يزداد الجوع وسوء التغذية في العالم، وكذلك الحال مع درجات الحرارة ونقص المياه. وينبغي على البشرية تكييف المحاصيل مع المناخ المتغير من خلال استنبات نباتات أكثر قدرة على التحمل، لكن المصالح السياسية والتجارية تواصل عرقلة هذه الجهود.
يعد تقاسم البذور أمراً مهما لنظام الأغذية العالمي. ولتطوير أنواع جديدة من المحاصيل التي يمكن أن تزدهر في عالم أكثر حرارة أو رطوبة أو جفافا، يجب على الباحثين فحص مجموعة واسعة من المواد النباتية للعثور على سمات رئيسية مثل القدرة على تحمل الجفاف والآفات.
ويعد وجود مزيج واسع النطاق من النباتات والحيوانات أمراً حيوياً للحفاظ على نظام بيئي صحي. وللحصول على محاصيل جيدة، يتعين وجود تربة جيدة، والعديد من النباتات والحياة البرية وحتى الآفات. ومع ذلك، فإن التنوع البيولوجي الزراعي آخذ في الانخفاض. وأسباب المشكلة هي التحضر والتلوث وممارسات الزراعة الصناعية والتغير المناخي.
ومؤخراً، اجتمع 500 ممثل في روما لحل التوترات القائمة منذ زمن طويل حول المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، وهي اتفاقية أبرمت في عام 2004 بهدف حماية الإمدادات الغذائية العالمية. وكانت المفاوضات التي دامت ست سنوات قد انهارت حول كيفية إدارة التزامات المعاهدة للتسلسل الجيني داخل البذور.
إن إتاحة الفرصة للباحثين من الحكومات والقطاع الخاص للوصول إلى مزيد من البذور يسمح لهم بزراعة نباتات أفضل قادرة على تحمل كل شيء من الجفاف في الغرب الأميركي إلى انتشار «صدأ القهوة» في أميركا الجنوبية. وكلما قل عدد البذور التي يمكنهم الوصول إليها، كلما أصبحت المهمة أكثر صعوبة.
في الوقت الحالي، يسهم أقل من 200 نوع من أصل 600 نوع من النباتات التي تزرعها البشرية بشكل بارز في الإنتاج العالمي للأغذية، وتسعة فقط من هذه الأنواع تمثل 66% من إجمالي إنتاج المحاصيل، وفقا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في شهر فبراير الماضي. وما يقرب من ربع أنواع الأغذية البرية وعددها 4,000 –التي يمكن أن تكون أكثر كثافة من الناحية الغذائية من نظيراتها المزروعة – تتناقص بكثرة، وفقا لنفس التقرير.
وجدير بالذكر أن رغبة السوق في الحصول على أصناف من النبات عالية الأداء والتي تفضلها الزراعات الكبيرة نظراً لإمكانية تحقيق ربحية عالية تقلل بشكل أكبر من التنوع في حقول المزارعين.
وتتضمن معاهدة النبات نظاماً متعدد الأطراف تستطيع الجهات الموقعة بموجبه الموافقة على تقاسم البذور التي تخضع لسيطرة حكوماتها. ومن خلال القيام بذلك، سيتم تشجيع إجراء الأبحاث وتبادل الأصناف. ويوافق المشاركون التجاريون الذين يحصلون على براءة الاختراع على دفع جزء من أرباحهم في صندوق تقاسم المنافع، الذي يدعم الجهود العالمية للحفاظ على البذور.
ومع ذلك، فإن الاتفاق لم يعمل على النحو المنشود. فعدد البذور التي وافقت الجهات الموقعة على تبادلها كان مجرد64 نوع من محاصيل الأغذية والأعلاف (المخصصة للحيوانات)، مما أدى إلى إلغاء معظم الخضروات إلى جانب سلع مربحة للغاية مثل فول الصويا والقطن، الأمر الذي لم يشجع الشركات الزراعية الكبرى على المشاركة.
ونتيجة لذلك، لم تتدفق أموال الصناعة كما كان متوقعا في صندوق تقاسم المنافع. وفي هذه الأثناء، تفرض بعض الدول مثل الهند وإثيوبيا إجراءات حمائية صارمة على موادها الوراثية، ما يجعل من المستحيل تقريبا تصديرها بموجب أي اتفاقية دولية.
