كتب السناتور بيرني ساندرز تغريدة يوم الثلاثاء الماضي قال فيها: «لا يجب أن يوجد أصحاب مليارات»، في الوقت الذي نشر فيه تصوره عن ضريبة على الثروة تجعل من الواضح أنه جاد فيما يقول. وعلى أقل تقدير، سيخلق مقترح ساندرز فجوة بينه وبين السناتور اليزابيث وارين التي نشرت قبل ثمانية أشهر مقترحها الخاص بجمع ضريبة بنسبة 2% على فاحشي الثراء. وأصبح المقترح، ليس فقط أحد الأعمدة المحورية لسياستها في حملتها بل أصبح هتافاً للجمهور خلال خُطبها.
وهذان المقترحان ربما ينطلقان من قاعدة فكرية واحدة، لكنهما مختلفان للغاية وعلى نحو يلقي الضوء على ما يميز ساندرز عن وارين. ففكرة وارين مثيرة للخلاف، لكن فكرة ساندرز تتجاوز هذا. خطة وارين مباشِرةٌ نسبياً، وهي فرض ضرائب على كل الأصول التي تزيد قيمتها على 50 مليون دولار بنسبة 2% سنوياً وفرض ضريبة بنسبة 3% سنوياً على كل الأصول التي تزيد على مليار دولار. بينما تضمنت خطة ساندرز فئات كثيرة لفرض الضرائب على الأثرياء. وفيما يلي فئات الضرائب التي تتصورها خطة ساندرز:-
- 1% على الثروة التي تتراوح بين 32 و50 مليون دولار.
- 2% على الثروة التي تتراوح بين 50 و250 مليون دولار.
- 3% على الثروة التي تتراوح بين 250 و500 مليون دولار.
- 4% على الثروة التي تتراوح بين 500 مليون ومليار دولار.
- 5% على الثروة التي تتراوح بين مليار و2.5 مليار دولار.
- 6% على الثروة التي تتراوح بين 2.5 مليار وخمسة مليارات دولار.
- 7% على الثروة التي تتراوح بين خمسة وعشرة مليارات دولار.
- 8% على الثروة التي تزيد على عشرة مليارات دولار.
فإذا كان المرء بين الـ600 ملياردير في البلاد، فالضريبة التي يقترحها ساندرز ستكبده أموالاً أكثر بكثير من الضريبة التي تقترحها وارين. فسيدفع 30 مليون دولار بموجب خطة وارين، على المليار الحادي عشر الذي يمتلكه، لكنه سيدفع 80 مليون دولار مقابل هذا المليار بموجب خطة ساندرز. ووفقاً للاقتصاديين ايمانويل سايز وجابرييل تسوكمان، ستجمع ضريبة ساندرز 4.35 تريليون دولار على مدار عشر سنوات، بفارق كبير عن خطة وارين. والأمر بالنسبة لساندرز ليس مجرد جعل الطبقات العليا تدفع نصيبها العادل من الضرائب، بل يريد أن يقلص ثرواتها. وجاء في خطة ساندرز: «بموجب هذه الخطة، ستتقلص ثروات أصحاب المليارات إلى النصف على مدار 15 عاماً، مما سيقضي جوهرياً على تركيز الثروة والسلطة لدى هذه الطبقة الصغيرة المتميزة».
صحيح أن اليمين ربما يحتقر فرض الضرائب على الثروة لأسباب أيديولوجية، لكن بعض الليبراليين يكرهونها لأسباب عملية. فقد فرضت الكثير من الدول الأوروبية ضرائب على الثروة قبل عقود، لكن العدد تقلص الآن إلى ثلاث دول فقط، هي النرويج وإسبانيا وسويسرا. وقد لاحظت الدول أن الأغنياء وجدوا أنه من السهل بالنسبة لهم التهرب من الضرائب، وأيسر الوسائل هي مغادرة البلاد. وانتهى الأمر إلى جمع عائدات أقل مما كانت تأمله الحكومات.
ورد كل من ساندرز ووارين على الانتقاد الخاص بتهرب الأثرياء من الضرائب، بالقول إنهما سيحرصان على سد الثغرات في النظام الضريبي وتعزيز ميزانية مصلحة الإيرادات الداخلية (مصلحة الضرائب) في التنفيذ. والواقع أن إعادة تنشيط دور مصلحة الإيرادات الداخلية يجب أن يكون أولوية لأي ديمقراطي سواء أقر ضريبة على الأثرياء أم لا، لأن الجمهوريين ظلوا لعقود يدمرون الوكالة مما أدى إلى عدم قدرتها على إجبار فاحشي الثراء على دفع ما يدينون به.
وفي المعترك السياسي، سيكون إقرار أي من الخطتين في الكونجرس عملية شاقة على أفضل الأحوال. لكن هذا النقاش يمكن أن يوسع الجدل بشأن الضرائب. لكن في عصر «عدم المساواة الشديدة»، لن يكون من الجيد للديمقراطيين أن يناقشوا ما يجب عليهم فعله كي يجعلوا الأثرياء يساهمون في أعباء البلاد. وبلا شك، سيجادل «الجمهوريون» بأن أصحاب المليارات يجب ألا يجري إثقال كاهلهم بالمساهمة في أعباء البلاد التي مكنتهم من جمع ممتلكاتهم الطائلة في المقام الأول، وهو موقف لن يحظى بأي تأييد لدى جمهور الناخبين.
وأعتقد أن هذا آخر شيء يتعين على الرئيس دونالد ترامب أن يتحدث فيه، وهذا يصح بشكل خاص، إذا أصبح أي من ساندرز أو وارين المرشحَ «الديمقراطي» للرئاسة، لأن أي واحد منهما سيدير حملته حول فكرة أن الأثرياء زورا النظام لصالحهم. لكن مقترح ساندرز يقدم لافتة أخرى على أنه يقطع شوطاً أبعد فيما يقترحه عن أي ديمقراطي آخر. وربما لا يساعده هذا في الفوز بالترشيح، لكن من شبه المؤكد أنه سيمكّنه من الحفاظ على تأثيره في الجدل السياسي.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»