هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى بشن عملية عسكرية جديدة للجيش التركي في شرقي الفرات بسوريا، قائلا إنه أخبر الولايات المتحدة وروسيا بخطته، وذلك «لتجفيف مستنقع الإرهاب بمناطق شرق نهر الفرات»، حسب تعبيره، متعللا بأن بلاده «تملك الحق في اتخاذ كافة التدابير للقضاء على التهديدات التي تواجه أمنها القومي، أكان ذلك مع حلفائها أو بدونهم». ثم جرت اجتماعات بين وفدين عسكريين أميركي وتركي بين يومي 5 و7 أغسطس الجاري بمقر وزارة الدفاع التركية، لمناقشة الخطط بشأن إنشاء المنطقة الآمنة، وأُعلن أن الطرفين اتفقا على إنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا بأقرب وقت ممكن لتنسيق وإدارة المنطقة الآمنة.
لكن لماذا أعلنت تركيا نيتها شن حملة عسكرية جديدة للدخول إلى شرق الفرات؟ ولماذا تعارض واشنطن العملية؟ ولماذا وافقت الآن على المنطقة الآمنة؟ وهل يمكن الحديث عن مقايضة تركية لإدلب بشرق الفرات؟
لم تكف أنقرة عن سعيها لإنشاء منطقة آمنة شمال شرقي سوريا، لحماية حدودها، في ظل حربها الممتدة على «حزب العمال الكردستاني» والجماعات التي تعتبرها مرتبطة به من ناحية، وفي ظل انعكاسات الحرب السورية المستمرة وزيادة النفوذ الكردي في المناطق الشمالية لسوريا وظهور مخططات انفصالية للأكراد في المناطق الحدودية التي يسيطرون عليها من ناحية أخرى.
وظهرت فكرة المنطقة الآمنة في مايو 2013 عقب زيارة أردوغان لواشنطن، لكن الولايات المتحدة رفضتها حفاظاً على حلفائها من أكراد سوريا. وفي 2016 شنت القوات التركية عملية في سوريا، شاركت فيها المعارضة السورية، ضد تنظيم «داعش» وقوات «سوريا الديمقراطية»، امتدت من أغسطس 2016 حتى مارس 2017، وسميت عملية «درع الفرات»، سيطرت خلالها تركيا على مناطق منها جرابلس وإعزاز والباب في ريف حلب الشمالي والشرقي. وفي 2018 شنت القوات التركية عملية «غصن الزيتون» وسيطرت خلالها على مدينة عفرين. وفي حال تمكنت تركيا من الإطباق على منطقة منبج وشرق الفرات فسيكتمل ما تسميه «المنطقة الآمنة».
لا تريد واشنطن خسارة حلفائها الأكراد، خشية أن تدفعهم تهديدات أنقرة للتقارب مع دمشق وإعادة الأراضي على الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى سيطرة السلطات السورية. فيما تصر موسكو على هذا الخيار، وهي مستعدة، على أساسه، لتوفير الحماية للأكراد. واليوم لا يمانع الأميركيون -مبدئياً- من إنشاء تركيا منطقةً أمنةً، لكن يبقى الخلاف على مساحة تلك المنطقة. وقد أعلنت أنقرة من جهتها أن الاتفاق الأميركي التركي يقضي بإخلاء هذه المنطقة من المسلحين الأكراد بعد نزع أسلحتهم الثقيلة، وتدمير كل الأنفاق والتحصينات والمواقع التابعة لهم داخل المنطقة.. مما يعني إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لتركيا للاستحواذ على أراض سورية محاذية لحدودها والتخلي عن الأكراد.
ولأردوغان أهداف متشعبة من عملية التحشيد للهجوم والاتفاق على إنشاء المنطقة الآمنة، فداخلياً يحتاج حزبه، «العدالة والتنمية»، إلى انتصار يعوض عن هزيمته المزدوجة في انتخابات إسطنبول، ويرفع به أسهمه داخل حزبه بعد أن ظهرت بوادر تململ من سياساته. كما يريد اللعب على ورقة إعادة اللاجئين السوريين عبر ممرات آمنة إلى المنطقة الآمنة في سوريا.
