قطعة حلوى، وابتسامة صفراء، أو افتراس بلا مقدمات، بفعل لا يمت للبشرية بصلة، ينتهي بانتزاع ملامح الحياة من الأشخاص الذين يتم الاعتداء عليهم، دون إقامة أي اعتبار للقيم الإنسانية. وبين نتاج «الاغتصاب» ووصف المغتصب نفسه، ومحاولة اختباء البعض خلف خنصرهم، بوصف هذا النوع من الاعتداءات «مرضاً نفسياً»، فقد تم تصنيفه على أنه اضطراب سلوكي، مقصَياً خارج إطار الأمراض النفسية منذ عام 1992.
يقول جمال فرويز، وهو دكتور استشاري في الأمراض النفسية، إن اغتصاب الأطفال نوع من أنواع الشذوذ، والخروج عن المألوف، وارتكاب هذه الجريمة مع الأطفال أو كبار السن أو الموتى أو الحيوانات تم تصنيفه وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وأطباء علم النفس بأنه امتزاج ما بين السمات الإجرامية والسادية لدى شخصية المغتصب، نظراً لما يتجاهله المعتدي من بكاء وصراح الضحية، لحالات تتعدى التلذذ بسماع آلام الآخرين، في سبيل الشعور بالسيطرة والقوة. لنخلص لأن المعتدي ليس مريضاً نفسياً، مع إمكانية وصفه كمضطرب جنسياً، مع غياب الضمير الأخلاقي والوازع الديني والنفسي، بالإضافة إلى كونه شخصاً أنانياً، فاقداً للنضج النفسي.
وبتأمل صورة طفل معتدى عليه تعلو ملامحه، إعلان بدأ الحكم المؤبد عليه خلف قضبان اليأس وضعف الشخصية، وتأسس من جسده فريسة سهلة، وبنفسه مجرماً مستقبلياً مشحوناً بالكراهية والحقد على جسده أولاً، ثم على المجتمع! لابد من التسليم والاعتراف بأن كافة السلوكيات التي تقع تحت وطأة «تربية التابوه» وسراديبه المخفية، ستتّخذ طريقها إلى الشذوذ السلوكي، إذا بقي المجتمع بأفراده وأسره ومنظماته ومؤسساته جامداً متحجراً عاجزاً عن بناء الأفكار وتقييمها ومن ثمة تقويمها، ولعل التربية والشرعنة من الأولويات الأهم التي يجب أن تأخذ حقها من العناية، في وقت تخلص بعض الدراسات إلى أن حتى الوالدين بحاجة إلى «تربية» جديدة وتعزيز التوعية، الدافعة لأن يكونوا فاعلين في أسرهم. فكل وعاء بما فيه ينضح!
ما يدعي للتشديد حول فكرة «التابوهات» ما تخرج به مراكز البحوث والدراسات والإحصاءات، من نتائج مفزعة بما يتعلق بموضوع الاغتصاب، إذ أن هناك تقريراً صادراً عن الاتحاد الأوروبي يفيد بأن أكثر من 55% من النساء الأوروبيات تعرضن إلى شكل من أشكال التحرش، في حين تعرضت واحدة من كل 20 امرأة للاغتصاب، كما تواجه واحدة من بين كل 6 نساء الاغتصاب في أستراليا، مقارنة بامرأة واحدة في جميع أنحاء العالم. وتتراوح أعمار ضحايا الاغتصاب ما بين 18 إلى 30 عامًا، بينما واحدة من كل 10 ضحايا الاغتصاب هي دون الـ18 عامًا، ناهيك عن الدول الأخرى حول العالم.
ومن الضروري التشديد على أن الفكر هو الأساس، ولذا يجب تعليم أبنائنا أطفالاً وشباناً كيفية «ألا يُغتصبوا» و«ألا يغتصبوا» بدلاً من الاكتفاء بالنواح على الضحايا، من خلال لوحات رافضة ومنددة للإجرام الواقع، إذ لا تساهم ردود الفعل اتجاه جرائم التحرّش في تطبيع العنف الجنسي بعد حدوثه فحسب، بل يسبق ذلك التواطؤ المجتمعي غير المقصود للفعل نفسه عبر عمليّة التلقين والتنشئة الاجتماعية، وإلقاء القضايا المشابهة في سلة «التابوهات المحرمة». وبخاصة في ظل افتقار غياب الحوار العائلي، المؤدي غيابه بالضرورة للتوجه للدروس الاجتماعية ومصدرها الشارع! مما يدعو بشكل صريح لالتفات الجهات التعليمية والتربوية لإخراج القضايا التثقيفية والتوعوية من «الصندوق الأسود»، وعدم التحجج بالأسباب الدينية والعقائدية والاجتماعية المستندة في أغلبها للأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية ذات الأبعاد الشعبية المترسّخة.
الاتجاه بحزم لتجريم تلك السلوكيات المشينة، المرفوضة جملةً وتفصيلاً هو الركيزة الأولى في طرق الحماية والتحصين والتعليم على كيفية بناء سد يحفظ مكونات المجتمع، وبخاصة «الحلقة الأصغر»، مما يتعرضون له أو مما «قد» يتعرضون له. إذ لابد من سن ما يضمن نشر الوعي ورفع لبنات الأمن والسلم المجتمعي، بدلاً من تعزيز «ثقافة الاغتصاب»، التي لا تؤول إلا لخلق إعاقات نفسية، ينتج عنها تحرش واغتصاب، لخلق عاهات نفسية أخرى، إذا لم تتطور لجسدية بل وربما تتعدى لإزهاق الأرواح، نتيجة تفجير قنبلة الكراهية والعدوانية المكبوتة بداخل المعتدى عليه، سعياً منه لاسترداد حقه في أن يكون طبيعياً، والذي اغتيل منه على حين هشاشة توعية وجهل أسري وتقصير مجتمعي، وإخلال بالعقد الاجتماعي المبني على اختيار الكفؤ من الأشخاص، لتنظيم حياة الأفراد، وضمان حياة كريمة للجميع!
*أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة
يقول جمال فرويز، وهو دكتور استشاري في الأمراض النفسية، إن اغتصاب الأطفال نوع من أنواع الشذوذ، والخروج عن المألوف، وارتكاب هذه الجريمة مع الأطفال أو كبار السن أو الموتى أو الحيوانات تم تصنيفه وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وأطباء علم النفس بأنه امتزاج ما بين السمات الإجرامية والسادية لدى شخصية المغتصب، نظراً لما يتجاهله المعتدي من بكاء وصراح الضحية، لحالات تتعدى التلذذ بسماع آلام الآخرين، في سبيل الشعور بالسيطرة والقوة. لنخلص لأن المعتدي ليس مريضاً نفسياً، مع إمكانية وصفه كمضطرب جنسياً، مع غياب الضمير الأخلاقي والوازع الديني والنفسي، بالإضافة إلى كونه شخصاً أنانياً، فاقداً للنضج النفسي.
وبتأمل صورة طفل معتدى عليه تعلو ملامحه، إعلان بدأ الحكم المؤبد عليه خلف قضبان اليأس وضعف الشخصية، وتأسس من جسده فريسة سهلة، وبنفسه مجرماً مستقبلياً مشحوناً بالكراهية والحقد على جسده أولاً، ثم على المجتمع! لابد من التسليم والاعتراف بأن كافة السلوكيات التي تقع تحت وطأة «تربية التابوه» وسراديبه المخفية، ستتّخذ طريقها إلى الشذوذ السلوكي، إذا بقي المجتمع بأفراده وأسره ومنظماته ومؤسساته جامداً متحجراً عاجزاً عن بناء الأفكار وتقييمها ومن ثمة تقويمها، ولعل التربية والشرعنة من الأولويات الأهم التي يجب أن تأخذ حقها من العناية، في وقت تخلص بعض الدراسات إلى أن حتى الوالدين بحاجة إلى «تربية» جديدة وتعزيز التوعية، الدافعة لأن يكونوا فاعلين في أسرهم. فكل وعاء بما فيه ينضح!
ما يدعي للتشديد حول فكرة «التابوهات» ما تخرج به مراكز البحوث والدراسات والإحصاءات، من نتائج مفزعة بما يتعلق بموضوع الاغتصاب، إذ أن هناك تقريراً صادراً عن الاتحاد الأوروبي يفيد بأن أكثر من 55% من النساء الأوروبيات تعرضن إلى شكل من أشكال التحرش، في حين تعرضت واحدة من كل 20 امرأة للاغتصاب، كما تواجه واحدة من بين كل 6 نساء الاغتصاب في أستراليا، مقارنة بامرأة واحدة في جميع أنحاء العالم. وتتراوح أعمار ضحايا الاغتصاب ما بين 18 إلى 30 عامًا، بينما واحدة من كل 10 ضحايا الاغتصاب هي دون الـ18 عامًا، ناهيك عن الدول الأخرى حول العالم.
ومن الضروري التشديد على أن الفكر هو الأساس، ولذا يجب تعليم أبنائنا أطفالاً وشباناً كيفية «ألا يُغتصبوا» و«ألا يغتصبوا» بدلاً من الاكتفاء بالنواح على الضحايا، من خلال لوحات رافضة ومنددة للإجرام الواقع، إذ لا تساهم ردود الفعل اتجاه جرائم التحرّش في تطبيع العنف الجنسي بعد حدوثه فحسب، بل يسبق ذلك التواطؤ المجتمعي غير المقصود للفعل نفسه عبر عمليّة التلقين والتنشئة الاجتماعية، وإلقاء القضايا المشابهة في سلة «التابوهات المحرمة». وبخاصة في ظل افتقار غياب الحوار العائلي، المؤدي غيابه بالضرورة للتوجه للدروس الاجتماعية ومصدرها الشارع! مما يدعو بشكل صريح لالتفات الجهات التعليمية والتربوية لإخراج القضايا التثقيفية والتوعوية من «الصندوق الأسود»، وعدم التحجج بالأسباب الدينية والعقائدية والاجتماعية المستندة في أغلبها للأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية ذات الأبعاد الشعبية المترسّخة.
الاتجاه بحزم لتجريم تلك السلوكيات المشينة، المرفوضة جملةً وتفصيلاً هو الركيزة الأولى في طرق الحماية والتحصين والتعليم على كيفية بناء سد يحفظ مكونات المجتمع، وبخاصة «الحلقة الأصغر»، مما يتعرضون له أو مما «قد» يتعرضون له. إذ لابد من سن ما يضمن نشر الوعي ورفع لبنات الأمن والسلم المجتمعي، بدلاً من تعزيز «ثقافة الاغتصاب»، التي لا تؤول إلا لخلق إعاقات نفسية، ينتج عنها تحرش واغتصاب، لخلق عاهات نفسية أخرى، إذا لم تتطور لجسدية بل وربما تتعدى لإزهاق الأرواح، نتيجة تفجير قنبلة الكراهية والعدوانية المكبوتة بداخل المعتدى عليه، سعياً منه لاسترداد حقه في أن يكون طبيعياً، والذي اغتيل منه على حين هشاشة توعية وجهل أسري وتقصير مجتمعي، وإخلال بالعقد الاجتماعي المبني على اختيار الكفؤ من الأشخاص، لتنظيم حياة الأفراد، وضمان حياة كريمة للجميع!
*أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة