كان خبراً سعيداً بالنسبة لي أن تُرجم مؤخراً كتاب الدكتور واين داير «غيّر أفكارك.. غيّر حياتك»، وعنوانه الفرعي «عش في حكمة التاو»، رغم أن طبعة الكتاب الإنجليزية قد صدرت في عام 2007. وهو تأخر يوضح أننا بحاجة إلى عشرة أضعاف عدد المترجمين الحاليين لكي يمكن ترجمة كل كتاب بارز في سنة صدوره.
ما هو «التاو»؟ جرت عادة المترجمين العرب أن يكتبوها «تاوية» أو «طاوية»، وأعتقد أن الأصح أن تُكتب كما تُنطق «داوية» و«داو»، وهي كلمة تعني «الطريق»، وتشير إلى الفلسفة الصينية القديمة التي اعتبرها البعض ديانة.
هذا الكتاب الذي ألفه الراحل «واين داير»، هو شرح وتفسير لكتاب الحكمة الصيني القديم «داو تي تشينغ» الذي تُرجم وشُرح مرات لا تُحصى، حيث لم يحظ باهتمام أكثر منه إلا الكتب السماوية. لا يمكن أن ندرج هذا الكتاب ببساطة في كتب تطوير الذات التي كثرت فقلّت قيمتها وأهميتها.
من صاغ الجملة المشهورة «إذا غيّرت نظرتك للأشياء، فلسوف تتغيّر الأشياء» هو «واين داير» نفسه، وهو من أكسبها شهرتها، وهي لم ترد كنص في الكتاب، لكنها متضمنة فيه وركن أساسي في أفكاره وقضاياه. وكم من الناس هم بأمس الحاجة لهذه الحكمة!
كتاب الحكمة الصيني يُنسب لرجل اسمه «لاو تزو» الذي كان قيّماً على الأرشيف الإمبراطوري في العاصمة القديمة لمقاطعة ليويانغ. ويقال إن هذا الحكيم وُلد في عام 604 قبل الميلاد، مع أنه من الناحية العلمية المحضة هناك شك في بعض ما يروى عنه، بل ثمة شك في وجوده التاريخي. لكن المؤكد أن كتاب الحكمة الصينية القديم كان وما يزال مصدراً أساسياً للوصول إلى طريقة في العيش تضمن السعادة والسلام والتناغم، وقد استطاع أشخاص كثر أن يتخلصوا من مشكلة الإدمان من خلال قراءة وتكرار هذه النصوص. إنها 81 قطعة أدبية فريدة في أفكارها وفي الأسلوب الذي كُتبت به، ولعل أهم فكرة فيها هي حثها للناس على العيش بعفوية. فماذا يمكن أن يعني أن نعيش بعفوية؟ معناه أن تقبل بوجود الأضداد في حياتك، وألا تنزعج من التناقض، فهذا القبول هو ما يجعلك تعيش حياة موحدة لا تغرق في الجزئيات ولا تقلق بشأن التفاصيل ولا تحزن على ماض ولا تخاف من مستقبل. الموقف هنا ليس جبرياً بل إنه القمة في حرية الإرادة والاختيار. أن تختار أن تترك الشك والخوف والقلق والحزن والغضب واللوم، وأن تتآلف مع ما هو كائن، وتقبل بكل ما يحدث في يومك وليلتك في تسليم خالص. هذا يتضمن أن يتخلى الإنسان عن هويته التي تفصله عن الآخرين أو تجعله يتعالى عليهم، يتضمن التخلي عن أشيائه الخاصة، وعن كل إنجازاته. عوضاً عن كل هذا، ينبغي أن يكتفي الإنسان بأن يستمتع بما يفعله مهما كان صغيراً كشرب قدح من الشاي، وبكل ما يجري في حياته لأجل متعة القيام بالعمل فقط. واقعاً، أنت لا تملك أي شيء ولا تملك أي حبيب، كل ما هو مركّب سوف يتحلل، وكل ما هو لك سوف يصبح ملك شخص آخر لاحقاً، أنت هنا روح تخوض تجربة مادية في عالم الأجساد ولسوف تغادر، لذلك تراجع قليلاً، واسمح لنفسك بأن تكون مراقِباً لهذا العالم بدلا من الغرق فيه. أن تكون مراقِباً مستقلاً سوف يمنحك حالة من المتعة، حتى وأنت ترى قبضتك تُخفف من شدتها على ممتلكاتك، من خلال عملية التخلي هذه ستمتلك الحرية.
