قامت فلسفة دولة الإمارات العربية المتحدة على قيمة إنسانية أصيلة، وهي عدم الوقوف صامتة أمام حاجات الشعوب في كل مكان، مقدمةً لكل المعوزين ومحتاجي الدعم أسمى معاني التضامن والتكاتف والتعاون، من دون النظر إلى اختلافاتهم الدينية واللغوية والعرقية والجغرافية، فأساسها في ذلك أن الكل سواء، وأن لا هناء وطمأنينة إلا من خلال الإحساس بالمتضررين من الكوارث والنكبات والحروب، وتقديم العون لهم أينما وُجِدوا. وفي آخر مبادرات هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تميزاً، تم إطلاق مبادرة إنسانية جديدة تستهدف كفالة 10 آلاف يتيم في 25 دولة حول العالم، شعارها «كونوا أهلاً لهم»، يتم تنفيذها من خلال منصات التواصل الاجتماعي والرسائل النصية القصيرة، بالتعاون مع شركة «اتصالات»، إضافة إلى تسويق المبادرة في المراكز التجارية في الدولة لمدة ثلاثة أيام، تبدأ اليوم الخميس، وتستمر حتى السبت المقبل، يقوم خلالها المتطوعون بالتواصل المباشر مع زبائن وزوار المراكز التجارية، لوضعهم بصورة المبادرة وأهميتها ودورها في تقديم العون للأيتام، من خلال كفالتهم داخل الدولة وخارجها، وبما يحقق للهيئة ومشاريعها الخاصة بهذا النوع من الدعم، نقلة نوعية لتحقيق طفرة كبيرة في مشروع الكفالات الذي تبنته منذ عام 1986.
لقد أسست هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومعها العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية والتطوعية، لإعطاء أكثر المعاني نبلاً في حشد الدعم للفئات الاجتماعية المعوزة، ولفت الانتباه إلى أوضاعها الإنسانية الصعبة في كل مكان، انسجاماً مع توجهات القيادة الرشيدة في دولة الإمارات وطموحاتها في تعزيز العمل الخيري والإنساني بين مواطني الدولة والمقيمين فيها، بشكل منظم وممأسس، يتم من خلاله التنسيق مع كل الإدارات والجهات المعنية للعمل بروح تعاونية ومشتركة في مجالات العمل الخيري والإنساني الذي تعمل الدولة ومؤسساتها على ترسيخه والارتقاء به، لتشكل هذه المبادرةُ الصورةَ الأنصعَ في التعامل مع حاجات ومتطلبات أيتام دولة الإمارات، ودول عربية وأجنبية، بما يمكّنهم من نيل حقوقهم الإنسانية على اختلافها، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها، ليضاف هذا العمل النبيل إلى رصيد وسجل الدولة في العمل الخيري، ويتزامن بذلك مع عام التسامح، الذي جاء هذه المرة ليعمل على خدمة الأيتام وتحقيق متطلباتهم، لتأهيلهم وجعلهم قادرين على الاعتماد على أنفسهم، وخدمة أسرهم ومجتمعاتهم بقدرة وكفاءة عاليتين.
لقد عملت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي على العديد من المشروعات الخيرية، وخاصة مشروع الكفالات الذي يتضمن كفالة الأيتام والأسر الفقيرة وطلبة العلم وأصحاب الهمم داخل الدولة وخارجها، وذلك من خلال التعاون مع الكفلاء الذين يرغبون في إسعاد اليتامى، بتوفير حياة كريمة لهم وتلبية احتياجاتهم المختلفة، وهو ما أوصل عدد المكفولين لدى الهيئة 107331 مكفولاً حتى أكتوبر الجاري، من بينهم 104868 يتيماً، و142 طالب علم يتيماً داخل الدولة، و1065 شخصاً من أصحاب الهمم، و1256 أسرة، حيث تستهدف مساعدات الهيئة الشرائح المستضعفة، من الأرامل والمرضى وطلاب العلم والسجناء وأصحاب الهمم على المستوى المحلي، فضلاً عن إطلاقها عدداً من البرامج الإنسانية والاجتماعية التي تحقق الفائدة للمواطنين والمقيمين في الدولة، وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعوب في دول العالم كافة، ترسيخاً للمسؤولية المجتمعية، وبما يحقق مصلحة الفئات المستهدفة، في ترقية البرامج وتحسين الخدمات المقدمة لهم.
إن المهام الإنسانية التي تضطلع بها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، هي غيض من فيض لما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الصعيد، حيث تبوأت الدولة الصدارة عالمياً، كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم لعام 2017، بحسب بيانات لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إذ قدمت الدولة خلال عام 2017 مساعدات إنمائية بقيمة 19.32 مليار درهم، بمعدل نمو 18.1% مقارنة بعام 2016، وذلك دعماً للخطط التنموية التي تنفذها الدول المستفيدة، كما وصلت المساعدات الإماراتية إلى 147 دولة موزعة على مختلف قارات العالم، للمساهمة في تخفيف المعاناة التي تواجهها الشعوب المنكوبة، بدعم احتياجاتهم الإنسانية والتنموية الملحة في العديد من المجالات.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.