مازال مجلس «العموم» البريطاني لا يريد أن يفعل ما يريده بوريس جونسون. لكن بعد أن خسر رئيس الوزراء تصويتاً آخر على الكيفية التي يجب أن تغادر بها بها بريطانيا الاتحاد الأوروبي- في جلسة نادرة يوم السبت- مازالت المعركة أبعد ما تكون عن الحسم. وسياسة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) تتحرك بسرعة، رغم أن عملية الخروج نفسها لا تتحرك بهذه السرعة. وعلى مدار الأيام القليلة المقبلة سيواجه أعضاء البرلمان الاختيار بين ثلاث قوائم أولويات. صحيح أن كثيرين من أعضاء البرلمان يؤيدون أكثر من واحدة منها، لكن مازال هناك بعض الانقسامات الكبيرة. وليس من الواضح تماماً ما سيأتي في الصدارة.
وأول مسعى يتزعمه رئيس الوزراء، لكن هذا المسعى سحقه، يوم الاثنين الماضي، رئيس البرلمان جون بيركو برفضه الاستجابة لطلب الحكومة بإجراء تصويت جديد على اتفاق جونسون حول بريكست؛ لأن هذا يعني عرض الأمر نفسه على البرلمان مرتين. وكان البرلمان قد وافق على تعديل يوم السبت ما عصف بالتصويت على صفقة جونسون.
والمسعى الثاني يتزعمه الذين صوتوا على التعديل الذي أرجأ التصويت على مقترح جونسون- وهم عبارة عن ائتلاف من «المحافظين» السابقين الذين طردهم جونسون من الحزب وأحزاب المعارضة. ويريد الخصوم سياسة تضمن تمديداً للموعد النهائي لبريكست ومنع المملكة المتحدة من الرحيل دون صفقة في نهاية الشهر. وكان تصويت يوم السبت انتصاراً لهم. وسيحاول بعض أعضاء البرلمان توفير ضمانات تكفل للمملكة المتحدة أن تتجنب خروجاً دون صفقة، إذا لم تمر صفقة جونسون في البرلمان. وكتب رئيس الوزراء إلى الاتحاد الأوروبي- من باب الالتزام بالقانون- يطلب تمديداً، لكنه أعلن أنه لن «يتفاوض» بشأن تمديد. وهذا يوحي أنه لن يضغط على الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد. لكن زعماء التكتل ربما يؤجلون ردهم على أي حال. فهم يريدون أن يعرفوا الغرض الذي يخدمه التمديد. والزعماء الأوروبيون الذين شعروا بإحباط كبير بسبب ما حدث يوم السبت، سيطلبون بعض الضمانات. ومن المتوقع أن ينتظروا ما يحدث في الأيام القليلة المقبلة قبل أن يصدروا رداً رسمياً.
والمسعى الثالث سيقوم به أعضاء البرلمان الذين يريدون إجراء استفتاء جديد. وهذه المجموعة تتضمن بعضاً ممن صوتوا على تعديل يوم السبت لتأجيل التصويت على الصفقة، والذين كانوا من الممكن أن يصوتوا ضد الصفقة إذا تم التقدم بها. وسيحاولون استغلال أي تصويت ليعرضوا على أعضاء البرلمان مدى إمكانية إجراء استفتاء ثانٍ. وفي الأيام القليلة الماضية، حدثت حركة في البرلمان تجاه إجراء استفتاء وسط حتى الذين يريدون صفقة، لكنهم يرون أنها قد لا يجري إقرارها إلا إذا صاحبها تصويت شعبي مؤيد. وإذا استطاعوا تغيير التشريع في صفقة جونسون، فهذا يعني أن المملكة المتحدة لن تغادر التكتل إلا بشروطه إذا كسب استفتاء ثانياً.