وقد ازداد الشقاق بشكل أكبر منذ توقيع المعاهدة بشأن الجينوميات (علم الجينوم هو أحد فروع علم الوراثة المتعلق بدراسة كامل المادة الوراثية داخل مختلف الكائنات الحية). وتؤكد الدول الشمالية المتقدمة أن المعلومات المتعلقة بالتسلسل الرقمي لا يجب أن تخضع لشرط تقاسم المنافع، بينما تفسر بعض الدول النامية المعاهدة على أنها تشمل تبادل المعلومات الوراثية وكذلك البذور المادية.
«ليز ليككي ستيفنسن»، المدير التنفيذي للمركز الشمالي للموارد الوراثية، الذي يراقب كل ما يتعلق بمعاهدة الأمم المتحدة: «في الحقيقة، يجب أن يتمتع الجميع بوصول عادل إلى الموارد الوراثية ويمكن للدول الفقيرة الوصول إلى الفوائد التي تنشأ عن استخدامها». وأضافت «من الضروري أن يوافق المجتمع الدولي على هذه الأمور. على الأقل نظرا لأن التغير المناخي والكوارث الطبيعية تشكل اليوم تهديداً كبيراً للموارد الوراثية في جميع أنحاء العالم».
وقد بدأت المفاوضات الرامية إلى زيادة عدد المحاصيل المتاحة للتبادل، وإيجاد نموذج مستدام للدفع في عام 2013. وبدأ الإجماع في التزايد ببطء نحو التوصل لحل متعدد الجوانب. وتشمل التغييرات الملحوظة أن يدفع المستخدمون، مثل الشركات الزراعية، رسوما مقدمة –تكون على الأرجح نسبة مئوية محددة من الأرباح – للحصول على كتالوج موسع للبذور. وتذهب هذه الرسوم مباشرة إلى صندوق المنافع.
وقد تم ربط الخلاف حول معلومات التسلسل الجيني بإمكانية الوصول. وإذا انتهى الحال بمثل هذه المعلومات في قاعدة بيانات عامة، يمكن لأي شخص –حتى شركات التقنية الحيوية أو شركات الأدوية– استخدامها دون أي التزام بالدفع في الصندوق، بحسب ما قال «بيير دو بليزيس، أحد المفاوضين عن أفريقيا. وتجادل الشركات بأن مثل هذه المعلومات يجب أن تظل متاحة مجانا لأغراض البحث.
ولم تكن هذه هي العقبة الوحيدة. فالعديد من الشركات تمارس ضغوطاً للحصول على خيار الوصول أحيانا إلى بذور بعينها دون دفع اشتراك كامل، ما يعطيها مرونة في أخذ البذور التي تحتاج إليها فقط دون التزام طويل الأجل. ويقول المعارضون إن هذا يقوض الأساس الكامل للمعاهدة. ويقول دو بليزيس:«إذا كان بإمكانك الوصول إلى عدد قليل من الموارد عندما تحتاج إليها، فإن هذا لن يشجع على الاشتراك».
وقال«بول أولسون»، رئيس قسم الملكية الفكرية للموارد الجينية والطبيعية والمواد النباتية في شركة البذور الألمانية KWS SAAT إن العيب القاتل في الاتفاقية الأصلية كان «المبالغة في تقدير قيمة [البذور] وعدم التقدير الكافي لمدى استعداد الدول لإضافة بذور في النظام». ويصف «أولسون» عينات البذور المتميزة البالغ عددها 2.2 مليون المتاحة حتى الآن عبر المعاهدة بأنها«حقيبة مختلطة». وقال إن بعضا منها فقط من المرجح أن تكون له قيمة مباشرة.
حتى الآن، قامت شركة بذور واحدة فقط، هي شركة«نانهيمز الهولندية» (Nunhems Netherlands)، التي قامت بتسويق 10 أنواع من الخضروات باستخدام مواد من بورصة البذور، بدفع 153,835 دولار لصندوق تبادل المنفعة. وبشكل إجمالي، جمع الصندوق 28 مليون دولار، أغلبها عبارة عن تبرعات حكومية طوعية.
على الرغم من عيوبها، إلا أن المعاهدة تساعد المزارعين. وقد دعم الصندوق 81 مشروعا للمساعدة على تكيُّف البذور في 67 دولة نامية. ورحب المزارعون المصريون بعودة أنواع الحمضيات النادرة، بينما أنشِئت بنوك مجتمعية للبذور في المناطق المعرضة للخطر في جواتيمالا.
حتى الآن، لا تؤيد الدول المتقدمة استمرار المفاوضات الرسمية، بينما تحذر الدول النامية من أن مستقبل المعاهدة النباتية على المحك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق منقح في نهاية المطاف.
يعد تقاسم البذور أمراً مهما لنظام الأغذية العالمي. ولتطوير أنواع جديدة من المحاصيل التي يمكن أن تزدهر في عالم أكثر حرارة أو رطوبة أو جفافا، يجب على الباحثين فحص مجموعة واسعة من المواد النباتية للعثور على سمات رئيسية مثل القدرة على تحمل الجفاف والآفات.
ويعد وجود مزيج واسع النطاق من النباتات والحيوانات أمراً حيوياً للحفاظ على نظام بيئي صحي. وللحصول على محاصيل جيدة، يتعين وجود تربة جيدة، والعديد من النباتات والحياة البرية وحتى الآفات. ومع ذلك، فإن التنوع البيولوجي الزراعي آخذ في الانخفاض. وأسباب المشكلة هي التحضر والتلوث وممارسات الزراعة الصناعية والتغير المناخي.
ومؤخراً، اجتمع 500 ممثل في روما لحل التوترات القائمة منذ زمن طويل حول المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، وهي اتفاقية أبرمت في عام 2004 بهدف حماية الإمدادات الغذائية العالمية. وكانت المفاوضات التي دامت ست سنوات قد انهارت حول كيفية إدارة التزامات المعاهدة للتسلسل الجيني داخل البذور.
إن إتاحة الفرصة للباحثين من الحكومات والقطاع الخاص للوصول إلى مزيد من البذور يسمح لهم بزراعة نباتات أفضل قادرة على تحمل كل شيء من الجفاف في الغرب الأميركي إلى انتشار «صدأ القهوة» في أميركا الجنوبية. وكلما قل عدد البذور التي يمكنهم الوصول إليها، كلما أصبحت المهمة أكثر صعوبة.
في الوقت الحالي، يسهم أقل من 200 نوع من أصل 600 نوع من النباتات التي تزرعها البشرية بشكل بارز في الإنتاج العالمي للأغذية، وتسعة فقط من هذه الأنواع تمثل 66% من إجمالي إنتاج المحاصيل، وفقا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في شهر فبراير الماضي. وما يقرب من ربع أنواع الأغذية البرية وعددها 4,000 –التي يمكن أن تكون أكثر كثافة من الناحية الغذائية من نظيراتها المزروعة – تتناقص بكثرة، وفقا لنفس التقرير.
وجدير بالذكر أن رغبة السوق في الحصول على أصناف من النبات عالية الأداء والتي تفضلها الزراعات الكبيرة نظراً لإمكانية تحقيق ربحية عالية تقلل بشكل أكبر من التنوع في حقول المزارعين.
وتتضمن معاهدة النبات نظاماً متعدد الأطراف تستطيع الجهات الموقعة بموجبه الموافقة على تقاسم البذور التي تخضع لسيطرة حكوماتها. ومن خلال القيام بذلك، سيتم تشجيع إجراء الأبحاث وتبادل الأصناف. ويوافق المشاركون التجاريون الذين يحصلون على براءة الاختراع على دفع جزء من أرباحهم في صندوق تقاسم المنافع، الذي يدعم الجهود العالمية للحفاظ على البذور.
ومع ذلك، فإن الاتفاق لم يعمل على النحو المنشود. فعدد البذور التي وافقت الجهات الموقعة على تبادلها كان مجرد64 نوع من محاصيل الأغذية والأعلاف (المخصصة للحيوانات)، مما أدى إلى إلغاء معظم الخضروات إلى جانب سلع مربحة للغاية مثل فول الصويا والقطن، الأمر الذي لم يشجع الشركات الزراعية الكبرى على المشاركة.
ونتيجة لذلك، لم تتدفق أموال الصناعة كما كان متوقعا في صندوق تقاسم المنافع. وفي هذه الأثناء، تفرض بعض الدول مثل الهند وإثيوبيا إجراءات حمائية صارمة على موادها الوراثية، ما يجعل من المستحيل تقريبا تصديرها بموجب أي اتفاقية دولية.
وقد ازداد الشقاق بشكل أكبر منذ توقيع المعاهدة بشأن الجينوميات (علم الجينوم هو أحد فروع علم الوراثة المتعلق بدراسة كامل المادة الوراثية داخل مختلف الكائنات الحية). وتؤكد الدول الشمالية المتقدمة أن المعلومات المتعلقة بالتسلسل الرقمي لا يجب أن تخضع لشرط تقاسم المنافع، بينما تفسر بعض الدول النامية المعاهدة على أنها تشمل تبادل المعلومات الوراثية وكذلك البذور المادية.
