عمّت التظاهرات الواسعة يوم الجمعة الماضية في أكثر من 160 بلداً، في احتجاجات شعبية عالمية واسعة النطاق، يبدو أنه قد تم التنسيق لها على الصعيد العالمي، وشارك فيها عدد يقدر بنحو أربعة ملايين شخص، وذلك من أجل البيئة وبغرض التنبيه إلى ما يهددها من مخاطر. وقد جرت أكبر التظاهرات في أستراليا وبرلين ولندن ونيويورك وسان فرانسيسكو.. حيث دعا المشاركون فيها جميعاً إلى حماية الأرض.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد أن اعتبرت الأمم المتحدة أن السنوات الخمس الأخيرة (2015-2019) قد تكون الفترة الأشد حراً منذ بدء تدوين درجات الحرارة في السجلات عام 1850. ويتوقع العلماء أن ترتفع حرارة الأرض بواقع 3 درجات مئوية.
لكن ماذا عن منطقة الشرق الأوسط عموماً والخليج خصوصاً؟ التقارير الدولية تؤكد بأن الحياة في الخليج بعد عام 2050 ستكون محفوفة ببعض المصاعب. فالتقرير الأممي الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية لشؤون التغير المناخي (TPCC) يحذّر من أن المناطق المحيطة بالخليج وبحر العرب والبحر الأحمر هي الأكثر عرضة للتضرر من آثار التغير المناخي في العالم.
ويبقى السؤال: لماذا لم تتحرك أغلب الشعوب والحكومات العربية إلى جانب شعوب وحكومات العالم من أجل حماية الأرض؟
من المفارقات الغريبة أننا نحن العرب أكثر المتضررين من ارتفاع درجات الحرارة، ومع ذلك لم تظهر المظاهرات إلا في لبنان والمغرب وتونس، داعيةً للاهتمام بالبيئة. فهل يعود السبب إلى حالة الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكثرة الحروب الأهلية والإقليمية التي تسود المنطقة؟
مجلة «الايكونومست» البريطانية الرصينة خصصت عددها الأخير، الصادر بتاريخ 27 سبتمبر، لمعالجة قضية المناخ في العالم، وأكدت أن درجات الحرارة في ارتفاع مستمر منذ عام 1850 حتى الآن. وفي هذا العدد ذكرت «ريشيل ليكر»، عالمة المناخ بمؤسسة اتحاد العلماء والمهتمين في واشنطن، أن «دول الخليج وبعض دول شمال أفريقيا هي الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي؛ وذلك لارتفاع درجات الحرارة فيها طوال فصل الصيف، ولندرة الموارد المائية فيها، مما يهدد بنزاعات إقليمية على مصادر المياه».
وأخيراً نتساءل: ما هي الخطوات التي يجب علينا اتباعها كشعوب لتفادي الكارثة المناخية القادمة؟
ليس هنالك حلول سهلة، لأن المشكلة عالمية، وهذا يتطلب حلولاً علمية عبر الاستعانة بالأساليب العلمية ومن خلال التعاون الخليجي والعربي والعالمي. فالتحول نحو الطاقة الشمسية لإدارة محطات المياه أمر مهم جداً، وعلينا العناية بنظافة مياه الخليج، لأنه أكثر بحار العالم تلوثاً بسبب التسرب الذي تحدثه ناقلات النفط وقيام بعضها أحياناً بتفريغ حمولتها فيه.
ومن المطلوبات في هذا المجال أيضاً زراعة الأشجار بكثافة، والحفاظ على الحيوانات والمزروعات البرية وترشيد استهلاك المياه. وبخصوص الجزئية الأخيرة، تظهر الدراسات الدولية وجود استهلاك مفرط للمياه العذبة في منطقتنا، حتى إننا نستهلك المياه أكثر من الدول الصناعية التي لديها أنهار جارية. لذلك يتعين تغيير نمط استهلاكنا للمياه تفادياً للأزمات المناخية القادمة.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت