احتفل العالم بيوم التسامح الدولي السبت الماضي، الذي صادف الـ16 من نوفمبر الجاري، وهو اليوم الذي دعت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1996 الدول الأعضاء إلى الاحتفال به من كل عام. وضمن الاحتفالات هذا العام، أُقيمت في دبي القمة العالمية للتسامح. وفي هذا السياق، نتبنى ونؤيد تعريف الكاتب تركي الدخيل في كتابه «التسامح زينة الدنيا والدين»، الذي يخلص فيه إلى أن التسامح معادلةٌ رياضية بسيطة قائمة على التنوع والمساواة والسلام. وهو مبدأ أخلاقي ينم عن ذوق وفضيلة، مثلما هو أحد موجبات الحرية واحترام الآخر. لذا فهو نقيض التشدد ودواء شافٍ من أيديولوجيات التطرف والكراهية والعنف، أياً كان مصدرها.
إن أهمية أي دولة في عالمنا المعاصر اليوم، تنبع من موقفها تجاه تحقيق الوفاق والمصالحة وترسيخ قيم التسامح كخطوة مهمة في تثبيت السلم الاجتماعي. وهذه خلاصة «منتدى الاتحاد» الأخير، الذي جاء تحت عنوان «الأخوة الإنسانية.. رؤية الإمارات لعالم متسامح». فالتسامح يرد في طليعة قائمة الأخلاق الحسنة التي أكدت عليها الأديان السماوية والوضعية، على حد سواء. وقد جاءت فعاليات المنتدى من خلال ثماني أوراق عمل وثلاث جلسات وأحد عشر متحدثاً، لتركز على رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لعالم متعايش متسامح، الأمر الذي يعزز المشترك الإنساني ويقف بكل قوة ضد التعصب والكراهية. وتبرز أهمية هذا الهدف من حقيقة كون عالم اليوم يعاني من استهداف موجة خطيرة من التعصب والعنف القائم على الكراهية ضد المخالفين في أرجاء المعمورة. ومما يثير القلق أن هذه الحوادث باتت مألوفة إلى حد بعيد، فيما يتعالى خطاب معادٍ موجه، وفي هذه المرة ليس ضد المجموعات الدينية فحسب، بل تجاه الأقليات والمهاجرين واللاجئين وحتى النساء.
هناك «أثر وظيفي» مهم تلعبه قيمة التسامح في مكافحة ثقافة التعصب والكراهية. ولعل جذر هذا «الأثر» يعود، بدايةً، إلى العلاقة بين الدول ومواطنيها، حيث تترسخ قيم وممارسات المواطنة. ومعنى هذه الأخيرة يركز على العلاقة بين الفرد ووطنه، كما يحددها قانون تلك الدولة متضمناً الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات، مع حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية كلها مقترنة بالعدل والمساواة والإنصاف. ومن هنا، تتأتى القيمة الأساسية للتسامح من خلال الاعتراف بالثقافات المختلفة، واحترام حق الغير وحريته، والاعتراف بوجود ديانات مختلفة، وقبول أيديولوجيات سياسية مغايرة.. وعندها فإن قيم الأخلاق الحميدة المغروسة بالانتماء الوطني ومشاعر وممارسات الوحدة الوطنية، تخلق تماثلاً اجتماعياً ضرورياً يحافظ على بقاء الأمن والاستقرار في المجتمع، وعندئذ تترسخ ثقافة الاختلاف التي يفتقر إليها عالمنا العربي افتقاراً واضحاً.