وما قد يُستبعد من قائمة الأولويات في الأيام القليلة المقبلة، هو احتمال إجراء انتخابات عامة، لكن هذا قد يعود إلى قائمة الأولويات سريعاً. فلو كانت صفقة جونسون قد سقطت، ولم تكتف بمجرد التأجيل، فكان من الممكن أن يطلب رئيس الوزراء تمديداً من الاتحاد الأوروبي، ثم يضغط على حزب العمال المعارض كي يجري تصويتاً بشأن إجراء انتخابات مبكرة في الأسبوع التالي. وإذا فشلت صفقته في الأسبوع التالي، فمازال من الممكن حدوث هذا. وربما يريد حزب «العمال» أن ينتظر حتى مرور الموعد النهائي المقرر في 31 أكتوبر، لكن إذا لم يستطع جونسون الحصول على دعم لصفقته، فقد تتطلع الحكومة إلى أحزاب أخرى مثل الحزب القومي الاسكتلندي، والحصول على مشروع قانون قصير للغاية يسمح بإجراء انتخابات.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الحكومة والبرلمان على كيفية الرد على أحدث تطورات عملية بريكست، لم تقر حكومة جونسون بعد خطبتها الملكية وهي عملية تصويت كبيرة ومشوقة يجري فيها عرض الخطط التشريعية للحكومة للعام المقبل. ويتعين، طبيعياً، على الحكومات أن تضمن دعماً برلمانياً لخططها التشريعية. والخطبة ألقيت لكن لم يجر التصويت عليها، وقد تخسر الحكومة التصويت عليها. وهذا قد يكون استثنائياً من الناحية الدستورية. فالمرة السابقة التي تعرضت فيها الحكومة لهزيمة في الخِطبَة الملكية كانت عام 1924. لكن دون إجراء انتخابات أو بديل حكومي قادر على الصمود، سيظل جونسون في منصبه مهما يكن من أمر.
وإذا اعترض حزب «العمال» المعارض على هذا الوضع، فقد يحاول الإطاحة برئيس الوزراء بالدعوة إلى تصويت بالثقة في البرلمان. لكن الحزب لن يفعل هذا إلا إذا اعتقد أنه يتمتع بتأييد كافٍ لتشكيل حكومة عمالية، لكنه حتى الآن لا يتمتع بهذا الدعم. وما أن يتم تمديد عملية بريكست، قد يستطيع حزب «العمال» أن يدعو إلى انتخابات عامة وينزع عملية بريكست من أيدي حكومة جونسون. فأحدث تطور في دراما بريكست لم يظهر في السيناريو الذي أعده جونسون، بل التشويق مازال يجري كتابته ولا أحد من الممثلين يعرف إلى أين سينتهي مصير الأحداث.
كاثرين هادون: باحثة بارزة في «معهد من أجل الحكومة» البحثي البريطاني المستقل
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيرز سيرفس»
وأول مسعى يتزعمه رئيس الوزراء، لكن هذا المسعى سحقه، يوم الاثنين الماضي، رئيس البرلمان جون بيركو برفضه الاستجابة لطلب الحكومة بإجراء تصويت جديد على اتفاق جونسون حول بريكست؛ لأن هذا يعني عرض الأمر نفسه على البرلمان مرتين. وكان البرلمان قد وافق على تعديل يوم السبت ما عصف بالتصويت على صفقة جونسون.
والمسعى الثاني يتزعمه الذين صوتوا على التعديل الذي أرجأ التصويت على مقترح جونسون- وهم عبارة عن ائتلاف من «المحافظين» السابقين الذين طردهم جونسون من الحزب وأحزاب المعارضة. ويريد الخصوم سياسة تضمن تمديداً للموعد النهائي لبريكست ومنع المملكة المتحدة من الرحيل دون صفقة في نهاية الشهر. وكان تصويت يوم السبت انتصاراً لهم. وسيحاول بعض أعضاء البرلمان توفير ضمانات تكفل للمملكة المتحدة أن تتجنب خروجاً دون صفقة، إذا لم تمر صفقة جونسون في البرلمان. وكتب رئيس الوزراء إلى الاتحاد الأوروبي- من باب الالتزام بالقانون- يطلب تمديداً، لكنه أعلن أنه لن «يتفاوض» بشأن تمديد. وهذا يوحي أنه لن يضغط على الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد. لكن زعماء التكتل ربما يؤجلون ردهم على أي حال. فهم يريدون أن يعرفوا الغرض الذي يخدمه التمديد. والزعماء الأوروبيون الذين شعروا بإحباط كبير بسبب ما حدث يوم السبت، سيطلبون بعض الضمانات. ومن المتوقع أن ينتظروا ما يحدث في الأيام القليلة المقبلة قبل أن يصدروا رداً رسمياً.
