أصدر حزب «الدَّعوة الإسلاميَّة» بياناً(15/11/2019)، استهله بالآية: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ»(الأنعام153)، وهذا ما سارت عليه أحزاب «الإسلام السِّياسي» في مستهلات بياناتها وخطاباتها، حتى أن مسؤول كيان ميليشياوي كبير استهل كلمته بالآية: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا»(آل عمران:103)، لكنه أسقط منها «حبل»، فقرأها «بسم الله الرَّحمن الرَّحيم: وَاعْتَصِمُوا باللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا»، وهو الذي (جاهد) باسم الدِّين.
غير أن هذه الاستشهادات، لا تعني عند تلك الجماعات غير بطاقات مرور، فلا «الدعوة» ولا قائد الميليشيا جدير بأن يدعو ويستشهد بالآيات، وهو الذي عمل الفرقة وجذّرها، فهل لقب «مختار العصر»، وتقسيم المجتمع إلى أصحاب يزيد وأصحاب الحُسين، وما مارسه قائد الميليشيا، ضد الاحتجاجات وممارسة الاغتيالات، هل هي سبيل الله؟!
الآن اعترف حزب «الدعوة» بالحراك السلمي والمدني، عندما أصبح رئيس الوزراء مِن خارجه، بعد أن ملأ الدوائر الأمنية والمخابراتية والمالية بأعضائه. نقرأ في البيان: «لقد اتضح جلياً أن إصلاح الوضع السياسي والإداري والاقتصادي والمجتمعي العراقي، أصبح حتميةً وطنية يشارك فيها الجميع كل من موقعه، وكذلك فإن التظاهر السلمي والحراك السياسي التغييري». أقول: عن أي حتمية يتحدث وعن أي وطنية، عندما حاصر ساحة التحرير بعشائر الإسناد وبأزلام الدعوة، فاغتالوا واعتقلوا وخطفوا مِن الشَّباب، وأن ترتكب ميليشيا جريمة اختطاف أطفال، نكايةً بآبائهم، بسبب نشر أخبار الفساد عن أمين «الدعوة» وإدارته؟!
فهل مكتب «الدعوة» السياسي فاقد الذَّاكرة، بينما أمينه العام المسؤول الأول عن مجزرة سبايكر، وهروب الإرهابيين من السجون، وضياع الثروة إلى جانب سوء الحال. فإذا كان الحزب لم تتضح له تلك المهمة خلال الأربعة عشر عاماً، التي كانت السُلطة التنفيذية بيده، فهل اكتشفها الآن؟! كذلك في مستهل بيانه يعلن تأييده الكامل لخطاب المرجعيَّة الدِّينية، أقول: وهل كانت المرجعية عندما كان أمين «الدعوة» رئيساً للوزراء غيرها الآن؟ وقد ناشدت آنذاك لمعالجة الفساد والاغتيالات ولم يحصل!
ليس لدى حزب «الدعوة» مِن حاضر يفخر به، لذا تجده يُذكّر العراقيين بـ«شهدائه»، وهذا لا يهم العراقيون بشيء، إذا كان الأمر يتطلب ثمناً! وكان يتحمل النصف في قتلهم، بزج الشباب وتعريضهم لمخاطر التفجيرات، بعد التدريب في «سرايا الدفاع السورية» المشهورة بعنفها، وقد أخذ أعضاؤه الثَّمن مضاعفاً بعد التمكن مِن السلطة عن طريق الغزو الأميركي. جاء في البيان: «إن حزب الدعوة الإسلامية الذي ضحى خلال الحقبة الديكتاتورية السوداء، بأطهر الدَّماء، واتخذ أصعب المواقف من أجل الإصلاح والتغيير، مازال يسير على ذات النهج في محاربة الانحراف والفساد والتخلف، في أي موقع كان ومن أي جهة جاء، إيماناً منه بصدقية الموقف، وحصافة القرار والوقوف على معالجات الأزمات مهما اتسعت وعظمت». فهل في هذا النص شيء مِن الحقيقة؟! أما إن كان «الدعوة» ضد التخلف فهذا ادعاء، ويشهد بهذا القيادي الذي تولى وزارة التربية ونيابة رئاسة الجمهورية، ومجالس اللطم والمواكب التي يتصدرها الحزب، وركضة أمينه العام «ركضة طويريج»! ألم يتهم القوى المدنية بالعداء للدين، ويفاخر بسلطة «الإخوان» بمصر؟ ألم يقف أمينه العام ضد الإصلاح، وضد فتح ملفات الفساد الكبرى وإفساد القضاء وتسييسه، وما زال كذلك، وهو يمثل ما يُسمى بالدولة العميقة؟ هل كان التحريض على الكراهية لسان أحد معمميه، يطلع على الجمهور من فضائيته «الوفاق» أم من غيرها؟!