وغالباً ما يتم التعبير عن انطلاق دولة التسامح بفصل الدين عن السياسة. فما دام مواطنو أي دولة لا ينتمون إلى دين واحد أو إثنية واحدة، فإن الالتزام بتعاليم أو مواصفات أي منهما فحسب، فيه افتئات على «الآخر» بحكم وجود أكثر من دين أو إثنية. وقد أظهرت تجربة الإنسانية أن أي محاولة لتديين السياسة أو مذهبتها، هي الطريق الأقصر للحكم الديني. ولسد هذا الطريق، ينبغي التركيز على مسألة «تجديد الخطاب الديني»، والذي ما زال -رغم المحاولات العديدة- يحتاج إلى مراجعة عميقة للطرق والأساليب، لمواجهة تصاعد موجات الكراهية والتطرف والعنف والإرهاب والتكفير التي تنتشر تحت دعاوى باطلة تتخذ من الإسلام مرجعيةً لها. وفي هذا السياق، تأتي أهمية تحديث مناهج التربية والتعليم، ومعالجة الصور السلبية ضد «الآخر المختلف» من خلال تأصيل فكرة العيش المشترك. وبقدر ما تنغرس قيم العيش المشترك في نفوس أفراد المجتمع، بقدر ما يسود الأمن والاستقرار ويصبح التسامح سيد الموقف. ويتعزز هذا الحال مع توفر إعلام يدعم مفاهيم المواطنة والوحدة والتماسك الاجتماعي، مع الكف عن بث ونشر أي شكل من أشكال خطاب الكراهية، الديني والطائفي والإثني، في التغطيات الإخبارية والتحليلات الإعلامية، وهو الأمر المنتشر في العديد من وسائط الإعلام، وضمنها بعض الفضائيات العربية.
والحال كذلك، نكرر ضرورة توفر مناخ ثقافي قوامه نشر قيم ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر في ظل الظروف الراهنة للعالم العربي، لأنه، عبر هذه الثقافة فقط، تترسخ بقوة معالم الوحدة الوطنية. هذا، طبعاً، دون تجاهل أننا بأمس الحاجة لنشر ثقافة قبول الآخر واحترامه، وحقيقة أن العالم العربي ليس مجتمعاً واحداً، بل مجتمعات متعددة، لطالما تحدثنا بعاطفية عن تجانسها رغم أن فيها إثنيات غير عربية، في ظل تنوع ديني ومذهبي. وبدلا من أن يجعل هذا الواقع التعددي من البيئة العربية مصدر إغناء وعامل تحفيز على العطاء المشترك، جعلها بيئة لتربة خصبة تتمدد فيها «الأصولية» الدينية.
وختاماً، فمن الأمثلة المؤثرة التي لا بد من التطرق إلى نجاحاتها، مثال دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتعايش أكثر من مئتي جنسية تمثلها مجموعات إثنية (كبيرة ومتوسطة وصغيرة) ذات لغات مختلفة وعقائد دينية متنوعة.. لكنها جميعاً تسهم في نشر رسالة التسامح والعيش المشترك.
إن أهمية أي دولة في عالمنا المعاصر اليوم، تنبع من موقفها تجاه تحقيق الوفاق والمصالحة وترسيخ قيم التسامح كخطوة مهمة في تثبيت السلم الاجتماعي. وهذه خلاصة «منتدى الاتحاد» الأخير، الذي جاء تحت عنوان «الأخوة الإنسانية.. رؤية الإمارات لعالم متسامح». فالتسامح يرد في طليعة قائمة الأخلاق الحسنة التي أكدت عليها الأديان السماوية والوضعية، على حد سواء. وقد جاءت فعاليات المنتدى من خلال ثماني أوراق عمل وثلاث جلسات وأحد عشر متحدثاً، لتركز على رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لعالم متعايش متسامح، الأمر الذي يعزز المشترك الإنساني ويقف بكل قوة ضد التعصب والكراهية. وتبرز أهمية هذا الهدف من حقيقة كون عالم اليوم يعاني من استهداف موجة خطيرة من التعصب والعنف القائم على الكراهية ضد المخالفين في أرجاء المعمورة. ومما يثير القلق أن هذه الحوادث باتت مألوفة إلى حد بعيد، فيما يتعالى خطاب معادٍ موجه، وفي هذه المرة ليس ضد المجموعات الدينية فحسب، بل تجاه الأقليات والمهاجرين واللاجئين وحتى النساء.