«ليز ليككي ستيفنسن»، المدير التنفيذي للمركز الشمالي للموارد الوراثية، الذي يراقب كل ما يتعلق بمعاهدة الأمم المتحدة: «في الحقيقة، يجب أن يتمتع الجميع بوصول عادل إلى الموارد الوراثية ويمكن للدول الفقيرة الوصول إلى الفوائد التي تنشأ عن استخدامها». وأضافت «من الضروري أن يوافق المجتمع الدولي على هذه الأمور. على الأقل نظرا لأن التغير المناخي والكوارث الطبيعية تشكل اليوم تهديداً كبيراً للموارد الوراثية في جميع أنحاء العالم».
وقد بدأت المفاوضات الرامية إلى زيادة عدد المحاصيل المتاحة للتبادل، وإيجاد نموذج مستدام للدفع في عام 2013. وبدأ الإجماع في التزايد ببطء نحو التوصل لحل متعدد الجوانب. وتشمل التغييرات الملحوظة أن يدفع المستخدمون، مثل الشركات الزراعية، رسوما مقدمة –تكون على الأرجح نسبة مئوية محددة من الأرباح – للحصول على كتالوج موسع للبذور. وتذهب هذه الرسوم مباشرة إلى صندوق المنافع.
وقد تم ربط الخلاف حول معلومات التسلسل الجيني بإمكانية الوصول. وإذا انتهى الحال بمثل هذه المعلومات في قاعدة بيانات عامة، يمكن لأي شخص –حتى شركات التقنية الحيوية أو شركات الأدوية– استخدامها دون أي التزام بالدفع في الصندوق، بحسب ما قال «بيير دو بليزيس، أحد المفاوضين عن أفريقيا. وتجادل الشركات بأن مثل هذه المعلومات يجب أن تظل متاحة مجانا لأغراض البحث.
ولم تكن هذه هي العقبة الوحيدة. فالعديد من الشركات تمارس ضغوطاً للحصول على خيار الوصول أحيانا إلى بذور بعينها دون دفع اشتراك كامل، ما يعطيها مرونة في أخذ البذور التي تحتاج إليها فقط دون التزام طويل الأجل. ويقول المعارضون إن هذا يقوض الأساس الكامل للمعاهدة. ويقول دو بليزيس:«إذا كان بإمكانك الوصول إلى عدد قليل من الموارد عندما تحتاج إليها، فإن هذا لن يشجع على الاشتراك».
وقال«بول أولسون»، رئيس قسم الملكية الفكرية للموارد الجينية والطبيعية والمواد النباتية في شركة البذور الألمانية KWS SAAT إن العيب القاتل في الاتفاقية الأصلية كان «المبالغة في تقدير قيمة [البذور] وعدم التقدير الكافي لمدى استعداد الدول لإضافة بذور في النظام». ويصف «أولسون» عينات البذور المتميزة البالغ عددها 2.2 مليون المتاحة حتى الآن عبر المعاهدة بأنها«حقيبة مختلطة». وقال إن بعضا منها فقط من المرجح أن تكون له قيمة مباشرة.
حتى الآن، قامت شركة بذور واحدة فقط، هي شركة«نانهيمز الهولندية» (Nunhems Netherlands)، التي قامت بتسويق 10 أنواع من الخضروات باستخدام مواد من بورصة البذور، بدفع 153,835 دولار لصندوق تبادل المنفعة. وبشكل إجمالي، جمع الصندوق 28 مليون دولار، أغلبها عبارة عن تبرعات حكومية طوعية.
على الرغم من عيوبها، إلا أن المعاهدة تساعد المزارعين. وقد دعم الصندوق 81 مشروعا للمساعدة على تكيُّف البذور في 67 دولة نامية. ورحب المزارعون المصريون بعودة أنواع الحمضيات النادرة، بينما أنشِئت بنوك مجتمعية للبذور في المناطق المعرضة للخطر في جواتيمالا.
حتى الآن، لا تؤيد الدول المتقدمة استمرار المفاوضات الرسمية، بينما تحذر الدول النامية من أن مستقبل المعاهدة النباتية على المحك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق منقح في نهاية المطاف.
فيرجينيا جوين: كاتبة متخصصة في تغطية أخبار الأغذية والزراعة والتغير المناخي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»