والمسعى الثالث سيقوم به أعضاء البرلمان الذين يريدون إجراء استفتاء جديد. وهذه المجموعة تتضمن بعضاً ممن صوتوا على تعديل يوم السبت لتأجيل التصويت على الصفقة، والذين كانوا من الممكن أن يصوتوا ضد الصفقة إذا تم التقدم بها. وسيحاولون استغلال أي تصويت ليعرضوا على أعضاء البرلمان مدى إمكانية إجراء استفتاء ثانٍ. وفي الأيام القليلة الماضية، حدثت حركة في البرلمان تجاه إجراء استفتاء وسط حتى الذين يريدون صفقة، لكنهم يرون أنها قد لا يجري إقرارها إلا إذا صاحبها تصويت شعبي مؤيد. وإذا استطاعوا تغيير التشريع في صفقة جونسون، فهذا يعني أن المملكة المتحدة لن تغادر التكتل إلا بشروطه إذا كسب استفتاء ثانياً.
وما قد يُستبعد من قائمة الأولويات في الأيام القليلة المقبلة، هو احتمال إجراء انتخابات عامة، لكن هذا قد يعود إلى قائمة الأولويات سريعاً. فلو كانت صفقة جونسون قد سقطت، ولم تكتف بمجرد التأجيل، فكان من الممكن أن يطلب رئيس الوزراء تمديداً من الاتحاد الأوروبي، ثم يضغط على حزب العمال المعارض كي يجري تصويتاً بشأن إجراء انتخابات مبكرة في الأسبوع التالي. وإذا فشلت صفقته في الأسبوع التالي، فمازال من الممكن حدوث هذا. وربما يريد حزب «العمال» أن ينتظر حتى مرور الموعد النهائي المقرر في 31 أكتوبر، لكن إذا لم يستطع جونسون الحصول على دعم لصفقته، فقد تتطلع الحكومة إلى أحزاب أخرى مثل الحزب القومي الاسكتلندي، والحصول على مشروع قانون قصير للغاية يسمح بإجراء انتخابات.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الحكومة والبرلمان على كيفية الرد على أحدث تطورات عملية بريكست، لم تقر حكومة جونسون بعد خطبتها الملكية وهي عملية تصويت كبيرة ومشوقة يجري فيها عرض الخطط التشريعية للحكومة للعام المقبل. ويتعين، طبيعياً، على الحكومات أن تضمن دعماً برلمانياً لخططها التشريعية. والخطبة ألقيت لكن لم يجر التصويت عليها، وقد تخسر الحكومة التصويت عليها. وهذا قد يكون استثنائياً من الناحية الدستورية. فالمرة السابقة التي تعرضت فيها الحكومة لهزيمة في الخِطبَة الملكية كانت عام 1924. لكن دون إجراء انتخابات أو بديل حكومي قادر على الصمود، سيظل جونسون في منصبه مهما يكن من أمر.
وإذا اعترض حزب «العمال» المعارض على هذا الوضع، فقد يحاول الإطاحة برئيس الوزراء بالدعوة إلى تصويت بالثقة في البرلمان. لكن الحزب لن يفعل هذا إلا إذا اعتقد أنه يتمتع بتأييد كافٍ لتشكيل حكومة عمالية، لكنه حتى الآن لا يتمتع بهذا الدعم. وما أن يتم تمديد عملية بريكست، قد يستطيع حزب «العمال» أن يدعو إلى انتخابات عامة وينزع عملية بريكست من أيدي حكومة جونسون. فأحدث تطور في دراما بريكست لم يظهر في السيناريو الذي أعده جونسون، بل التشويق مازال يجري كتابته ولا أحد من الممثلين يعرف إلى أين سينتهي مصير الأحداث.
كاثرين هادون: باحثة بارزة في «معهد من أجل الحكومة» البحثي البريطاني المستقل
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيرز سيرفس»