أدى فرع «الإخوان» العراقيين صلاة الغائب للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، الذي توفى أثناء محاكمته بالقاهرة في هذا العام، وسنوياً تحتفل الميليشيات الولائية بذكرى اغتيال القيادي في «حزب الله» اللبناني عِماد مَغنيَّة، الذي اغتيل بدمشق (2008). لسنا ضد الصَّلاة أو الاحتفال، إذا جريا في ظروف طبيعية، خارج ما يتعلق بالأممية الإسلامية. فالإسلام السِّياسي السُّني، الممثل بفروع «الإخوان» كافة، قام بتلك الصَّلاة، لإعلان موقف ضد دولة مصر، وضد كلِّ دولة ونظام وجماعة لها مشكلة مع «الإخوان». ففي موقعهم الرّسمي اعتبر «الإخوان» مرسي «هبةً مِن الله»، ونقل موقعهم الرَّسمي ما قاله الشَّيخ أحمد المحلاوي: «إن الرئيس مرسي كان ضحية النظام العالمي، الذي يخشى أن تحكم مصر بالإسلام، لافتاً إلى أن الرئيس مرسي كان هبة الله لهذه الأمة، وستظل رايته مرفوعة إلى أن يأتي الله سبحانه وتعالى برجل آخر» (موقع الإخوان 23/6/2019).
ليقل «الإخوان» المصريون ما يقولونه بمرسي، ولهم إذا ما شبهوه بالذي يأتي على كل مائة عام، وهم يقصدون أُمة المسلمين لا الأُمة المصرية، فالأخيرة غير معترف بها مِن قِبلهم، وهذا ما جعل مرسي، على الحقيقة عندهم لا المجاز، رئيس الأمة الإسلامية، وهو أقرب لـ«الإخوان» العراقيين من رئيس العراق، مثلما خامنئي، أقرب للمحتفلين بذكرى عِماد مَغنيَّة مِن رئيس العراق، وأن رفع صورة مرسي بالأعظميَّة، ورفع صورة خامنئي في استعراضات الميليشيات تعني تلك الحقيقة.
إذا كان «الإخوان» يقصدون بما تبنوه في خطاب أحد شيوخهم، بـ«هبة الله»، الحديث: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»(سُنن أبي داوُد/ الملاحم)، فتفسيره تجديد الدِّين لا السُّلطة السِّياسية، لكنَّ مرسيَّاً ليس مِن الفقهاء، إنما رئيس حزب!
لم يتغير الخطاب الإسلامي السِّياسي، على تبدل الأزمان، فهو خطاب مؤسسهم حسن البنا (اغتيل 1949) نفسه، عندما اعتبر «الإخوان» هم «الصَّحابة الأوائل»، قال: «كلما وجدتُ مع الإخوان في حفل شعرتُ بخاطر، هذا الخاطر هو المقارنة بين عهدين لدعوتنا: عهدها الأول حين قام الرَّسول صلى الله عليه وسلم وحده يُجاهد منفرداً، وعهدها الثاني عهد انبعاثها على أيديكم، أنتم أيها (الإخوان)، فقمتم تجددون العهد، وتحشدون القوى، وتبذلون الجهود حتى يرجع للدعوة شبابها، وتكتمل قوتها»(الإخوان المسلمين الأسبوعية، 102 السنة 1946).
فإذا كان مرسيّ «هبة الله»، فمعناها العودة إلى مقولة «ظل الله على الأرض»، أو «خازن مال الله»، فعلامَ العمل السِّياسي، والتَّفرع إلى جماعات، اللاحق مِنها أكثر عنفاً من السَّابق؟! بالمقابل، إذا كان الحاكم «نائب الإمام»، انتهى دور السِّياسة، فالولي الفقيه وارث علم النّبوة، حسب ما ورد في محاضرات الخميني(ت1989)، التي ألقاها بالنَّجف، وبثتها الإذاعة العراقية- القسم الفارسي، في السبعينيات، عبر برنامج «النَّهضة الرُّوحية» بصوت رفيقه محمود دعائي(طباطبائي زوجة أحمد خميني، ذكرياتي)، لتصبح الولاية نظرية حكم إيران، ويُرفع شعار «اللَّهم احفظ لنَّا الخميني حتى ظهور المهدي»!
أما عِماد مَغنيَّة، لبناني مِن قيادات «حزب الله»، تحتفل به سنوياً الميليشيات ببغداد، ويُعتبر شهيد الأمة الإسلاميَّة، وعذر القوى التي تحتفل به أنه قام بتدريب «رجال المقاومة» العام 2003 وما بعدها، ضد الأميركان، يوم اختفى الخيط الرَّفيع وما زال مختفياً، بعيون العراقيين، بين الإرهاب والمقاومة.