ما هو «التاو»؟ جرت عادة المترجمين العرب أن يكتبوها «تاوية» أو «طاوية»، وأعتقد أن الأصح أن تُكتب كما تُنطق «داوية» و«داو»، وهي كلمة تعني «الطريق»، وتشير إلى الفلسفة الصينية القديمة التي اعتبرها البعض ديانة.
هذا الكتاب الذي ألفه الراحل «واين داير»، هو شرح وتفسير لكتاب الحكمة الصيني القديم «داو تي تشينغ» الذي تُرجم وشُرح مرات لا تُحصى، حيث لم يحظ باهتمام أكثر منه إلا الكتب السماوية. لا يمكن أن ندرج هذا الكتاب ببساطة في كتب تطوير الذات التي كثرت فقلّت قيمتها وأهميتها.
من صاغ الجملة المشهورة «إذا غيّرت نظرتك للأشياء، فلسوف تتغيّر الأشياء» هو «واين داير» نفسه، وهو من أكسبها شهرتها، وهي لم ترد كنص في الكتاب، لكنها متضمنة فيه وركن أساسي في أفكاره وقضاياه. وكم من الناس هم بأمس الحاجة لهذه الحكمة!
كتاب الحكمة الصيني يُنسب لرجل اسمه «لاو تزو» الذي كان قيّماً على الأرشيف الإمبراطوري في العاصمة القديمة لمقاطعة ليويانغ. ويقال إن هذا الحكيم وُلد في عام 604 قبل الميلاد، مع أنه من الناحية العلمية المحضة هناك شك في بعض ما يروى عنه، بل ثمة شك في وجوده التاريخي. لكن المؤكد أن كتاب الحكمة الصينية القديم كان وما يزال مصدراً أساسياً للوصول إلى طريقة في العيش تضمن السعادة والسلام والتناغم، وقد استطاع أشخاص كثر أن يتخلصوا من مشكلة الإدمان من خلال قراءة وتكرار هذه النصوص. إنها 81 قطعة أدبية فريدة في أفكارها وفي الأسلوب الذي كُتبت به، ولعل أهم فكرة فيها هي حثها للناس على العيش بعفوية. فماذا يمكن أن يعني أن نعيش بعفوية؟ معناه أن تقبل بوجود الأضداد في حياتك، وألا تنزعج من التناقض، فهذا القبول هو ما يجعلك تعيش حياة موحدة لا تغرق في الجزئيات ولا تقلق بشأن التفاصيل ولا تحزن على ماض ولا تخاف من مستقبل. الموقف هنا ليس جبرياً بل إنه القمة في حرية الإرادة والاختيار. أن تختار أن تترك الشك والخوف والقلق والحزن والغضب واللوم، وأن تتآلف مع ما هو كائن، وتقبل بكل ما يحدث في يومك وليلتك في تسليم خالص. هذا يتضمن أن يتخلى الإنسان عن هويته التي تفصله عن الآخرين أو تجعله يتعالى عليهم، يتضمن التخلي عن أشيائه الخاصة، وعن كل إنجازاته. عوضاً عن كل هذا، ينبغي أن يكتفي الإنسان بأن يستمتع بما يفعله مهما كان صغيراً كشرب قدح من الشاي، وبكل ما يجري في حياته لأجل متعة القيام بالعمل فقط. واقعاً، أنت لا تملك أي شيء ولا تملك أي حبيب، كل ما هو مركّب سوف يتحلل، وكل ما هو لك سوف يصبح ملك شخص آخر لاحقاً، أنت هنا روح تخوض تجربة مادية في عالم الأجساد ولسوف تغادر، لذلك تراجع قليلاً، واسمح لنفسك بأن تكون مراقِباً لهذا العالم بدلا من الغرق فيه. أن تكون مراقِباً مستقلاً سوف يمنحك حالة من المتعة، حتى وأنت ترى قبضتك تُخفف من شدتها على ممتلكاتك، من خلال عملية التخلي هذه ستمتلك الحرية.