يأتي احتجاز إيران لناقلة نفط ترفع العلم البريطاني كحلقة جديدة في حلقات التصعيد المتوالية في المنطقة. وجاء التصرف الإيراني عقب احتجاز بريطانيا ناقلةَ النفط الإيرانية «غريس1» قبالة سواحل جبل طارق في الرابع من يوليو الجاري للاشتباه في خرقها العقوبات المفروضة على سوريا، ليهدّد العديد من المسؤولين الإيرانيين بالرد بالمثل في مضيق هرمز ما لم يتم تحرير الناقلة الإيرانية على الفور. ثم هدد المرشد خامنئي، خلال لقائه أئمة الجمعة في طهران، الثلاثاء الماضي، بأن «طهران سترد على احتجاز بريطانيا ناقلة النفط عندما تتاح الفرصة، وفي المكان المناسب».
وتسعى طهران إلى تصدير أزماتها الداخلية الناتجة عن تفاقم المشكلات الاقتصادية وتدهور العملة، بعد تصاعد حدة تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية، كما دأبت على إثارة القلاقل بمنطقة الخليج العربي من حين لآخر.
واليوم تتجه الأنظار إلى الممر المائي الضيق بين إيران وسلطنة عُمان، وهو مضيق هرمز، والذي لطالما هددت طهران بإغلاقه كلما تصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة أو دول المنطقة، في محاولة للضغط على هذه الدول. ورغم التهديدات لم يحدث أن استطاعت إيران إغلاق المضيق. وتبرز تساؤلات عدة حول السيناريوهات المتوقعة لهذه السلسة من المناوشات الخطرة في الخليج، وانعكاساتها المتوقعة على اقتصادات المنطقة، وما إذا كان الأمر يعني عودة جديدة لـ«حرب الناقلات» في الخليج؟
يعد مضيق هرمز أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، حيث يمر عبره خمس صادرات النفط العالمي، وتشرف سلطنة عمان على حركة الملاحة البحرية في هرمز باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية، رغم تصنيفه كمضيق دولي بموجب «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982. ومع أن إيران من الدول الموقعة على «الاتفاقية»، فإن قانونها البحري لا يعترف بالمضايق الدولية، ولطالما اعتبرت طهران أنها المسيطر على حركة الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز حسب ادعائها، لذلك يتوهم «الحرس الثوري» أنه المهيمن على الأجزاء الشمالية والشرقية من الخليج العربي وعلى مضيق هرمز بأكمله، مدعياً دوره في المحافظة على أمن الملاحة في الخليج!
إن عرقلة مرور ناقلات النفط يشكل تهديداً لحرية الملاحة والتجارة الدولية ولأمن الطاقة العالمي، لذلك يستوجب التصعيد الإيراني تحركاً متزامناً للدول المتضررة من استفزازات طهران. وقد اقترحت واشنطن في التاسع من يوليو الجاري تعزيز جهود حماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن، وتحدث مسؤولون أميركيون عن خطة لحماية الممرات المائية من التهديدات الإيرانية لحرية الملاحة البحرية في مضيقي هرمز وباب المندب، يتولى بموجبها تحالف دولي حماية المضيقين. ووفقاً للمسؤولين الأميركيين فإن واشنطن لن تتولى قيادة التحالف البحري وإنما ستساهم بطائرات استطلاع وسفن حربية ومهام أخرى غير قتالية وتقديم الدعم الاستخباراتي.
إن الصبيانية السياسية التي يمارسها «الحرس الثوري» الإيراني في الخليج من شأنها إلحاق أضرار جسيمة بالمصالح الوطنية الإيرانية. وفي التاريخ عبرة مما عرف باسم «حرب الناقلات» خلال الثمانينيات إبان الحرب العراقية الإيرانية. ففي عام 1988 اصطدمت سفينة حربية أميركية بلغم زرعته سفينة تابعة للبحرية الإيرانية في الخليج العربي، وعندما تأكد ضلوع إيران في الحادثة وجهت الولايات المتحدة ضربة صاروخية ضد القوات البحرية الإيرانية في عملية عرفت باسم «فرس النهر»، مؤديةً إلى انهيار القوة البحرية الإيرانية لسنوات. إن مراهنة إيران على لعبة استعراض عضلات الحرس الثوري في الخليج عواقبها وخيمة وتستدعي من طهران إعادة النظر في حساباتها، ففي النهاية لن يسمح لإيران بإملاء شروطها ووضع قواعد الملاحة في الخليج كما يحلو لها.
