في أقل من عشر سنوات، تحولت السياسة الخارجية التركية من هدف «صفر مشاكل» إلى واقع يزخر بالمشاكل. سياسات الحزب الحاكم، «الحرية والعدالة»، اختلفت، بل تبدلت، بعد أن انتقل زعيمه رجب طيب أردوغان من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الجمهورية، وصولاً إلى الانفراد بالسلطة. وتغير الحزب من حيث تركيبته وتفاعلاته الداخلية، وفقد أبرز أركانه الذين كان لهم الفضل الأكبر في الإنجازات التي حققتها تركيا في العقد الماضي، وأخذ في الانحسار بعدهم، وفي مقدمتهم عبدالله غول، وداود أوغلو، وعلي باباجان.
وفضلاً عن أزمة تضرب الاقتصاد، الذي حقق ازدهاراً في العقد الماضي، وتراجع في شعبية حزب حاد عن الاتجاه الذي سلكه ومكّنه من نيل ثقة البعض في العقد الماضي، يزداد التخبط في السياسة الخارجية التي تخلق كل يوم خلافات وخصومات جديدة، وتؤدي إلى مزيد من الخسائر.
والأرجح أن الخسائر التي أدت إلى تعليق مشاركة تركيا في برنامج صناعة طائرات «إف-35» وتطويرها، تمهيداً لاستبعادها منه، لن تكون الأخيرة في هذا السياق. فأردوغان، المنفرد بالقرار، لا يتبع في السياسة الخارجية قاعدة حساب المكاسب سعياً لزيادتها والخسائر لمحاولة تقليلها. ولذا لم يكترث للمكاسب والخسائر عندما أصر على صفقة استيراد منظومة صواريخ «إس-400» من روسيا، رغم تحذير الولايات المتحدة من مغبة إتمامها، خاصة أن ضم هذه المنظومة إلى ترسانة تركيا العسكرية لا يحقق أي مكسب تُعوَّض به الخسائر المترتبة على استبعادها من برنامج «إف-35».
لم يهتم أردوغان برسائل متتالية وجهتها واشنطن، وتضمنت تحذيراً من أن المضي قدماً في إتمام صفقة «إس-400» سيؤدي إلى إنهاء مشاركة تركيا في برنامج تصنيع طائرات «إف-35» وتطويرها. وعندما بدأت روسيا في إرسال مكونات منظومتها إلى تركيا، قررت واشنطن تنفيذ تهديدها، تطبيقاً لقانون مواجهة أعداء أميركا ?المعروف ?اختصاراً بـ«?كاستا»?. ?واستند ?القرار ?الأميركي ?إلى ?أن ?روسيا ?مازالت ?مُصنفة ?في ?خانة ?الخصوم. ?وربما ?لن ?تكون ?هذه ?العقوبة الأميركية ?الوحيدة ?على ?أنقرة. ?وحتى ?إذا ?اكتفى ?الأميركيون ?بها، ?فهي ?تُلحق ?بتركيا ?خسائر ?كبيرة ?لا ?تُعوَّض ?صفقة «?إس-400» ?أياً ?منها.
ستخسر تركيا مئة طائرة مقاتلة من طراز «إف-35»، فيما تتطلع دول أخرى إلى الحصول على أي عدد منها. لكن الأهم أنها ستفقد التكنولوجيا التي كانت قريبة من امتلاكها عبر مشاركتها في برنامج صناعة هذا الطراز وتطويره، فضلاً عن التضحية ببرنامج لدعم مهارات عدد معتبر من طياريها عبر تدريبهم في الولايات المتحدة. وبهذا تضيع أنقرة فرصة قد لا تتكرر، إذ تندر الحالات التي يحصل فيها مشترو أسلحة على تكنولوجيا صناعة أي أجزاء منها، فضلاً عن تطويرها.
وخسرت تركيا، كذلك، فرصة زيادة مواردها عن طريق تصدير المكونات، التي كان متفقاً على أن تقوم بصناعتها في إطار برنامج «إف-35»، لدول أخرى لديها الطراز نفسه.
ولا تقل أهميةً الخسارة السياسية التي لحقت بتركيا، بعد أن فقدت ثقة مؤسسات السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركية. فلم تعترض هذه المؤسسات على صفقة «إس-400» إلا عندما أيقنت أن جمع هذه المنظومة، وطائرات «إف-35»، معاً يمكن أن يؤدي لكشف أسرار عسكرية أميركية، الأمر الذي يُعد خطاً أحمر في الولايات المتحدة.
وراهن أردوغان على أن يستخدم الرئيس ترامب صلاحياته التنفيذية لإعفاء تركيا من العقوبات، على أساس أنه كانت لديه تحفظات على قانون «كاتس» عند إصداره، ونظراً لأن أنقرة عقدتها بعد أن رفضت إدارة الرئيس السابق أوباما إمدادها بمنظومة صواريخ «باتريوت».
وكان هذا الرهان ذاته خطأ استراتيجياً، وتعبيراً عن نظرة قصيرة المدى، حتى بافتراض أن أردوغان كسبه، لأن ترامب ذاهب بعد عام أو خمسة أعوام، في حين أن المؤسسات الأميركية التي فقدت الثقة في تركيا باقية.
