بين فترة وأخرى يلتفت المجتمع الإسرائيلي إلى ظاهرة «الهجرة المعاكسة» لليهود من فلسطين المحتلة حيث بدأت تترسخ في أعماق هذا المجتمع، وبالأساس منها «هجرة الأدمغة». وبحسب دراسة صدرت عن «مؤسسة شورِش للأبحاث الاقتصادية الاجتماعية» أعدها الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب، البروفيسور «دان بن دافيد»، فإنه «في عام 2017، كل 4.5 من الأشخاص الذين يحملون ألقاباً جامعية وغادروا إسرائيل، جاء إليها مقابلهم شخص واحد فقط، بينما كانت هذه النسبة قبل ذلك بثلاثة أعوام 2.6:1». كذلك تبين أنه «كلما كانت الجامعة الإسرائيلية مرموقة أكثر ترتفع نسبة خريجيها الذين يغادرون من أجل العمل في الخارج. وهذا يسري على مجالات التعليم، أيضاً، حيث إن أعلى نسبة بينهم من حملة الشهادات في العلوم الدقيقة والهندسة، الأشخاص الأكثر أهمية لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي». وأكدت الدراسة على «ازدياد عدد الإسرائيليين الذين يدرسون الطب في الخارج، وكثيرون بينهم لا يعودون إلى إسرائيل بعد إنهاء دراستهم».
ووفقاً لتقرير صادر عن دائرة «الإحصاء المركزية الإسرائيلية»، فإن «2340 إسرائيلياً يحملون شهادة الدكتوراه يعيشون ويعملون في خارج إسرائيل، غالبيتهم في الولايات المتحدة الأميركية، من بين قرابة 33 ألف أكاديمي يحملون شهادات إسرائيلية ويعيشون اليوم في الخارج». وبحسب «الدائرة»، فإنه «خلال ولاية نفتالي بينيت كوزير للتربية والتعليم ورئيس لمجلس التعليم العالي، غادر إسرائيل عددٌ أكبر من الأكاديميين ممن عادوا إليها». ويضيف التقرير: «11% من حملة شهادات الدكتوراه الإسرائيليين يعيشون ويعملون اليوم خارج إسرائيل، بينما كانت النسبة 9.9% في عام 2013. كذلك، فإن 24.2% من خريجي الجامعات الإسرائيلية في الرياضيات يعملون خارج البلاد، ومثلهم 20% من خريجي علوم الحاسوب، و17.5% من حملة الدكتوراه في الصيدلة، وبين 16% و17% من حاملي شهادة هندسة الطيران والهندسة الطبية الحيوية».
في رد فعل لها على ما سبق، وفي إشارة واضحة إلى تزايد تأثير اليمين الديني المتطرف في إسرائيل، قالت افتتاحية لصحيفة «هآرتس»: «الواقع يعني تضييع نصف الأولاد هنا وقتهم في تعليم ديني لا قيمة معاصرة له. فالطالب الذي لم يدرس لغات ورياضيات في طفولته، سيكون من الصعب عليه جداً أن يردم الفجوة وهو في سن العشرين. لا توجد وصفة أكثر وضوحاً من هذا للمُضي في طريق الانتحار الاقتصادي والسياسي». وفي هذا السياق، كتب كبير المعلقين السياسيين في قناة التلفزة الإسرائيلية 12 (القناة الثانية سابقاً)، وهو «أمنون أبراموفيتش»، حول تزايد الطلب على جوازات سفر أجنبية، وقال: «ما من رصيد مطلوب في إسرائيل خلال العقد الأخير أكثر من جواز السفر الأجنبي. ثمة أعدادٌ هائلة من المواطنين الإسرائيليين، الأشكناز والشرقيين، اليمينيين واليساريي باتت بحوزتهم جوازات سفر أجنبية، والحبل على الجرّار. وتقف وراء هذه الظاهرة أسباب يتم الإفصاح عنها، بدءاً بتقصير طابور الانتظار في المطارات، مروراً بالدراسة المجانية، وانتهاءً باعتبارات دفع الضرائب. لكن هناك في العُمق سبب مسكوت عنه: انسداد كوة الأمل، فثمة أناسٌ كثيرون ما عادوا يؤمنون بأن إسرائيل ستنجح في البقاء عقوداً كثيرة».
ومن جهته، قال رئيس «الصندوق الوطني للعلوم» الإسرائيلي، البروفيسور «بيني غاير»: «عندما يقولون (هروب الأدمغة)، يقصدون أفضل الباحثين، الذين يتلقون عروضاً في الخارج لا يمكن رفضها، وليس من حيث الراتب حصراً. وهؤلاء الباحثون لا يريدون التنازل عن أحلامهم العلمية المهنية، لذلك فهم يميلون إلى البقاء في الولايات المتحدة، وبعضهم يترقون ويتوظفون في الجامعات المرموقة».
ووفقاً لصحيفة «ذي ماركر» الأميركية، فإن «ظاهرة هجرة الأدمغة في إسرائيل آخذة بالاتساع، لاسيما وأن أولويات الحكومات الإسرائيلية، وخاصة حكومات بنيامين نتنياهو، لا تضع مواجهة هذه الظاهرة ضمن سلم أولوياتها». وأضافت الصحيفة: «في عام 2017 كان يعمل 1725 باحثاً إسرائيلياً في الجامعات الأميركية، بزيادة 5.6% عن 2016». وختمت: «تم في السنوات الأخيرة بذل جهود من أجل لجم الظاهرة أو على الأقل إعادة قسم من المغادرين. لكن هذه الجهود لم تحقق نجاحاً، وهذه الظاهرة تتسع وحسب».