*كاتبة إماراتية
وتسعى طهران إلى تصدير أزماتها الداخلية الناتجة عن تفاقم المشكلات الاقتصادية وتدهور العملة، بعد تصاعد حدة تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية، كما دأبت على إثارة القلاقل بمنطقة الخليج العربي من حين لآخر.
واليوم تتجه الأنظار إلى الممر المائي الضيق بين إيران وسلطنة عُمان، وهو مضيق هرمز، والذي لطالما هددت طهران بإغلاقه كلما تصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة أو دول المنطقة، في محاولة للضغط على هذه الدول. ورغم التهديدات لم يحدث أن استطاعت إيران إغلاق المضيق. وتبرز تساؤلات عدة حول السيناريوهات المتوقعة لهذه السلسة من المناوشات الخطرة في الخليج، وانعكاساتها المتوقعة على اقتصادات المنطقة، وما إذا كان الأمر يعني عودة جديدة لـ«حرب الناقلات» في الخليج؟
يعد مضيق هرمز أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، حيث يمر عبره خمس صادرات النفط العالمي، وتشرف سلطنة عمان على حركة الملاحة البحرية في هرمز باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية، رغم تصنيفه كمضيق دولي بموجب «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982. ومع أن إيران من الدول الموقعة على «الاتفاقية»، فإن قانونها البحري لا يعترف بالمضايق الدولية، ولطالما اعتبرت طهران أنها المسيطر على حركة الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز حسب ادعائها، لذلك يتوهم «الحرس الثوري» أنه المهيمن على الأجزاء الشمالية والشرقية من الخليج العربي وعلى مضيق هرمز بأكمله، مدعياً دوره في المحافظة على أمن الملاحة في الخليج!
إن عرقلة مرور ناقلات النفط يشكل تهديداً لحرية الملاحة والتجارة الدولية ولأمن الطاقة العالمي، لذلك يستوجب التصعيد الإيراني تحركاً متزامناً للدول المتضررة من استفزازات طهران. وقد اقترحت واشنطن في التاسع من يوليو الجاري تعزيز جهود حماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن، وتحدث مسؤولون أميركيون عن خطة لحماية الممرات المائية من التهديدات الإيرانية لحرية الملاحة البحرية في مضيقي هرمز وباب المندب، يتولى بموجبها تحالف دولي حماية المضيقين. ووفقاً للمسؤولين الأميركيين فإن واشنطن لن تتولى قيادة التحالف البحري وإنما ستساهم بطائرات استطلاع وسفن حربية ومهام أخرى غير قتالية وتقديم الدعم الاستخباراتي.
إن الصبيانية السياسية التي يمارسها «الحرس الثوري» الإيراني في الخليج من شأنها إلحاق أضرار جسيمة بالمصالح الوطنية الإيرانية. وفي التاريخ عبرة مما عرف باسم «حرب الناقلات» خلال الثمانينيات إبان الحرب العراقية الإيرانية. ففي عام 1988 اصطدمت سفينة حربية أميركية بلغم زرعته سفينة تابعة للبحرية الإيرانية في الخليج العربي، وعندما تأكد ضلوع إيران في الحادثة وجهت الولايات المتحدة ضربة صاروخية ضد القوات البحرية الإيرانية في عملية عرفت باسم «فرس النهر»، مؤديةً إلى انهيار القوة البحرية الإيرانية لسنوات. إن مراهنة إيران على لعبة استعراض عضلات الحرس الثوري في الخليج عواقبها وخيمة وتستدعي من طهران إعادة النظر في حساباتها، ففي النهاية لن يسمح لإيران بإملاء شروطها ووضع قواعد الملاحة في الخليج كما يحلو لها.
*كاتبة إماراتية