أخيراً وبعد عملية شد وجذب أثرت في مسارها العديد من العوامل الاقتصادية والتجارية الجيو- سياسية اتفقت البلدان الأعضاء بالأوبك مع البلدان المنتجة للنفط من خارجها والمسمى «أوبك+» في اجتماعها الأخير الذي عقد بالعاصمة النمساوية «فيينا» بداية شهر يوليو الجاري، بتمديد العمل باتفاق تخفيض الإنتاج بحجم 1.2 مليون برميل يومياً لمدة تسعة أشهر، وذلك رغم تفاوت المواقف بين الدول المنتجة.
الحقيقة أن تمديد العمل بالاتفاق حسم قبل ذلك في قمة العشرين الذي عقد بأوساكا اليابانية نهاية شهر يونيو الماضي بعد اتفاق كل من السعودية وروسيا بعد اجتماع ولي العهد السعودي والرئيس الروسي، والذي عبر عنه وزير الطاقة الروسي «الكسندر نوفاك» عندما قال «إن الاتفاق بين روسيا والسعودية على تمديد تخفيضات إنتاج الخام يظهر التزام البلدين باستقرار سوق النفط».
لقد غير التنسيق السعودي الروسي المدعوم خليجياً عاملاً حاسماً في تحديد اتجاهات أسواق النفط، بما في ذلك تحديد الأسعار، فالتوقعات قبل إقرار الاتفاق في اليابان كانت تشير إلى إمكانية انهيار الأسعار في حالة عدم تمديد العمل بالتخفيض، وهو ما سيشكل خسارة ومصاعب اقتصادية كبيرة للبلدان المصدرة، بما فيها السعودية وروسيا واللتين أضحتا تشكلان عمودي استقرار الأسواق، مع ما يعنيه ذلك من استقرار لصالح البلدان المنتجة والمستهلكة والمحافظة على أسعار عادلة تتراوح ما بين 60 – 70 دولاراً للبرميل، وهو ما يشكل استقرار للاقتصاد العالمي ككل.
لقد ساهم هذا التعاون الثنائي على سبيل المثال في تجنب العواقب المحتملة للتوقف شبه الكامل لصادرات النفط الإيرانية، حيث كانت حكومة الملالي في طهران تعول على فشل العقوبات الأميركية على إيران بسبب تجاوز أسعار النفط لحاجز 100 دولار للبرميل بعد تطبيق العقوبات على قطاع النفط الإيراني، إلا توفر فائض لدى بعض البلدان ساهم في تعويض تراجع الصادرات الإيرانية، وبالتالي المحافظة على استقرار الأسواق والأسعار.
ومع ذلك حاولت إيران بصورة يائسة بعد أن اتضحت ملامح تفاصيل الاتفاق حتى قبل قمة العشرين باستغلال تفجيرات ناقلات النفط بالقرب من ميناء الفجيرة وتخريب خطوط أنابيب النفط السعودية بتخويف الأسواق لرفع سعر برميل النفط فوق 100 دولار، مما سيشكل ضغطاً على الإدارة الأميركية التي تسعى إلى بقاء الأسعار عند مستويات متدنية.
يبدو أن قراءة إيران لتطورات أسواق النفط خاطئة، كما هي قرائتها للتطورات الجيو– سياسية، والتي ترتكب فيها الأخطاء المتتالية والتي كلفتها خسائر باهظة، فمسارات الأسواق لم تعد تحددها منظمة الأوبك وحدها، بل إن البلدان المنتجة للنفط من خارج «أوبك» أضخت تلعب دوراً رئيسياً لا يمكن تجاهله، بل لا يمكن العمل والحفاظ على مصالح الدول المصدرة بدونه.
من هنا لا ينظر الآن إلى اجتماعات منظمة «الأوبك» بمعزل عن باقي المصدرين، وإنما تنتظر الأسواق اجتماع دول المصطلح الجديد الذي يطلق عليه «أوبك +» ويلعب دوراً حاسماً في اتخاذ القرارات والتي عادة ما يتم التحضير لها باجتماعات مسبقة بين السعودية وروسيا، كممثلين للمجموعتين.
لذلك، فان كل محاولات طهران لرفع الأسعار من خلال عمليات ترهيب لن يكتب لها النجاح، خصوصا وأنها أصبحت خارج مجموعة البلدان المصدرة للنفط من الناحية العملية، ولم يعد لها تأثير يذكر، كما كان في السابق، إضافة إلى أن التنسيق ضمن (أوبك+) قادر على احتواء المحاولات الإيرانية، وبالتالي المحافظة على مصالح الجميع.
