أضاف القرن العشرون 30 عاماً لمتوسط أعمار البشر المتوقعة، وبدلاً من أن نستبصر وسائل مختلفة لاستخدام هذه السنوات لتحسين نوعية الحياة، فنحن نضيفها جميعاً إلى نهاية العمر، أي أننا نطيل أمد الشيخوخة فحسب. ونتيجة لهذا، يشعر معظم الناس بالقلق من احتمال أن يعيشوا قرناً من الزمن. وحين أجري مسح على الناس بشأن طموحاتهم إذا بلغوا 100 عام، كانت الإجابات النمطية هي: «آمل ألا أعيش بعد نفاد مالي»، أو «آمل ألا أدخل خرف الشيخوخة». وما لم نبدأ في تخيل ما قد تبدو عليه حياة نشطة ومرضية لنا وذات معنى، فسنفشل بالتأكيد في بناء واقع يتكيف مع طول الأعمار.
فقد مكنتنا قدرة البشر على الاستفادة من الإرث العلمي والحضاري من مزايا استثنائية قلصت كثيراً الموت المبكر بسرعة كبيرة في غضون عقود. لكن تصاعد طول العمر المتوقع لم تواكبه الثقافة. فطول الأعمار ليس المشكلة، بل العيش في ظل ثقافة أُعدت لمدى عمري هو نصف الذي نتمتع به الآن. ففترة التقاعد التي تمتد أربعة عقود صعبة على تخيل معظم الأفراد والحكومات. والتعليم الذي ينتهي في بداية العشرينيات من العمر لا يلائم حياة عمل أطول أمداً. والأعراف الاجتماعية التي تملي المسؤوليات بين الأجيال؛ بين الآباء والأطفال الصغار فحسب، لا تلائم الأسر التي تتضمن أربعة أو خمسة أجيال جميعها على قيد الحياة.
وفي العام الماضي دشنا في «مركز ستانفورد لطول العمر» مبادرةً أُطلق عليها «الخريطة الجديدة للحياة»، وبدأنا بالاجتماع مع خبراء، منهم مهندسون وعلماء مناخ وأطباء أطفال وشيخوخة وعلماء في السلوك وخبراء ماليون وعلماء بيولوجيا ومعلمون ومقدمو رعاية صحية ومستشارون في الموارد البشرية وقائمون بأعمال خيرية. وطلبنا منهم استبصار ما قد تبدو عليه حياة حيوية تمتد لقرن، ثم إعادة رسم الخريطة. فكيف يمكن دعم الحياة، عبر عمر مديد، عن طريق تغيير النماذج التقليدية للتعليم والعمل وأساليب الحياة والعلاقات الاجتماعية والتخطيط المالي والرعاية الصحية والطفولة المبكرة والعلاقات بين الأجيال؟
واتفقنا سريعاً على أنه سيكون من الخطأ إحلال نموذج الحياة القديم الجامد المتمثل في التعليم أولاً، ثم الأسرة والعمل وأخيراً التقاعد، بنموذج مثله في الجمود. بل يجب أن تكون هناك طرائق مختلفة كثيرة تمزج بين الاستمتاع بوقت الفراغ والعمل والتعليم والأسرة على امتداد الحياة، مما ينقل الناس من المهد إلى اللحد، عبر محطات يتوقفون فيها ويستريحون، ويغيرون مساراتهم، ويكررون خطوات على طول الطريق. ففترة الشيخوخة لن تطول وحدها، بل ستطول معها فترة الشباب ومنتصف العمر أيضاً.
واتفقنا على أن طول العمر يتطلب إعادة تفكير في كل مراحل الحياة، وليس فقط مرحلة الشيخوخة. وكي ننتعش في عصر تنتقل فيه المعرفة سريعاً، لا يحتاج الأطفال إلى تعلم القراءة والحساب والكمبيوتر فحسب، بل يتعين عليهم أيضاً تعلم التفكير الابتكاري. وسيحتاجون إلى العثور على المتعة في تغيير طريقة التعلم وفي إعادة التعلم. وربما يأخذ المراهقون فترة استراحة من التعلم في المدرسة العليا ليشتركوا في دورة تدريبية في أماكن العمل. والتعليم لن ينتهي في الشباب، بل يجب أن يستمر ويأخذ صيغاً كثيرة خارج الغرف الدراسية.
