ليست مصادفة أن أكثر العلاقات الدولية المتوترة هي بين الدول التي تجمع بينها روابط الجيرة والقرب الجغرافي، كما بين الهند وباكستان، وتركيا واليونان، وأريتريا وجيبوتي، والمغرب وإسبانيا، وروسيا وأوكرانيا.. ولعلّ الاستثناء في مسألة التوتر بين الجيران هو الدول الكبرى التي قد تتأزم علاقاتها مع دول بعيدة عنها، لأسباب تتعلق بالدور العالمي لهذه الدول، والذي يتخطى محيطها الإقليمي.
ليست مصادفة، لأن الجيرة تعني حدودا جغرافية، وترسيم الحدود بشكل نهائي بين دولتين يمر عبر قصة طويلة من النزاع الذي قد يتطور إلى اشتباك مسلح وينتهي بحرب. والجيرة تعني تاريخاً مشتركاً، والتوافق حول تفسير ذلك التاريخ قصة أخرى قد لا تكتمل أبداً. والجيرة تعني رؤية موحدة للمستقبل، والاتفاق بشأن المستقبل قصة كبيرة وأعقد من كل القصص. والجيرة تعني مصالح متداخلة، والجلوس على طاولة واحدة لتقاسم تلك المصالح بشكل عادل دونه الأطماع وغياب لغة الحوار. والجيرة تعني ملفات مفتوحة متجددة باستمرار في قضايا الأمن والاستقرار والهجرة غير الشرعية والتهريب، واختلاف الرؤى في هذه القضايا أمر وارد جداً.
والجيرة تعني غالباً إثنية واحدة من حيث العرق واللغة والثقافة والتراث، وهي اعتبارات تشكّل عامل تقارب، وقد تزيد من جانب آخر فرص الاحتكاك، والتنافس، والخوف المتبادل، معطوفةً على قضايا الحدود والتاريخ والمستقبل والمصالح والأمن والاستقرار.
ورغم أن الدين يخلق رابطاً وجدانياً بين أتباعه، إلا أنه يخلق في المقابل التنافس على زعامته الروحية، وعلى تفسيره، خصوصاً إذا استخدمه طرف ضد الآخر. وإذا نظرنا إلى الأديان الرئيسية سنجدها متمركزة في أجزاء معينة من العالم متصلة بعضها ببعض، كما في البوذية والهندوسية اللتان تنتشران في أجزاء محددة من العالم، وهكذا الحال مع الدول الإسلامية التي تقع في آسيا وأفريقيا ضمن كتلة كبيرة واحدة، اللهم إلا جزءاً منفصلا عنها في جنوب شرق آسيا. ليضاف الدين إلى العوامل التي من شأنها زيادة التوتر بين الجيران.
واللغة مثل الدين، وسيلة تواصل وترابط وتلاحم، لكن قد يُساء استخدام هذه الوسيلة من خلال الدعاية الموجهة من طرف ضد آخر، بلغة شعبه وما يكتنف تلك اللغة من طريقة تفكير ورؤية للأمور، ونجد أن اللغة العربية ضمن نطاق واحد من العالم، ونجد أن اللغة الإسبانية تتحدث بها شعوب 18 دولة تجاور بعضها بعضاً في أميركا اللاتينية، واللغة الهندية في الهند ونيبال، واللغة الروسية في روسيا وأوكرانيا، واللغة الملاوية في أندونيسيا وماليزيا وبروناي وسنغافورة.
الجيرة بطبيعتها تخلق فرص التوتر، خصوصاً بوجود السمات المشتركة بين الدول المتجاورة، ولا شيء يضفي الدفء على علاقات الجيران ويبعد عنها شبح التوترات والانزلاق إلى ما هو أكثر من ذلك، سوى وجود مصالح قوية مشتركة بين الأطراف، يفضّلون تبادل فوائدها وعدم تضاربها وتناسي الخلافات التي تنشأ بسبب الجيرة، ووجود قيم مشتركة فيما بينها، تمحو أولاً بأول بوادر أي خلافات أو تعمل على إبقائها في حدود الاختلاف في وجهات النظر.
*كاتب إماراتي
ليست مصادفة، لأن الجيرة تعني حدودا جغرافية، وترسيم الحدود بشكل نهائي بين دولتين يمر عبر قصة طويلة من النزاع الذي قد يتطور إلى اشتباك مسلح وينتهي بحرب. والجيرة تعني تاريخاً مشتركاً، والتوافق حول تفسير ذلك التاريخ قصة أخرى قد لا تكتمل أبداً. والجيرة تعني رؤية موحدة للمستقبل، والاتفاق بشأن المستقبل قصة كبيرة وأعقد من كل القصص. والجيرة تعني مصالح متداخلة، والجلوس على طاولة واحدة لتقاسم تلك المصالح بشكل عادل دونه الأطماع وغياب لغة الحوار. والجيرة تعني ملفات مفتوحة متجددة باستمرار في قضايا الأمن والاستقرار والهجرة غير الشرعية والتهريب، واختلاف الرؤى في هذه القضايا أمر وارد جداً.
والجيرة تعني غالباً إثنية واحدة من حيث العرق واللغة والثقافة والتراث، وهي اعتبارات تشكّل عامل تقارب، وقد تزيد من جانب آخر فرص الاحتكاك، والتنافس، والخوف المتبادل، معطوفةً على قضايا الحدود والتاريخ والمستقبل والمصالح والأمن والاستقرار.
ورغم أن الدين يخلق رابطاً وجدانياً بين أتباعه، إلا أنه يخلق في المقابل التنافس على زعامته الروحية، وعلى تفسيره، خصوصاً إذا استخدمه طرف ضد الآخر. وإذا نظرنا إلى الأديان الرئيسية سنجدها متمركزة في أجزاء معينة من العالم متصلة بعضها ببعض، كما في البوذية والهندوسية اللتان تنتشران في أجزاء محددة من العالم، وهكذا الحال مع الدول الإسلامية التي تقع في آسيا وأفريقيا ضمن كتلة كبيرة واحدة، اللهم إلا جزءاً منفصلا عنها في جنوب شرق آسيا. ليضاف الدين إلى العوامل التي من شأنها زيادة التوتر بين الجيران.
واللغة مثل الدين، وسيلة تواصل وترابط وتلاحم، لكن قد يُساء استخدام هذه الوسيلة من خلال الدعاية الموجهة من طرف ضد آخر، بلغة شعبه وما يكتنف تلك اللغة من طريقة تفكير ورؤية للأمور، ونجد أن اللغة العربية ضمن نطاق واحد من العالم، ونجد أن اللغة الإسبانية تتحدث بها شعوب 18 دولة تجاور بعضها بعضاً في أميركا اللاتينية، واللغة الهندية في الهند ونيبال، واللغة الروسية في روسيا وأوكرانيا، واللغة الملاوية في أندونيسيا وماليزيا وبروناي وسنغافورة.
الجيرة بطبيعتها تخلق فرص التوتر، خصوصاً بوجود السمات المشتركة بين الدول المتجاورة، ولا شيء يضفي الدفء على علاقات الجيران ويبعد عنها شبح التوترات والانزلاق إلى ما هو أكثر من ذلك، سوى وجود مصالح قوية مشتركة بين الأطراف، يفضّلون تبادل فوائدها وعدم تضاربها وتناسي الخلافات التي تنشأ بسبب الجيرة، ووجود قيم مشتركة فيما بينها، تمحو أولاً بأول بوادر أي خلافات أو تعمل على إبقائها في حدود الاختلاف في وجهات النظر.
*كاتب إماراتي