إن قراءة دقيقة لكافة المعطيات والوقائع على الأرض تشير إلى أن إعلان أردوغان عن حرب مقبلة ضد مسلحي شرق الفرات، يعيد ترتيب أولويات تركيا السابقة بالنسبة للحرب في سوريا، حيث ستواصل أنقرة مناوراتها من خلال المساومة على محافظة إدلب، أي عبر تسليم أجزاء مهمة منها للجيش السوري مقابل الحصول على المنطقة الآمنة في شمال سوريا.
لكن لماذا أعلنت تركيا نيتها شن حملة عسكرية جديدة للدخول إلى شرق الفرات؟ ولماذا تعارض واشنطن العملية؟ ولماذا وافقت الآن على المنطقة الآمنة؟ وهل يمكن الحديث عن مقايضة تركية لإدلب بشرق الفرات؟
لم تكف أنقرة عن سعيها لإنشاء منطقة آمنة شمال شرقي سوريا، لحماية حدودها، في ظل حربها الممتدة على «حزب العمال الكردستاني» والجماعات التي تعتبرها مرتبطة به من ناحية، وفي ظل انعكاسات الحرب السورية المستمرة وزيادة النفوذ الكردي في المناطق الشمالية لسوريا وظهور مخططات انفصالية للأكراد في المناطق الحدودية التي يسيطرون عليها من ناحية أخرى.
وظهرت فكرة المنطقة الآمنة في مايو 2013 عقب زيارة أردوغان لواشنطن، لكن الولايات المتحدة رفضتها حفاظاً على حلفائها من أكراد سوريا. وفي 2016 شنت القوات التركية عملية في سوريا، شاركت فيها المعارضة السورية، ضد تنظيم «داعش» وقوات «سوريا الديمقراطية»، امتدت من أغسطس 2016 حتى مارس 2017، وسميت عملية «درع الفرات»، سيطرت خلالها تركيا على مناطق منها جرابلس وإعزاز والباب في ريف حلب الشمالي والشرقي. وفي 2018 شنت القوات التركية عملية «غصن الزيتون» وسيطرت خلالها على مدينة عفرين. وفي حال تمكنت تركيا من الإطباق على منطقة منبج وشرق الفرات فسيكتمل ما تسميه «المنطقة الآمنة».
لا تريد واشنطن خسارة حلفائها الأكراد، خشية أن تدفعهم تهديدات أنقرة للتقارب مع دمشق وإعادة الأراضي على الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى سيطرة السلطات السورية. فيما تصر موسكو على هذا الخيار، وهي مستعدة، على أساسه، لتوفير الحماية للأكراد. واليوم لا يمانع الأميركيون -مبدئياً- من إنشاء تركيا منطقةً أمنةً، لكن يبقى الخلاف على مساحة تلك المنطقة. وقد أعلنت أنقرة من جهتها أن الاتفاق الأميركي التركي يقضي بإخلاء هذه المنطقة من المسلحين الأكراد بعد نزع أسلحتهم الثقيلة، وتدمير كل الأنفاق والتحصينات والمواقع التابعة لهم داخل المنطقة.. مما يعني إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لتركيا للاستحواذ على أراض سورية محاذية لحدودها والتخلي عن الأكراد.
ولأردوغان أهداف متشعبة من عملية التحشيد للهجوم والاتفاق على إنشاء المنطقة الآمنة، فداخلياً يحتاج حزبه، «العدالة والتنمية»، إلى انتصار يعوض عن هزيمته المزدوجة في انتخابات إسطنبول، ويرفع به أسهمه داخل حزبه بعد أن ظهرت بوادر تململ من سياساته. كما يريد اللعب على ورقة إعادة اللاجئين السوريين عبر ممرات آمنة إلى المنطقة الآمنة في سوريا.
إن قراءة دقيقة لكافة المعطيات والوقائع على الأرض تشير إلى أن إعلان أردوغان عن حرب مقبلة ضد مسلحي شرق الفرات، يعيد ترتيب أولويات تركيا السابقة بالنسبة للحرب في سوريا، حيث ستواصل أنقرة مناوراتها من خلال المساومة على محافظة إدلب، أي عبر تسليم أجزاء مهمة منها للجيش السوري مقابل الحصول على المنطقة الآمنة في شمال سوريا.