دخلت المقاومة التي دربها مَغنيَّة، مِن بلاد الشَّام، بشقيها الشّيعي والسٌّني، أسفرت عن وجود الجماعات المسلحة، التي حار بها الآن حتى أصدقاء إيران داخل العراق، فقد صاروا أمام النَّاس وجهاً لوجه، بين جيش عراقي مجروح بالتهميش، وجيش رديف يُقدم نفسه «مقاومة إسلاميَّة»، حتى خارج ما يُعرف بالحشد الشَّعبي (حازم الأمين، موقع الحُرة: الحرس الثَّوري العراقي)، وهذه المقاومة تعتبر مَغنيَّة شهيدها ومؤسس وجودها الأول.
ما شأن العِراق في الحالتين، أُممية الإخوان وأُممية ولاية الفقيه، واللتان تلتقيان في أكثر مِن سِكةٍ؟! وهل وضع العِراق الواهن، الذي يُقرن ببيت العنكبوت، قادر على تحمل تبعات العداء للدول بشعار الأممية الإخوانية، أو تنظيم الإخوان الدُّولي، أو أن يكون منطلقاً لمقاومة إسلامية، ليس له فيها ناقة ولا جمل؟!
لا نفهم، صلاة الغائب على مرسيّ خارج اللَّعب السِّياسيّ الحزبي، ولا جر العراق ليكون ساحةً للحرب بالوكالة، وقد هتكته الحروب، وأباده الحصار، ومزقته الطَّائفية، ونكلت بشعبه التفجيرات والاغتيالات، فبأي حقَّ يُستغل العِراق ليكون محراباً سياسياً للإخوان وخزانة لسلاح للولي الفقيه؟!
ترى الفريقين، المصلون على مرسيّ والمحتفلون بمَغنيَّة، لا يهمهم أمر العِراق بل ولا الدِّين والمذهب. على العِراق دفع الثَّمن مِن أجل غيره، إتاوة تؤخذ من كلِّ عراقي لفحه الفقر والعوز، فلا يرى مِن الثروة الطَّائلة غير مخازن أسلحة لغيره، للمقاومة الإسلامية ونظام «الممانعة»، وكاتب الأحزاب الاقتصادية، أحزاب جعلت الشَّعب العراقي وثروته رهينة لدى الولي الفقيه ومشاريع الإسلام السِّياسي.
يقول جابر بن حَنُيٍّ التَّغْلبيّ(قبل الإسلام): «أفي كلِّ أسواقِ العِراق إتاوة/وفي كلِّ ما باع امرؤ مكس درهمِ/ألا ينتهي عنا رجالٌ وتتقي/محارمنا لا يدرأ الدَّمُّ إلا بالدَّمِّ» (المقريزي، المواعظ والاعتبار). فمتى ينتهي ارتهان ثروة العِراق ودماء شعبه لنائب الإمام؟! أُحاذر مِن اختفاء رسم واسم هذه البلاد، فالحدود بدأت تختفي وراء الموالاة!
ليقل «الإخوان» المصريون ما يقولونه بمرسي، ولهم إذا ما شبهوه بالذي يأتي على كل مائة عام، وهم يقصدون أُمة المسلمين لا الأُمة المصرية، فالأخيرة غير معترف بها مِن قِبلهم، وهذا ما جعل مرسي، على الحقيقة عندهم لا المجاز، رئيس الأمة الإسلامية، وهو أقرب لـ«الإخوان» العراقيين من رئيس العراق، مثلما خامنئي، أقرب للمحتفلين بذكرى عِماد مَغنيَّة مِن رئيس العراق، وأن رفع صورة مرسي بالأعظميَّة، ورفع صورة خامنئي في استعراضات الميليشيات تعني تلك الحقيقة.
إذا كان «الإخوان» يقصدون بما تبنوه في خطاب أحد شيوخهم، بـ«هبة الله»، الحديث: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»(سُنن أبي داوُد/ الملاحم)، فتفسيره تجديد الدِّين لا السُّلطة السِّياسية، لكنَّ مرسيَّاً ليس مِن الفقهاء، إنما رئيس حزب!
لم يتغير الخطاب الإسلامي السِّياسي، على تبدل الأزمان، فهو خطاب مؤسسهم حسن البنا (اغتيل 1949) نفسه، عندما اعتبر «الإخوان» هم «الصَّحابة الأوائل»، قال: «كلما وجدتُ مع الإخوان في حفل شعرتُ بخاطر، هذا الخاطر هو المقارنة بين عهدين لدعوتنا: عهدها الأول حين قام الرَّسول صلى الله عليه وسلم وحده يُجاهد منفرداً، وعهدها الثاني عهد انبعاثها على أيديكم، أنتم أيها (الإخوان)، فقمتم تجددون العهد، وتحشدون القوى، وتبذلون الجهود حتى يرجع للدعوة شبابها، وتكتمل قوتها»(الإخوان المسلمين الأسبوعية، 102 السنة 1946).