خسائر بالجملة، إذن، وضياع لفرصة من نوع يقل مثله، بسبب واحد من قرارات منفردة يتخذها أردوغان، وتتحمل تركيا وشعبها الأعباء المترتبة عليها.
وفضلاً عن أزمة تضرب الاقتصاد، الذي حقق ازدهاراً في العقد الماضي، وتراجع في شعبية حزب حاد عن الاتجاه الذي سلكه ومكّنه من نيل ثقة البعض في العقد الماضي، يزداد التخبط في السياسة الخارجية التي تخلق كل يوم خلافات وخصومات جديدة، وتؤدي إلى مزيد من الخسائر.
والأرجح أن الخسائر التي أدت إلى تعليق مشاركة تركيا في برنامج صناعة طائرات «إف-35» وتطويرها، تمهيداً لاستبعادها منه، لن تكون الأخيرة في هذا السياق. فأردوغان، المنفرد بالقرار، لا يتبع في السياسة الخارجية قاعدة حساب المكاسب سعياً لزيادتها والخسائر لمحاولة تقليلها. ولذا لم يكترث للمكاسب والخسائر عندما أصر على صفقة استيراد منظومة صواريخ «إس-400» من روسيا، رغم تحذير الولايات المتحدة من مغبة إتمامها، خاصة أن ضم هذه المنظومة إلى ترسانة تركيا العسكرية لا يحقق أي مكسب تُعوَّض به الخسائر المترتبة على استبعادها من برنامج «إف-35».
لم يهتم أردوغان برسائل متتالية وجهتها واشنطن، وتضمنت تحذيراً من أن المضي قدماً في إتمام صفقة «إس-400» سيؤدي إلى إنهاء مشاركة تركيا في برنامج تصنيع طائرات «إف-35» وتطويرها. وعندما بدأت روسيا في إرسال مكونات منظومتها إلى تركيا، قررت واشنطن تنفيذ تهديدها، تطبيقاً لقانون مواجهة أعداء أميركا ?المعروف ?اختصاراً بـ«?كاستا»?. ?واستند ?القرار ?الأميركي ?إلى ?أن ?روسيا ?مازالت ?مُصنفة ?في ?خانة ?الخصوم. ?وربما ?لن ?تكون ?هذه ?العقوبة الأميركية ?الوحيدة ?على ?أنقرة. ?وحتى ?إذا ?اكتفى ?الأميركيون ?بها، ?فهي ?تُلحق ?بتركيا ?خسائر ?كبيرة ?لا ?تُعوَّض ?صفقة «?إس-400» ?أياً ?منها.
ستخسر تركيا مئة طائرة مقاتلة من طراز «إف-35»، فيما تتطلع دول أخرى إلى الحصول على أي عدد منها. لكن الأهم أنها ستفقد التكنولوجيا التي كانت قريبة من امتلاكها عبر مشاركتها في برنامج صناعة هذا الطراز وتطويره، فضلاً عن التضحية ببرنامج لدعم مهارات عدد معتبر من طياريها عبر تدريبهم في الولايات المتحدة. وبهذا تضيع أنقرة فرصة قد لا تتكرر، إذ تندر الحالات التي يحصل فيها مشترو أسلحة على تكنولوجيا صناعة أي أجزاء منها، فضلاً عن تطويرها.
وخسرت تركيا، كذلك، فرصة زيادة مواردها عن طريق تصدير المكونات، التي كان متفقاً على أن تقوم بصناعتها في إطار برنامج «إف-35»، لدول أخرى لديها الطراز نفسه.
ولا تقل أهميةً الخسارة السياسية التي لحقت بتركيا، بعد أن فقدت ثقة مؤسسات السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركية. فلم تعترض هذه المؤسسات على صفقة «إس-400» إلا عندما أيقنت أن جمع هذه المنظومة، وطائرات «إف-35»، معاً يمكن أن يؤدي لكشف أسرار عسكرية أميركية، الأمر الذي يُعد خطاً أحمر في الولايات المتحدة.
وراهن أردوغان على أن يستخدم الرئيس ترامب صلاحياته التنفيذية لإعفاء تركيا من العقوبات، على أساس أنه كانت لديه تحفظات على قانون «كاتس» عند إصداره، ونظراً لأن أنقرة عقدتها بعد أن رفضت إدارة الرئيس السابق أوباما إمدادها بمنظومة صواريخ «باتريوت».
وكان هذا الرهان ذاته خطأ استراتيجياً، وتعبيراً عن نظرة قصيرة المدى، حتى بافتراض أن أردوغان كسبه، لأن ترامب ذاهب بعد عام أو خمسة أعوام، في حين أن المؤسسات الأميركية التي فقدت الثقة في تركيا باقية.
خسائر بالجملة، إذن، وضياع لفرصة من نوع يقل مثله، بسبب واحد من قرارات منفردة يتخذها أردوغان، وتتحمل تركيا وشعبها الأعباء المترتبة عليها.