أقول: هل هذا الكلام صدر مِن المكتب السياسي لحزب «الدعوة» أم من جهة لا نعرف لها ماضٍ؟! ألم يخن مَن كان يكتب ويُطالب بما يدعيه الآن بيانه؟! وكأنه لم يزور الانتخابات، ولم يفسد في المال العام، ولم ينهب العقارات، ولم يستورد أجهزة أمنية فاسدة، ولم يرشِ الفضائيات، وجهات إعلاميَّة بأموال الدولة، ولم يرش عشائر في مواسم الانتخابات، ولم يساهم بقمع التظاهرات(2011)، وهرب أمينه العام في تظاهرات(2018) طالباً النجدة. ألم يُشكل ميليشيات لحسابات سياسية، ويهدد بوجود ملفات يستخدمها في مقايضات سياسية، ويمتنع عن المساءلة في أخطر ما تعرض له العراق؟
إذا كان حزب «الدَّعوة» جاداً، فليس هناك مزاج شعبي لتصديق بيانه، وشخص أمينه العام على رأسه، بعد تجربته في رئاسة السُلطة التنفيذية، فهو متهم وليس طرفاً حيادياً، لا بد أن تجري محاسبته على ضياع ثلث العراق(2014)، وإرجاع ما للدولة من العقارات المنهوية عن طريقه، تحت غطاء الشراء والهبات والإيجارات الطَّويلة، وفساد عظيم ارتكبه معممو الحزب وأفنديته، أن يعتذر للشعب العراقي عن الدماء التي سُفكت في ظل سلطته، والثروات التي ضاعت، والخطاب الطَّائفي الذي كان يلقيه أمينه العام، وعن الولاءات الأسرية والرفاقيَّة التي دمرَّ بها مراكز الدَّولة. غير هذا، يصبح بيان الحزب مزحةً لا أكثر.
لقد أظهر «الدعويون» أنفسهم تُرابيين أتقياء، فقيل: «وذموا لنَّا الدُّنيا وهم يرضعونها/ولم أَرْ كالدُّنيا تُذمُ وتُحلبُ»(الثَّعالبي، يتيمة الدَّهر)، فبشهادة رفيقهم: إنه لم يجد في الخزينة غير ثلاثة مليارات! فالبقية رضعها «القائد الضَّرورة» -العبارة لحيدر العبادي- على الصرف الخاص لأمينه العام، ورشى الانتخابات، وعلى ما دعا إليه: «أتيناك يا بيروت، أتيناك يا دمشق، أتيناك يا صنعاء...»! فما علاقة هذا التَّاريخ بالوطن والوطنية والديمقراطيَّة؟!
غير أن هذه الاستشهادات، لا تعني عند تلك الجماعات غير بطاقات مرور، فلا «الدعوة» ولا قائد الميليشيا جدير بأن يدعو ويستشهد بالآيات، وهو الذي عمل الفرقة وجذّرها، فهل لقب «مختار العصر»، وتقسيم المجتمع إلى أصحاب يزيد وأصحاب الحُسين، وما مارسه قائد الميليشيا، ضد الاحتجاجات وممارسة الاغتيالات، هل هي سبيل الله؟!
الآن اعترف حزب «الدعوة» بالحراك السلمي والمدني، عندما أصبح رئيس الوزراء مِن خارجه، بعد أن ملأ الدوائر الأمنية والمخابراتية والمالية بأعضائه. نقرأ في البيان: «لقد اتضح جلياً أن إصلاح الوضع السياسي والإداري والاقتصادي والمجتمعي العراقي، أصبح حتميةً وطنية يشارك فيها الجميع كل من موقعه، وكذلك فإن التظاهر السلمي والحراك السياسي التغييري». أقول: عن أي حتمية يتحدث وعن أي وطنية، عندما حاصر ساحة التحرير بعشائر الإسناد وبأزلام الدعوة، فاغتالوا واعتقلوا وخطفوا مِن الشَّباب، وأن ترتكب ميليشيا جريمة اختطاف أطفال، نكايةً بآبائهم، بسبب نشر أخبار الفساد عن أمين «الدعوة» وإدارته؟!
فهل مكتب «الدعوة» السياسي فاقد الذَّاكرة، بينما أمينه العام المسؤول الأول عن مجزرة سبايكر، وهروب الإرهابيين من السجون، وضياع الثروة إلى جانب سوء الحال. فإذا كان الحزب لم تتضح له تلك المهمة خلال الأربعة عشر عاماً، التي كانت السُلطة التنفيذية بيده، فهل اكتشفها الآن؟! كذلك في مستهل بيانه يعلن تأييده الكامل لخطاب المرجعيَّة الدِّينية، أقول: وهل كانت المرجعية عندما كان أمين «الدعوة» رئيساً للوزراء غيرها الآن؟ وقد ناشدت آنذاك لمعالجة الفساد والاغتيالات ولم يحصل!
