وفق المعطيات الاقتصادية المعروفة، فإن لبنان يعتبر دولة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية، حيث كان شعبها حتى وقت قريب يتمتع بمستويات معيشية جيدة بشكل عام، ففي سنوات السبعينيات كانت بيروت المركز المالي العالمي الرئيسي في الشرق الأوسط، إضافة إلى كونها قبلة للسياحة والترفيه، إلى جانب العديد من الصناعات والإنتاج الزراعي الغزير والبنية التحتية المتطورة، فمطار بيروت كان حلقة الوصل الرئيسية في المنطقة.
أين ذهب كل ذلك؟ ومن المسؤول عما حدث؟ والذي بسببه أضحى ثلثا سكان لبنان مهجرين في مختلف بقاع الأرض، والثلث الآخر المتمسك بأرضه يعاني من الفقر والبطالة، حيث استنفذ الفساد والطائفية والأيديولوجيات المتحجرة قدرات لبنان الاقتصادية الكبيرة، إذ استهلك الفساد موارد الدولة وثرواتها المالية، والتي رحل الجزء الأكبر منها للخارج، في حين عبث «حزب الله» بالجزء المتبقي من الثروة بحكم هيمنته الكاملة على أجهزة الدولة، بما فيها المرافق الأساسية، كالمطار والميناء.
في لبنان تم اللجوء إلى فرض ضريبة على استخدام «الواتس أب» بمقدار 6 دولارات شهرياً، والتي ربما في نظر الشعوب الغنية مبلغ بسيط، إلا أنه غير ذلك بالنسبة إلى اللبنانيين.
هذه الضريبة مضحكة ومأساوية في نفس الوقت، مضحكة على اعتبار أن وزارة الاتصالات ومجلس الوزراء اللذين وافقا على فرضها ليس لهما علاقة بخدمة «الواتس أب»، وهي خدمة دولية تديرها شركة عملاقة عبر الإنترنت، ولبنان مجرد متلقٍ، حاله في ذلك حال بقية دول العالم. ومأساوية لأنها أولاً تمس معيشة البسطاء الذين حرموا من الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه النظيفة والخدمات العامة، ولم يبق لهم سوى تلك الخدمات المجانية التي تأتيهم من الخارج، وثانياً لأنها تعبر عن العجز الذي يصيب الجهاز الإداري والحكومي في لبنان، فبدلاً من البحث عن وسائل لإنتاج الثروة وتنميتها، من خلال تنفيذ مشاريع تنموية، وخلق فرص عمل جديدة، وتنمية مرافق الدولة، وتوفير الخدمات الأساسية، فإنهم لجأوا إلى الطريق السهلة والمريحة، وتحميل عامة الناس ما لا يمكن لهم أن يتحملوه.
لقد حاول رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، في تسعينيات القرن الماضي، انتشال لبنان من الفقر والفوضى من خلال ما ذكرناه آنفاً، أي استقطاب الاستثمارات، وتنفيذ المشايع، وتطوير البنية التحتية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، حيث تمكن في فترة زمنية قصيرة من تحقيق قفزة نوعية للاقتصاد اللبناني، وتنفيذ مشاريع حيوية في كافة القطاعات، إلا أنه قتل مع مطلع الألفية الجديدة، من قبل «حزب الله»، وفق نتائج لجنة التحقيق الدولية التي شكلت بشأن مقتله، ما أدى ذلك إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية، بما فيها الخليجية، والتي تشكل الجزء الأكبر من هذه الأموال، كما أن موقف العداء للخليجيين من قبل «حزب الله»، وقيامه بتدريب عناصر خليجية إرهابية وضع الكثير من العراقيل والقيود أمام سفر الخليجيين، والذين يشكلون نسبة كبيرة من مجموع السياح، مما أفقد هذا القطاع حيويته، وكبد المستثمرين خسائر جسيمة.
من الواضح، أن ضريبة «الواتس أب» تعبر عن الشلل الكامل لجهاز الدولة في لبنان، وأن الأمر يتطلب ببساطة إيجاد جهاز إداري وتنموي تكنوقراط فعال، بعيداً عن الأحزاب والمحاصصة الطائفية، للاستفادة من قدرات وثروات لبنان الكثيرة والمتعدد،ة والنأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية، ووضع كافة مرافق الدولة وبنيتها الأساسية تحت إدارة مهنية، والحد من الفساد، وسن الأنظمة والتشريعات الضامنة للاستثمار، وذلك لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وتشجيع المستثمرين اللبنانيين الذين يملكون قدرات استثمارية هائلة للعودة، مما سيحقق نقلة نوعية للاقتصاد والمجتمع اللبناني، من خلال المشاريع التنموية، وتنشيط قطاع السياحة، وتوفير فرص العمل. في هذه الحالة سيكون هناك لبنان مختلف تماماً، ولن يكون بحاجة لفرض «ضريبة العاجز»، أي ضريبة «الواتس أب» المضحكة والمحزنة، والتي أشعلت شرارة الأحداث، وغيرت الكثير من المفاهيم والتوازنات.