ويتعين أن يتغير العمل أيضاً، ويمكننا توقع عملية أكثر تذبذباً من دخول سوق العمل والخروج منها وخاصة للعمال الذين يعتنون بأطفال صغار أو آباء مسنين. وربما نتوقع المزيد من المشاركة من العمال الذين تخطوا الستين. وهناك ما يدفعنا للاعتقاد بأننا سنعمل لفترة أطول من العمر، لكن يمكننا تحسين جودة العمل بأسابيع عمل أقصر وجدول عمل مرن و«تقاعد» لأكثر من مرة. والشؤون المالية للأعمار الطويلة تتطلب إعادة تفكير أساسية؛ فبدلاً من ادخار مبالغ تتزايد دوماً من المال من أجل خريف العمر، يمكننا التحوط ضد المخاطر بوسائل جديدة. فقد تتشارك الأجيال في الثروة قبل العملية التقليدية لوصايا تقسيم الثروة. ويمكننا تدشين حسابات الادخار مع الميلاد، ونسمح للراشدين من الشباب أن يعملوا في وقت مبكر، حتى تعمل الفائدة المركبة في صالحهم.
وسيكون للحفاظ على اللياقة البدنية من بداية الحياة لنهايتها أولوية عليا. وسيحسِّن من حياة الأفراد كثيراً التشجيع على ممارسة الرياضة، وتقليص وقت الجلوس، وإنفاق المزيد من الوقت في السير والحركة.
وخلال العام الذي تلا ذلك الاجتماع، دشنا برنامجاً يستهدف تقديم توصيات للحكومات وأصحاب العمل والأنشطة الاقتصادية والآباء وصانعي السياسة، حتى يمكننا البدء بوضع أسس لثقافة تدعم حياة تمتد فيها الأعمار قرناً. والتحديات تتطلب استثمارات اجتماعية وعلمية وتعليمية استثنائية. لكن الفرص استثنائية أيضاً. فالعمر الأطول يقدم لنا فرصاً لنعيد تصميم الطريقة التي نعيش بها.
فقد مكنتنا قدرة البشر على الاستفادة من الإرث العلمي والحضاري من مزايا استثنائية قلصت كثيراً الموت المبكر بسرعة كبيرة في غضون عقود. لكن تصاعد طول العمر المتوقع لم تواكبه الثقافة. فطول الأعمار ليس المشكلة، بل العيش في ظل ثقافة أُعدت لمدى عمري هو نصف الذي نتمتع به الآن. ففترة التقاعد التي تمتد أربعة عقود صعبة على تخيل معظم الأفراد والحكومات. والتعليم الذي ينتهي في بداية العشرينيات من العمر لا يلائم حياة عمل أطول أمداً. والأعراف الاجتماعية التي تملي المسؤوليات بين الأجيال؛ بين الآباء والأطفال الصغار فحسب، لا تلائم الأسر التي تتضمن أربعة أو خمسة أجيال جميعها على قيد الحياة.