هناك «أثر وظيفي» مهم تلعبه قيمة التسامح في مكافحة ثقافة التعصب والكراهية. ولعل جذر هذا «الأثر» يعود، بدايةً، إلى العلاقة بين الدول ومواطنيها، حيث تترسخ قيم وممارسات المواطنة. ومعنى هذه الأخيرة يركز على العلاقة بين الفرد ووطنه، كما يحددها قانون تلك الدولة متضمناً الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات، مع حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية كلها مقترنة بالعدل والمساواة والإنصاف. ومن هنا، تتأتى القيمة الأساسية للتسامح من خلال الاعتراف بالثقافات المختلفة، واحترام حق الغير وحريته، والاعتراف بوجود ديانات مختلفة، وقبول أيديولوجيات سياسية مغايرة.. وعندها فإن قيم الأخلاق الحميدة المغروسة بالانتماء الوطني ومشاعر وممارسات الوحدة الوطنية، تخلق تماثلاً اجتماعياً ضرورياً يحافظ على بقاء الأمن والاستقرار في المجتمع، وعندئذ تترسخ ثقافة الاختلاف التي يفتقر إليها عالمنا العربي افتقاراً واضحاً.
وغالباً ما يتم التعبير عن انطلاق دولة التسامح بفصل الدين عن السياسة. فما دام مواطنو أي دولة لا ينتمون إلى دين واحد أو إثنية واحدة، فإن الالتزام بتعاليم أو مواصفات أي منهما فحسب، فيه افتئات على «الآخر» بحكم وجود أكثر من دين أو إثنية. وقد أظهرت تجربة الإنسانية أن أي محاولة لتديين السياسة أو مذهبتها، هي الطريق الأقصر للحكم الديني. ولسد هذا الطريق، ينبغي التركيز على مسألة «تجديد الخطاب الديني»، والذي ما زال -رغم المحاولات العديدة- يحتاج إلى مراجعة عميقة للطرق والأساليب، لمواجهة تصاعد موجات الكراهية والتطرف والعنف والإرهاب والتكفير التي تنتشر تحت دعاوى باطلة تتخذ من الإسلام مرجعيةً لها. وفي هذا السياق، تأتي أهمية تحديث مناهج التربية والتعليم، ومعالجة الصور السلبية ضد «الآخر المختلف» من خلال تأصيل فكرة العيش المشترك. وبقدر ما تنغرس قيم العيش المشترك في نفوس أفراد المجتمع، بقدر ما يسود الأمن والاستقرار ويصبح التسامح سيد الموقف. ويتعزز هذا الحال مع توفر إعلام يدعم مفاهيم المواطنة والوحدة والتماسك الاجتماعي، مع الكف عن بث ونشر أي شكل من أشكال خطاب الكراهية، الديني والطائفي والإثني، في التغطيات الإخبارية والتحليلات الإعلامية، وهو الأمر المنتشر في العديد من وسائط الإعلام، وضمنها بعض الفضائيات العربية.
والحال كذلك، نكرر ضرورة توفر مناخ ثقافي قوامه نشر قيم ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر في ظل الظروف الراهنة للعالم العربي، لأنه، عبر هذه الثقافة فقط، تترسخ بقوة معالم الوحدة الوطنية. هذا، طبعاً، دون تجاهل أننا بأمس الحاجة لنشر ثقافة قبول الآخر واحترامه، وحقيقة أن العالم العربي ليس مجتمعاً واحداً، بل مجتمعات متعددة، لطالما تحدثنا بعاطفية عن تجانسها رغم أن فيها إثنيات غير عربية، في ظل تنوع ديني ومذهبي. وبدلا من أن يجعل هذا الواقع التعددي من البيئة العربية مصدر إغناء وعامل تحفيز على العطاء المشترك، جعلها بيئة لتربة خصبة تتمدد فيها «الأصولية» الدينية.
وختاماً، فمن الأمثلة المؤثرة التي لا بد من التطرق إلى نجاحاتها، مثال دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتعايش أكثر من مئتي جنسية تمثلها مجموعات إثنية (كبيرة ومتوسطة وصغيرة) ذات لغات مختلفة وعقائد دينية متنوعة.. لكنها جميعاً تسهم في نشر رسالة التسامح والعيش المشترك.