في عددها رقم 461 نشرت مجلة «الاقتصاد الإسلامي» التي تصدر عن بنك دبي الإسلامي موضوعاً مهماً بعنوان «تطوير التعليم.. الطريق الصحيح للتنمية والتقدم»، أشارت فيه إلى رأي خبراء التنمية في العالم حول موضوع تطوير التعليم والكيفية التي يكون بها للتعليم أثر في نهضة المجتمعات.
ويعتقد الخبراء الذين استطلعت المجلةُ آراءَهم أن التعليم هو القاطرة الأساسية للتنمية الاقتصادية والحضارية والأداة الأولى للتطوير والتحديث وحل المشكلات التي يعاني منها المجتمع، وأنه باعث قوي للنهوض والتقدم. وتطرق الخبراء المستطلعة آراؤهم حول التعليم إلى نقاط في غاية الأهمية:
1- إن معظم البلاد العربية خلال العقود الأخيرة لم تشهد تطويراً صحيحاً للتعليم وأنظمته ولم تضع أقدامها على الطريق الصحيح في هذا المجال.
2- إن أكثر من 70% من الاحتياجات المعيشية في الدول العربية تعتمد على الاستيراد من الخارج، رغم إنفاق الدول العربية على التعليم مبالغ طائلة دون وجود رؤية صحيحة للتطوير والتحديث.
3- تحويل التعليم الخاص في مراحله المختلفة إلى وسيلة لجمع المال وليس مدخلا للنهوض بالعملية التعليمية ذاتها. فبعض المدارس والجامعات أصبح تركيزها على ترفيه الطلاب وعينها على الربح المادي وليس على إيجاد تعليم حقيقي وتربية سليمة، بل كل ما يسعى إليه الجميع مجرد ورقة يحملها الطالب تثبت أنه متعلم.
يقول الدكتور محمد غنيم المشهور في طب زراعة الكلى: لقد تعلمت في المرحلتين الابتدائية والثانوية، وكان هناك مدرسون عظماء أثّروا فينا، كما كانت المناهج قوية تركت أثراً كبيراً في جيلنا، لكنها للأسف انتهت، فعندما التحق أبنائي بالمدارس الحكومية رأيت ما حدث من تجريف للمناهج. وأُعطي مثالا بمادة اللغة العربية، ففي السابق كنا نحفظ نصوصاً أدبية لشعراء جاهليين وإسلاميين ومن كل العصور الشعرية حتى العصر الحديث، بينما أصبح الطالب اليوم يحفظ مقطوعات شعرية متواضعة.
المشكلة أن البعض «استسهلوا» عملية التطوير، وكانت حلولهم عبارة عن «كبسولات جاهزة» تعمل على تسكين «الألم التعليمي» والتربوي دون أن تزيل سبب الألم، وذلك لأن هذه الحلول:
1- نشأت في مجتمع غير المجتمع الذي تم نقلها إليه، وقد تكونت في الأصل لمعالجة أوضاع تعليمية غير أوضاع المجتمع الجديد وبلغة غير لغته وللرد على مشكلات مغايرة لمشكلات بيئته الخاصة.
2- غالبية الحلول التعليمية الجاهزة التي استوردتها الدول العربية كانت بها ثغرات ونقاط ضعف، خاصة فيما يتعلق بحاجات المجتمع والاقتصاد.
3- أغفلت الحلول التعليمية المستوردة الجانب الروحي والفكري والأخلاقي للمجتمع المستورِد، وكثيراً ما افتقرت للنظرة المتوازنة بين الدين العلم.
4- الكثير من الخطط والحلول التي تم الأخذ بها ليست هي ذاتها الحلول التي مكنت الدول المتقدمة من النمو والرقي، ولكنها نسخٌ محورة.
5- استخدام التكنولوجيا لتطوير عملية التعلم لا يجب أن يكون على حساب المعلم والمتعلم، لأن التكنولوجيا قد تحدِث حالةً من الترهل في العملية التعليمية، وقد تتسبب في تفتيت العلاقات وتغذية الفوارق بين البلدان وبين الأفراد داخل البلد الواحد.