فإذا كان مرسيّ «هبة الله»، فمعناها العودة إلى مقولة «ظل الله على الأرض»، أو «خازن مال الله»، فعلامَ العمل السِّياسي، والتَّفرع إلى جماعات، اللاحق مِنها أكثر عنفاً من السَّابق؟! بالمقابل، إذا كان الحاكم «نائب الإمام»، انتهى دور السِّياسة، فالولي الفقيه وارث علم النّبوة، حسب ما ورد في محاضرات الخميني(ت1989)، التي ألقاها بالنَّجف، وبثتها الإذاعة العراقية- القسم الفارسي، في السبعينيات، عبر برنامج «النَّهضة الرُّوحية» بصوت رفيقه محمود دعائي(طباطبائي زوجة أحمد خميني، ذكرياتي)، لتصبح الولاية نظرية حكم إيران، ويُرفع شعار «اللَّهم احفظ لنَّا الخميني حتى ظهور المهدي»!
أما عِماد مَغنيَّة، لبناني مِن قيادات «حزب الله»، تحتفل به سنوياً الميليشيات ببغداد، ويُعتبر شهيد الأمة الإسلاميَّة، وعذر القوى التي تحتفل به أنه قام بتدريب «رجال المقاومة» العام 2003 وما بعدها، ضد الأميركان، يوم اختفى الخيط الرَّفيع وما زال مختفياً، بعيون العراقيين، بين الإرهاب والمقاومة.
دخلت المقاومة التي دربها مَغنيَّة، مِن بلاد الشَّام، بشقيها الشّيعي والسٌّني، أسفرت عن وجود الجماعات المسلحة، التي حار بها الآن حتى أصدقاء إيران داخل العراق، فقد صاروا أمام النَّاس وجهاً لوجه، بين جيش عراقي مجروح بالتهميش، وجيش رديف يُقدم نفسه «مقاومة إسلاميَّة»، حتى خارج ما يُعرف بالحشد الشَّعبي (حازم الأمين، موقع الحُرة: الحرس الثَّوري العراقي)، وهذه المقاومة تعتبر مَغنيَّة شهيدها ومؤسس وجودها الأول.
ما شأن العِراق في الحالتين، أُممية الإخوان وأُممية ولاية الفقيه، واللتان تلتقيان في أكثر مِن سِكةٍ؟! وهل وضع العِراق الواهن، الذي يُقرن ببيت العنكبوت، قادر على تحمل تبعات العداء للدول بشعار الأممية الإخوانية، أو تنظيم الإخوان الدُّولي، أو أن يكون منطلقاً لمقاومة إسلامية، ليس له فيها ناقة ولا جمل؟!
لا نفهم، صلاة الغائب على مرسيّ خارج اللَّعب السِّياسيّ الحزبي، ولا جر العراق ليكون ساحةً للحرب بالوكالة، وقد هتكته الحروب، وأباده الحصار، ومزقته الطَّائفية، ونكلت بشعبه التفجيرات والاغتيالات، فبأي حقَّ يُستغل العِراق ليكون محراباً سياسياً للإخوان وخزانة لسلاح للولي الفقيه؟!
ترى الفريقين، المصلون على مرسيّ والمحتفلون بمَغنيَّة، لا يهمهم أمر العِراق بل ولا الدِّين والمذهب. على العِراق دفع الثَّمن مِن أجل غيره، إتاوة تؤخذ من كلِّ عراقي لفحه الفقر والعوز، فلا يرى مِن الثروة الطَّائلة غير مخازن أسلحة لغيره، للمقاومة الإسلامية ونظام «الممانعة»، وكاتب الأحزاب الاقتصادية، أحزاب جعلت الشَّعب العراقي وثروته رهينة لدى الولي الفقيه ومشاريع الإسلام السِّياسي.
يقول جابر بن حَنُيٍّ التَّغْلبيّ(قبل الإسلام): «أفي كلِّ أسواقِ العِراق إتاوة/وفي كلِّ ما باع امرؤ مكس درهمِ/ألا ينتهي عنا رجالٌ وتتقي/محارمنا لا يدرأ الدَّمُّ إلا بالدَّمِّ» (المقريزي، المواعظ والاعتبار). فمتى ينتهي ارتهان ثروة العِراق ودماء شعبه لنائب الإمام؟! أُحاذر مِن اختفاء رسم واسم هذه البلاد، فالحدود بدأت تختفي وراء الموالاة!