*مستشار وخبير اقتصادي
أين ذهب كل ذلك؟ ومن المسؤول عما حدث؟ والذي بسببه أضحى ثلثا سكان لبنان مهجرين في مختلف بقاع الأرض، والثلث الآخر المتمسك بأرضه يعاني من الفقر والبطالة، حيث استنفذ الفساد والطائفية والأيديولوجيات المتحجرة قدرات لبنان الاقتصادية الكبيرة، إذ استهلك الفساد موارد الدولة وثرواتها المالية، والتي رحل الجزء الأكبر منها للخارج، في حين عبث «حزب الله» بالجزء المتبقي من الثروة بحكم هيمنته الكاملة على أجهزة الدولة، بما فيها المرافق الأساسية، كالمطار والميناء.
في لبنان تم اللجوء إلى فرض ضريبة على استخدام «الواتس أب» بمقدار 6 دولارات شهرياً، والتي ربما في نظر الشعوب الغنية مبلغ بسيط، إلا أنه غير ذلك بالنسبة إلى اللبنانيين.
هذه الضريبة مضحكة ومأساوية في نفس الوقت، مضحكة على اعتبار أن وزارة الاتصالات ومجلس الوزراء اللذين وافقا على فرضها ليس لهما علاقة بخدمة «الواتس أب»، وهي خدمة دولية تديرها شركة عملاقة عبر الإنترنت، ولبنان مجرد متلقٍ، حاله في ذلك حال بقية دول العالم. ومأساوية لأنها أولاً تمس معيشة البسطاء الذين حرموا من الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه النظيفة والخدمات العامة، ولم يبق لهم سوى تلك الخدمات المجانية التي تأتيهم من الخارج، وثانياً لأنها تعبر عن العجز الذي يصيب الجهاز الإداري والحكومي في لبنان، فبدلاً من البحث عن وسائل لإنتاج الثروة وتنميتها، من خلال تنفيذ مشاريع تنموية، وخلق فرص عمل جديدة، وتنمية مرافق الدولة، وتوفير الخدمات الأساسية، فإنهم لجأوا إلى الطريق السهلة والمريحة، وتحميل عامة الناس ما لا يمكن لهم أن يتحملوه.
لقد حاول رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، في تسعينيات القرن الماضي، انتشال لبنان من الفقر والفوضى من خلال ما ذكرناه آنفاً، أي استقطاب الاستثمارات، وتنفيذ المشايع، وتطوير البنية التحتية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، حيث تمكن في فترة زمنية قصيرة من تحقيق قفزة نوعية للاقتصاد اللبناني، وتنفيذ مشاريع حيوية في كافة القطاعات، إلا أنه قتل مع مطلع الألفية الجديدة، من قبل «حزب الله»، وفق نتائج لجنة التحقيق الدولية التي شكلت بشأن مقتله، ما أدى ذلك إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية، بما فيها الخليجية، والتي تشكل الجزء الأكبر من هذه الأموال، كما أن موقف العداء للخليجيين من قبل «حزب الله»، وقيامه بتدريب عناصر خليجية إرهابية وضع الكثير من العراقيل والقيود أمام سفر الخليجيين، والذين يشكلون نسبة كبيرة من مجموع السياح، مما أفقد هذا القطاع حيويته، وكبد المستثمرين خسائر جسيمة.
من الواضح، أن ضريبة «الواتس أب» تعبر عن الشلل الكامل لجهاز الدولة في لبنان، وأن الأمر يتطلب ببساطة إيجاد جهاز إداري وتنموي تكنوقراط فعال، بعيداً عن الأحزاب والمحاصصة الطائفية، للاستفادة من قدرات وثروات لبنان الكثيرة والمتعدد،ة والنأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية، ووضع كافة مرافق الدولة وبنيتها الأساسية تحت إدارة مهنية، والحد من الفساد، وسن الأنظمة والتشريعات الضامنة للاستثمار، وذلك لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وتشجيع المستثمرين اللبنانيين الذين يملكون قدرات استثمارية هائلة للعودة، مما سيحقق نقلة نوعية للاقتصاد والمجتمع اللبناني، من خلال المشاريع التنموية، وتنشيط قطاع السياحة، وتوفير فرص العمل. في هذه الحالة سيكون هناك لبنان مختلف تماماً، ولن يكون بحاجة لفرض «ضريبة العاجز»، أي ضريبة «الواتس أب» المضحكة والمحزنة، والتي أشعلت شرارة الأحداث، وغيرت الكثير من المفاهيم والتوازنات.
*مستشار وخبير اقتصادي