مدد ترامب، ووسع «دوائر التصفير»، من تصفير البترول الإيراني إلى تصفير الدولار، فإلى تصفير آية الله خامنئي نفسه: فيا للغرابة؟ نعم! ويا للعبة المقاسات والأبهة و«التأله» والتعملق، كيف تشوش وتهمش وتنتقل إلى مآلات الضم والتشكك بالتابوهات، والمقامات العليا السامية.
فخامنئي صنع له، كوليٍ فقيهٍ، ما صنع للخميني من الألقاب والأسماء «الحسنى» الأرضية، التي تطاول السماوية. فخامنئي (قدس الله ظله) كما يردف بصفات التقديس. فترامب شوش نظام الفضاءات غير المحسوسة، بما يندرج في سجل العقوبات الاقتصادية. فاللقب يصنع «الهامات» كما تصنع الملابس العسكري أو الأمير. ومساحة الألقاب انفردت منذ آلاف السنين، وهي من معجزات الآلهة التي تتناغم مع الشرك في الإسلام، وهي من الكبائر التي يُعاقب عليها مشركوها. أما ستالين الملحد فهو «الأخ الأكبر». وهناك ما تأصل في أمور الأدب والفلسفة والعلوم، لتتقدم أسماء بعض هؤلاء الكبار صفات عُلوية أو شيطانية: ماركس «نبي الثورة الشيوعية». شكسبير «نبي الشعر» المتنبي «عظيم الشعراء»، ولا ننسى «نبي» جبران.... كأن العالم من لعبة الألقاب والأوصاف والانتحالات والمجازات دَاخلَ الدين بالبشري والسياسي. ويمكن اختزال كل هذه الموصوفات بالرمز أو الجوهر أو المعنى.
فخامنئي هو الولي الفقيه وآية الله العظمى، أي الرمز المحسوس والتجريدي معاً. والمس بالرمز هو مس بالمحظورات والمحرمات وانتهاك للأعراض والشعب والدين والتاريخ...
وذلك نقلَ الرمز مرموزه من القوانين الوضعية إلى مراتب الإيمان. (يقول حسن نصر الله: أؤمن إيماناً عميقاً مطلقاً بولاية الفقيه). أي مراتب الدين كالإيمان بالله أو الملائكة أو الأنبياء. فما بالك بالإيمان السياسي المطلق. إنها اللامعقولية المطلقة. وعندما أدرج ترامب خامنئي على لائحة العقوبات الاقتصادية، لم يخلعه فقط من أسمائه التي تضفي عليه «قدسية»، بل أنزله إلى مراتب الميليشيات وبراميل البترول والدولار والبضائع الاستهلاكية... أي حولّه مجرد سلعه كالسلع الأخرى، تصفَّر أو تربَّع تصّرف في الأسواق أو لا تصرف. أي نزع عنه رمزيته وقدسيته، فألغى الفوارق بينه وبين أشيائه وأدواته، فمس عمق وجوده وكيانه: صفّره كما صفّر البترول والدولار.
ونعتقد بأن الخبطة الترامبوية الرمزية محصورة برمزيتها، ولا تتعدى المجال الاقتصادي. لكن يجب ألا ننسَ أن الشعب الإيراني نفسه سبق ترامب وسواه، في إنزال خامنئي عن عرشه وعليائه إلى الإدراك، عندما انتفض عام 2009 احتجاجاً على تزوير الانتخابات الرئاسية، ثم ومؤخراً عندما عمت التظاهرات المدن الإيرانية هاتفةً: «فليسقط الدكتاتور»، «الموت للدكتاتور» أي لخامنئي.
في الحالة الترامبية الأولى كأنما «رمية من غير رامٍ» تصريح منتهك جامح غاضب. أما في الحالة الثانية، فلقد اكتشف الشعب ما وراء هذه الألقاب والأسماء الفضفاضة والأقنعة، فنزعها ليظهر وجه النظام عارياً بموبقاته وجرائمه وفساده.
*كاتب لبناني
فخامنئي صنع له، كوليٍ فقيهٍ، ما صنع للخميني من الألقاب والأسماء «الحسنى» الأرضية، التي تطاول السماوية. فخامنئي (قدس الله ظله) كما يردف بصفات التقديس. فترامب شوش نظام الفضاءات غير المحسوسة، بما يندرج في سجل العقوبات الاقتصادية. فاللقب يصنع «الهامات» كما تصنع الملابس العسكري أو الأمير. ومساحة الألقاب انفردت منذ آلاف السنين، وهي من معجزات الآلهة التي تتناغم مع الشرك في الإسلام، وهي من الكبائر التي يُعاقب عليها مشركوها. أما ستالين الملحد فهو «الأخ الأكبر». وهناك ما تأصل في أمور الأدب والفلسفة والعلوم، لتتقدم أسماء بعض هؤلاء الكبار صفات عُلوية أو شيطانية: ماركس «نبي الثورة الشيوعية». شكسبير «نبي الشعر» المتنبي «عظيم الشعراء»، ولا ننسى «نبي» جبران.... كأن العالم من لعبة الألقاب والأوصاف والانتحالات والمجازات دَاخلَ الدين بالبشري والسياسي. ويمكن اختزال كل هذه الموصوفات بالرمز أو الجوهر أو المعنى.
فخامنئي هو الولي الفقيه وآية الله العظمى، أي الرمز المحسوس والتجريدي معاً. والمس بالرمز هو مس بالمحظورات والمحرمات وانتهاك للأعراض والشعب والدين والتاريخ...
وذلك نقلَ الرمز مرموزه من القوانين الوضعية إلى مراتب الإيمان. (يقول حسن نصر الله: أؤمن إيماناً عميقاً مطلقاً بولاية الفقيه). أي مراتب الدين كالإيمان بالله أو الملائكة أو الأنبياء. فما بالك بالإيمان السياسي المطلق. إنها اللامعقولية المطلقة. وعندما أدرج ترامب خامنئي على لائحة العقوبات الاقتصادية، لم يخلعه فقط من أسمائه التي تضفي عليه «قدسية»، بل أنزله إلى مراتب الميليشيات وبراميل البترول والدولار والبضائع الاستهلاكية... أي حولّه مجرد سلعه كالسلع الأخرى، تصفَّر أو تربَّع تصّرف في الأسواق أو لا تصرف. أي نزع عنه رمزيته وقدسيته، فألغى الفوارق بينه وبين أشيائه وأدواته، فمس عمق وجوده وكيانه: صفّره كما صفّر البترول والدولار.
ونعتقد بأن الخبطة الترامبوية الرمزية محصورة برمزيتها، ولا تتعدى المجال الاقتصادي. لكن يجب ألا ننسَ أن الشعب الإيراني نفسه سبق ترامب وسواه، في إنزال خامنئي عن عرشه وعليائه إلى الإدراك، عندما انتفض عام 2009 احتجاجاً على تزوير الانتخابات الرئاسية، ثم ومؤخراً عندما عمت التظاهرات المدن الإيرانية هاتفةً: «فليسقط الدكتاتور»، «الموت للدكتاتور» أي لخامنئي.
في الحالة الترامبية الأولى كأنما «رمية من غير رامٍ» تصريح منتهك جامح غاضب. أما في الحالة الثانية، فلقد اكتشف الشعب ما وراء هذه الألقاب والأسماء الفضفاضة والأقنعة، فنزعها ليظهر وجه النظام عارياً بموبقاته وجرائمه وفساده.
*كاتب لبناني