من هنا، فان الاجتماع الأخير، والذي أقر فيه استمرار التخفيض يشير بصورة واضحة إلى أن استقرار أسواق وأسعار النفط أصبح شبه مضمون بفضل تعاون بلدان «أوبك +» وهو ما يعني المزيد من الاستقرار في أسواق النفط العالمية في الفترة القادمة.
*مستشار وخبير اقتصادي
الحقيقة أن تمديد العمل بالاتفاق حسم قبل ذلك في قمة العشرين الذي عقد بأوساكا اليابانية نهاية شهر يونيو الماضي بعد اتفاق كل من السعودية وروسيا بعد اجتماع ولي العهد السعودي والرئيس الروسي، والذي عبر عنه وزير الطاقة الروسي «الكسندر نوفاك» عندما قال «إن الاتفاق بين روسيا والسعودية على تمديد تخفيضات إنتاج الخام يظهر التزام البلدين باستقرار سوق النفط».
لقد غير التنسيق السعودي الروسي المدعوم خليجياً عاملاً حاسماً في تحديد اتجاهات أسواق النفط، بما في ذلك تحديد الأسعار، فالتوقعات قبل إقرار الاتفاق في اليابان كانت تشير إلى إمكانية انهيار الأسعار في حالة عدم تمديد العمل بالتخفيض، وهو ما سيشكل خسارة ومصاعب اقتصادية كبيرة للبلدان المصدرة، بما فيها السعودية وروسيا واللتين أضحتا تشكلان عمودي استقرار الأسواق، مع ما يعنيه ذلك من استقرار لصالح البلدان المنتجة والمستهلكة والمحافظة على أسعار عادلة تتراوح ما بين 60 – 70 دولاراً للبرميل، وهو ما يشكل استقرار للاقتصاد العالمي ككل.
لقد ساهم هذا التعاون الثنائي على سبيل المثال في تجنب العواقب المحتملة للتوقف شبه الكامل لصادرات النفط الإيرانية، حيث كانت حكومة الملالي في طهران تعول على فشل العقوبات الأميركية على إيران بسبب تجاوز أسعار النفط لحاجز 100 دولار للبرميل بعد تطبيق العقوبات على قطاع النفط الإيراني، إلا توفر فائض لدى بعض البلدان ساهم في تعويض تراجع الصادرات الإيرانية، وبالتالي المحافظة على استقرار الأسواق والأسعار.
ومع ذلك حاولت إيران بصورة يائسة بعد أن اتضحت ملامح تفاصيل الاتفاق حتى قبل قمة العشرين باستغلال تفجيرات ناقلات النفط بالقرب من ميناء الفجيرة وتخريب خطوط أنابيب النفط السعودية بتخويف الأسواق لرفع سعر برميل النفط فوق 100 دولار، مما سيشكل ضغطاً على الإدارة الأميركية التي تسعى إلى بقاء الأسعار عند مستويات متدنية.
يبدو أن قراءة إيران لتطورات أسواق النفط خاطئة، كما هي قرائتها للتطورات الجيو– سياسية، والتي ترتكب فيها الأخطاء المتتالية والتي كلفتها خسائر باهظة، فمسارات الأسواق لم تعد تحددها منظمة الأوبك وحدها، بل إن البلدان المنتجة للنفط من خارج «أوبك» أضخت تلعب دوراً رئيسياً لا يمكن تجاهله، بل لا يمكن العمل والحفاظ على مصالح الدول المصدرة بدونه.
من هنا لا ينظر الآن إلى اجتماعات منظمة «الأوبك» بمعزل عن باقي المصدرين، وإنما تنتظر الأسواق اجتماع دول المصطلح الجديد الذي يطلق عليه «أوبك +» ويلعب دوراً حاسماً في اتخاذ القرارات والتي عادة ما يتم التحضير لها باجتماعات مسبقة بين السعودية وروسيا، كممثلين للمجموعتين.
لذلك، فان كل محاولات طهران لرفع الأسعار من خلال عمليات ترهيب لن يكتب لها النجاح، خصوصا وأنها أصبحت خارج مجموعة البلدان المصدرة للنفط من الناحية العملية، ولم يعد لها تأثير يذكر، كما كان في السابق، إضافة إلى أن التنسيق ضمن (أوبك+) قادر على احتواء المحاولات الإيرانية، وبالتالي المحافظة على مصالح الجميع.
من هنا، فان الاجتماع الأخير، والذي أقر فيه استمرار التخفيض يشير بصورة واضحة إلى أن استقرار أسواق وأسعار النفط أصبح شبه مضمون بفضل تعاون بلدان «أوبك +» وهو ما يعني المزيد من الاستقرار في أسواق النفط العالمية في الفترة القادمة.
*مستشار وخبير اقتصادي