وفي العام الماضي دشنا في «مركز ستانفورد لطول العمر» مبادرةً أُطلق عليها «الخريطة الجديدة للحياة»، وبدأنا بالاجتماع مع خبراء، منهم مهندسون وعلماء مناخ وأطباء أطفال وشيخوخة وعلماء في السلوك وخبراء ماليون وعلماء بيولوجيا ومعلمون ومقدمو رعاية صحية ومستشارون في الموارد البشرية وقائمون بأعمال خيرية. وطلبنا منهم استبصار ما قد تبدو عليه حياة حيوية تمتد لقرن، ثم إعادة رسم الخريطة. فكيف يمكن دعم الحياة، عبر عمر مديد، عن طريق تغيير النماذج التقليدية للتعليم والعمل وأساليب الحياة والعلاقات الاجتماعية والتخطيط المالي والرعاية الصحية والطفولة المبكرة والعلاقات بين الأجيال؟
واتفقنا سريعاً على أنه سيكون من الخطأ إحلال نموذج الحياة القديم الجامد المتمثل في التعليم أولاً، ثم الأسرة والعمل وأخيراً التقاعد، بنموذج مثله في الجمود. بل يجب أن تكون هناك طرائق مختلفة كثيرة تمزج بين الاستمتاع بوقت الفراغ والعمل والتعليم والأسرة على امتداد الحياة، مما ينقل الناس من المهد إلى اللحد، عبر محطات يتوقفون فيها ويستريحون، ويغيرون مساراتهم، ويكررون خطوات على طول الطريق. ففترة الشيخوخة لن تطول وحدها، بل ستطول معها فترة الشباب ومنتصف العمر أيضاً.
واتفقنا على أن طول العمر يتطلب إعادة تفكير في كل مراحل الحياة، وليس فقط مرحلة الشيخوخة. وكي ننتعش في عصر تنتقل فيه المعرفة سريعاً، لا يحتاج الأطفال إلى تعلم القراءة والحساب والكمبيوتر فحسب، بل يتعين عليهم أيضاً تعلم التفكير الابتكاري. وسيحتاجون إلى العثور على المتعة في تغيير طريقة التعلم وفي إعادة التعلم. وربما يأخذ المراهقون فترة استراحة من التعلم في المدرسة العليا ليشتركوا في دورة تدريبية في أماكن العمل. والتعليم لن ينتهي في الشباب، بل يجب أن يستمر ويأخذ صيغاً كثيرة خارج الغرف الدراسية.
ويتعين أن يتغير العمل أيضاً، ويمكننا توقع عملية أكثر تذبذباً من دخول سوق العمل والخروج منها وخاصة للعمال الذين يعتنون بأطفال صغار أو آباء مسنين. وربما نتوقع المزيد من المشاركة من العمال الذين تخطوا الستين. وهناك ما يدفعنا للاعتقاد بأننا سنعمل لفترة أطول من العمر، لكن يمكننا تحسين جودة العمل بأسابيع عمل أقصر وجدول عمل مرن و«تقاعد» لأكثر من مرة. والشؤون المالية للأعمار الطويلة تتطلب إعادة تفكير أساسية؛ فبدلاً من ادخار مبالغ تتزايد دوماً من المال من أجل خريف العمر، يمكننا التحوط ضد المخاطر بوسائل جديدة. فقد تتشارك الأجيال في الثروة قبل العملية التقليدية لوصايا تقسيم الثروة. ويمكننا تدشين حسابات الادخار مع الميلاد، ونسمح للراشدين من الشباب أن يعملوا في وقت مبكر، حتى تعمل الفائدة المركبة في صالحهم.
وسيكون للحفاظ على اللياقة البدنية من بداية الحياة لنهايتها أولوية عليا. وسيحسِّن من حياة الأفراد كثيراً التشجيع على ممارسة الرياضة، وتقليص وقت الجلوس، وإنفاق المزيد من الوقت في السير والحركة.
وخلال العام الذي تلا ذلك الاجتماع، دشنا برنامجاً يستهدف تقديم توصيات للحكومات وأصحاب العمل والأنشطة الاقتصادية والآباء وصانعي السياسة، حتى يمكننا البدء بوضع أسس لثقافة تدعم حياة تمتد فيها الأعمار قرناً. والتحديات تتطلب استثمارات اجتماعية وعلمية وتعليمية استثنائية. لكن الفرص استثنائية أيضاً. فالعمر الأطول يقدم لنا فرصاً لنعيد تصميم الطريقة التي نعيش بها.
لورا كارستنسن
أستاذة علم النفس ومديرة «مركز ستانفورد لطول العمر»ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»