ليس لدى حزب «الدعوة» مِن حاضر يفخر به، لذا تجده يُذكّر العراقيين بـ«شهدائه»، وهذا لا يهم العراقيون بشيء، إذا كان الأمر يتطلب ثمناً! وكان يتحمل النصف في قتلهم، بزج الشباب وتعريضهم لمخاطر التفجيرات، بعد التدريب في «سرايا الدفاع السورية» المشهورة بعنفها، وقد أخذ أعضاؤه الثَّمن مضاعفاً بعد التمكن مِن السلطة عن طريق الغزو الأميركي. جاء في البيان: «إن حزب الدعوة الإسلامية الذي ضحى خلال الحقبة الديكتاتورية السوداء، بأطهر الدَّماء، واتخذ أصعب المواقف من أجل الإصلاح والتغيير، مازال يسير على ذات النهج في محاربة الانحراف والفساد والتخلف، في أي موقع كان ومن أي جهة جاء، إيماناً منه بصدقية الموقف، وحصافة القرار والوقوف على معالجات الأزمات مهما اتسعت وعظمت». فهل في هذا النص شيء مِن الحقيقة؟! أما إن كان «الدعوة» ضد التخلف فهذا ادعاء، ويشهد بهذا القيادي الذي تولى وزارة التربية ونيابة رئاسة الجمهورية، ومجالس اللطم والمواكب التي يتصدرها الحزب، وركضة أمينه العام «ركضة طويريج»! ألم يتهم القوى المدنية بالعداء للدين، ويفاخر بسلطة «الإخوان» بمصر؟ ألم يقف أمينه العام ضد الإصلاح، وضد فتح ملفات الفساد الكبرى وإفساد القضاء وتسييسه، وما زال كذلك، وهو يمثل ما يُسمى بالدولة العميقة؟ هل كان التحريض على الكراهية لسان أحد معمميه، يطلع على الجمهور من فضائيته «الوفاق» أم من غيرها؟!
أقول: هل هذا الكلام صدر مِن المكتب السياسي لحزب «الدعوة» أم من جهة لا نعرف لها ماضٍ؟! ألم يخن مَن كان يكتب ويُطالب بما يدعيه الآن بيانه؟! وكأنه لم يزور الانتخابات، ولم يفسد في المال العام، ولم ينهب العقارات، ولم يستورد أجهزة أمنية فاسدة، ولم يرشِ الفضائيات، وجهات إعلاميَّة بأموال الدولة، ولم يرش عشائر في مواسم الانتخابات، ولم يساهم بقمع التظاهرات(2011)، وهرب أمينه العام في تظاهرات(2018) طالباً النجدة. ألم يُشكل ميليشيات لحسابات سياسية، ويهدد بوجود ملفات يستخدمها في مقايضات سياسية، ويمتنع عن المساءلة في أخطر ما تعرض له العراق؟
إذا كان حزب «الدَّعوة» جاداً، فليس هناك مزاج شعبي لتصديق بيانه، وشخص أمينه العام على رأسه، بعد تجربته في رئاسة السُلطة التنفيذية، فهو متهم وليس طرفاً حيادياً، لا بد أن تجري محاسبته على ضياع ثلث العراق(2014)، وإرجاع ما للدولة من العقارات المنهوية عن طريقه، تحت غطاء الشراء والهبات والإيجارات الطَّويلة، وفساد عظيم ارتكبه معممو الحزب وأفنديته، أن يعتذر للشعب العراقي عن الدماء التي سُفكت في ظل سلطته، والثروات التي ضاعت، والخطاب الطَّائفي الذي كان يلقيه أمينه العام، وعن الولاءات الأسرية والرفاقيَّة التي دمرَّ بها مراكز الدَّولة. غير هذا، يصبح بيان الحزب مزحةً لا أكثر.
لقد أظهر «الدعويون» أنفسهم تُرابيين أتقياء، فقيل: «وذموا لنَّا الدُّنيا وهم يرضعونها/ولم أَرْ كالدُّنيا تُذمُ وتُحلبُ»(الثَّعالبي، يتيمة الدَّهر)، فبشهادة رفيقهم: إنه لم يجد في الخزينة غير ثلاثة مليارات! فالبقية رضعها «القائد الضَّرورة» -العبارة لحيدر العبادي- على الصرف الخاص لأمينه العام، ورشى الانتخابات، وعلى ما دعا إليه: «أتيناك يا بيروت، أتيناك يا دمشق، أتيناك يا صنعاء...»! فما علاقة هذا التَّاريخ بالوطن والوطنية والديمقراطيَّة؟!