تهتم دولة الإمارات العربية المتحدة بكل القضايا التي تحقق النزاهة والشفافية، واعتماد منظومة من التشريعات والممارسات التي تعزز من مكافحة الفساد، انطلاقاً من خطورته على تعطيل أهداف التنمية المستدامة والإضرار بالموارد المالية للشعوب، وبما يؤثر سلبياً في المستويات المعيشية والصحية والاجتماعية لها، حيث تعد دولة الإمارات من أوائل الدول التي اعتمدت مجموعة من التشريعات المناهضة للفساد، وسنت القوانين بشأن ملاحقة الفاسدين وتقديمهم للعدالة، وتفعيل قنوات تواصل من أجل التعاون مع المجتمع الدولي في كل ما من شأنه مكافحة الفساد وتجفيف منابعه، وفق أفضل الممارسات والتجارب العالمية.
واستكمالاً لاستراتيجياتها الرامية إلى مكافحة آفة الفساد، وقع ديوان المحاسبة كرئيس لـ«منظمة الإنتوساي» مذكرة تفاهم، مؤخراً مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بفيينا، حيث قال معالي الدكتور حارب بن سعيد العميمي، رئيس ديوان المحاسبة رئيس «منظمة الإنتوساي»: إن توقيع هذه المذكرة يأتي تتويجاً للجهود التي تقودها دولة الإمارات بالتعاون مع المجتمع الدولي في مكافحة الفساد ومناهضة أشكاله كافة، مضيفاً أن ذلك سيسهم في رفع مستوى كفاءة تنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لهذه الجريمة، فيما يتعلق بإدارة واستخدام الأموال العامة، ويؤسس لمزيد من التعاون بين الأجهزة الرقابية والجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد في مجال تبادل المعلومات والتدريب الفني والتعاون الدولي على المستوى الإقليمي والمستوى الثنائي، ويعزز ممارسات مكافحة الفساد وملاحقة مرتكبيه، وفق أساليب متطورة، تحد منه وتجنب من الأضرار الجسيمة والعواقب الوخيمة الناتجة عنه.
لم تكن الاتفاقية الأخيرة هي الخطوة الوحيدة في مسارات دولة الإمارات في مكافحة الفساد والتعاون مع المجتمع الدولي على الحد من هذه المشكلة، حيث شاركت الدولة في مايو الماضي، ممثلة بديوان المحاسبة، في اجتماعات فرق العمل التابعة لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، المنبثقة عن مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهو المعنيّ بالمخدرات والجريمة في فيينا، حيث جاءت تلك المشاركة بصفة دولة الإمارات طرفاً في الاتفاقية المذكورة، واستعرضت خلاله ما نفذته بخصوص الفصل الثاني (التدابير الوقائية) والفصل الخامس (استرداد الموجودات) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وفي إطار تعزيز التعاون العربي لمكافحة الفساد، استضاف ديوان المحاسبة، في أبوظبي في أبريل الماضي، الاجتماع المشترك لفريق الخبراء الفنيين لدولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، تعزيزاً للعمل المشترك بين حكومتي الدولتين، ولاسيما فيما يخص عمل الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، والتصدي لكل أشكاله ومعاقبة مرتكبيه، لما له من آثار مدمرة في تقويض الاقتصاد، وتعطيل مشاريع التنمية الشاملة والمستدامة، ومصادرة الأموال العامة وتوجيهها لأغراض غير مشروعة، تطال أضرارها حياة الشعوب ومصائرها، حيث استعرض اللقاء دراسة مشروعات قرارات مشتركه بشأن تعزيز آليات تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد، من خلال نشر ثقافة نبذ ممارسات الفساد وزيادة وعي المجتمع واعتماد آليات تعليم وتوعية منتسبي المؤسسات التعليمية بضرورة مكافحة الفساد، ومناقشة المواضيع ذات الصلة بمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في دورته الثامنة، الذي سيستضيفه ديوان المحاسبة في العاصمة أبوظبي في ديسمبر المقبل.
إن كل الخطوات المتتابعة والدقيقة لدولة الإمارات في مكافحة الفساد، أثمرت إنجازات بالغة الأهمية لها، حيث احتفظت بالصدارة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مكافحة الفساد كأكثر دول المنطقة نزاهة، واحتلت المرتبة 23 بين 180 دولة على مستوى العالم على مؤشر مدركات الفساد 2018 الصادر في يناير الماضي عن منظمة الشفافية العالمية، حيث أشار التقرير إلى تحسّن درجات دولة الإمارات على المؤشر، عازياً ذلك إلى مستواها من التنمية والتطور البشري وفاعلية أنظمتها في الإدارة العامة، ومستوياتها العالية من الناتج المحلي الإجمالي، ومقدار ونوعية التطور في منظومة الصحة والتعليم والبنية التحتية لديها، وتحسن مستوى الخدمات الحكومية المقدمة إلى المواطنين والمقيمين فيها.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية