لكن في مقابلة أخرى مع نيل في الأيام القليلة الماضية كان التغير في النبرة واضحاً. فلم تعد سوينسون تخوض السباق من أجل الوصول إلى رئاسة الحكومة.
ويحظى حزبها بنسبة تأييد تبلغ 13% في استطلاعات الرأي. ومنح مسح لمؤسسة يوجوف لاستطلاعات الرأي حزب «الديمقراطيين الأحرار» مقعداً إضافياً واحداً فقط في البرلمان. واستطلاعات الرأي البريطانية سيئة السمعة فيما يتعلق بمدى الثقة بها، لكن الحزب أيضاً قلص فيما يبدو طموحاته. فقد وجدت جماعة «من يستهدفني Who Targets Me» التي ترصد الحملات الإعلانية، أن «الديمقراطيين الأحرار» دشنوا 47 إعلاناً جديداً على «فيسبوك» تستهدف قائمة صغيرة للغاية من المقاعد. ولدى «الديمقراطيين الأحرار» عمليات محلية جيدة الأساس، ولذا فإن ملعبهم الأساسي في الدوائر الانتخابية التي يستهدفونها قوي إلى حد ما. والحزب يأتي تالياً بفارق طفيف بعد حزب «العمال» ومتقدماً على حزب «المحافظين» في الإنفاق على إعلانات الإنترنت. ومن غير الواضح مدى ما تستطيع هذه العوامل تحقيقه.
ويرى تحليل لصحيفة تليجراف أن هناك 13 مقعداً يستهدفهم «الديمقراطيون الأحرار» وقد يفوزون بها إذا كانت نسبة المترددين في التصويت تبلغ نحو 7.5% أو أقل، وتسعة من هذه المقاعد في أيدي «المحافظين» ومعظمها أيد عدم الخروج البريطاني في الاستفتاء على بريكست. لكن هناك 21 مقعداً» بأيدي «الديمقراطيين الأحرار» بالفعل لكنها لا تعتبر في مأمن. وهذا لا يبشر بنوع من ليلة انتخابية جيدة بالنسبة لـ«سوينسون»، حين وافقت على إجراء انتخابات ديسمبر. وهناك مشكلات ثلاث تساهم في متاعب «سوينسون»، اثنان من صنعها. المشكلة الأولى تتمثل في قرارها بتبني سياسة إلغاء «بريكست» إذا فازت بالانتخابات مباشرة. صحيح أن الخطة حظيت بتأييد في مؤتمر الحزب، لكن لم يكن هناك الكثير من الحماس لها. وإلغاء بريكست يمثل خياراً خطيراً لحزب استهدف أن يحتل الوسط البراجماتي. وهو خيار أبعد ما يكون عن توحيد مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي وأزعج كثيرين من الناخبين، لكونه غير ديمقراطي. فكيف يغير حزب وصل إلى السلطة بأقل من نصف الأصوات خياراً حظي بتأييد 52% من الأصوات في استفتاء؟ ووجدت سوينسون صعوبة في الإجابة على هذا السؤال.
المشكلة الثانية هي أنه إذا كان القرار الاستراتيجي الكبير خطأ، فالخطأ قد يطال أيضاً بعض الإجراءات التكتيكية. فقد اضطرت «سوينسون» إلى الدفاع عن بعض الرسوم البيانية المبتكرة التي أظهرت أن حزبها متعادل مع «المحافظين»، لكن اتضح أن أسئلة استطلاعات الرأي طُرحت على طائفة صغيرة من الناخبين المحليين في دائرة «نورث ايست سومرست» بشأن الحزب الذي سيصوتون له إذا كانت هناك منافسة بين حزبي «المحافظين» و«الديمقراطيين الأحرار».
وبالنسبة لحزب يحاول أن يثبت أنه أكثر جدارة بالثقة عن حزب «المحافظين» وأكثر كفاءة من حزب «العمال»، فلا شيء من هذا يوحي بالثقة. فلم يدعم الحزب أن تركزت الحملة حول «سوينسون» نفسها التي كانت غير معروفة فعلياً، حين أصبحت زعيمة للحزب. وتراجع التأييد لها وللحزب سيشجع الناخبين على العودة إلى أحد الأحزاب الرئيسية كي يكون لأصوات تأثير. وفي يوليو الماضي، كتبت أن نجاح «سوينسون» سيعتمد إلى حد كبير على ما ينال جونسون من ضعف وهو ما لم يحدث بعد، مع بقاء أيام قليلة على الانتخابات. وهذا بسبب المشكلة الثالثة التي يواجهها «الديمقراطيون الأحرار» وهي النظام الانتخابي البريطاني الذي طالما أراد الحزب تغييره. وهو نظام يتبع نهج الفائز فيه يأخذ كل شيء ويقصي فيه الحزبان الكبيران الأحزاب الصغيرة بعيداً. ويبدو أن النموذج سيتكرر.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»