أما دائرة «الإحصاء الإسرائيلية» فتؤكد أن «هروب الأدمغة متواصل منذ عام 2003، وقد ارتفع بنسبة 26% منذ عام 2013. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، تراجع عدد الأكاديميين الإسرائيليين في الخارج ممن يعودون إلى إسرائيل. والاتجاه بين الباحثين الإسرائيليين نحو الهجرة أكبر من العودة. ففي عام 2017 عاد 601 أكاديمي إلى إسرائيل، بينما عاد حوالي 700 في عام 2016، و900 في عام 2014. وكان عدد الأكاديميين الذين غادروا إسرائيل في عام 2017 أعلى بـ2081 أكاديمياً من الذين عادوا إليها». وفي استخلاص لافت، حذرت دراسة «مؤسسة شورِش للأبحاث الاقتصادية الاجتماعية» سابقة الذكر قائلة: «رغم أن عدد هؤلاء لا يزيد على 130 ألفاً، ويشكلون 1.4% فقط من السكان في إسرائيل، ورغم عددهم القليل، فإن التفوق النوعي للاقتصاد الإسرائيلي يستند إليهم، وحجم الهجرة بينهم ينبغي أن يثير قلق صناع القرار». وأضافت: «بسبب الحجم الهش لهذه المجموعة، فإن مغادرة كتلة هامة بينهم، حتى ولو شملت عشرات الآلاف، يمكن أن تنطوي على عواقب كارثية على إسرائيل كلها».
*كاتب وباحث سياسي
ووفقاً لتقرير صادر عن دائرة «الإحصاء المركزية الإسرائيلية»، فإن «2340 إسرائيلياً يحملون شهادة الدكتوراه يعيشون ويعملون في خارج إسرائيل، غالبيتهم في الولايات المتحدة الأميركية، من بين قرابة 33 ألف أكاديمي يحملون شهادات إسرائيلية ويعيشون اليوم في الخارج». وبحسب «الدائرة»، فإنه «خلال ولاية نفتالي بينيت كوزير للتربية والتعليم ورئيس لمجلس التعليم العالي، غادر إسرائيل عددٌ أكبر من الأكاديميين ممن عادوا إليها». ويضيف التقرير: «11% من حملة شهادات الدكتوراه الإسرائيليين يعيشون ويعملون اليوم خارج إسرائيل، بينما كانت النسبة 9.9% في عام 2013. كذلك، فإن 24.2% من خريجي الجامعات الإسرائيلية في الرياضيات يعملون خارج البلاد، ومثلهم 20% من خريجي علوم الحاسوب، و17.5% من حملة الدكتوراه في الصيدلة، وبين 16% و17% من حاملي شهادة هندسة الطيران والهندسة الطبية الحيوية».
في رد فعل لها على ما سبق، وفي إشارة واضحة إلى تزايد تأثير اليمين الديني المتطرف في إسرائيل، قالت افتتاحية لصحيفة «هآرتس»: «الواقع يعني تضييع نصف الأولاد هنا وقتهم في تعليم ديني لا قيمة معاصرة له. فالطالب الذي لم يدرس لغات ورياضيات في طفولته، سيكون من الصعب عليه جداً أن يردم الفجوة وهو في سن العشرين. لا توجد وصفة أكثر وضوحاً من هذا للمُضي في طريق الانتحار الاقتصادي والسياسي». وفي هذا السياق، كتب كبير المعلقين السياسيين في قناة التلفزة الإسرائيلية 12 (القناة الثانية سابقاً)، وهو «أمنون أبراموفيتش»، حول تزايد الطلب على جوازات سفر أجنبية، وقال: «ما من رصيد مطلوب في إسرائيل خلال العقد الأخير أكثر من جواز السفر الأجنبي. ثمة أعدادٌ هائلة من المواطنين الإسرائيليين، الأشكناز والشرقيين، اليمينيين واليساريي باتت بحوزتهم جوازات سفر أجنبية، والحبل على الجرّار. وتقف وراء هذه الظاهرة أسباب يتم الإفصاح عنها، بدءاً بتقصير طابور الانتظار في المطارات، مروراً بالدراسة المجانية، وانتهاءً باعتبارات دفع الضرائب. لكن هناك في العُمق سبب مسكوت عنه: انسداد كوة الأمل، فثمة أناسٌ كثيرون ما عادوا يؤمنون بأن إسرائيل ستنجح في البقاء عقوداً كثيرة».
ومن جهته، قال رئيس «الصندوق الوطني للعلوم» الإسرائيلي، البروفيسور «بيني غاير»: «عندما يقولون (هروب الأدمغة)، يقصدون أفضل الباحثين، الذين يتلقون عروضاً في الخارج لا يمكن رفضها، وليس من حيث الراتب حصراً. وهؤلاء الباحثون لا يريدون التنازل عن أحلامهم العلمية المهنية، لذلك فهم يميلون إلى البقاء في الولايات المتحدة، وبعضهم يترقون ويتوظفون في الجامعات المرموقة».
ووفقاً لصحيفة «ذي ماركر» الأميركية، فإن «ظاهرة هجرة الأدمغة في إسرائيل آخذة بالاتساع، لاسيما وأن أولويات الحكومات الإسرائيلية، وخاصة حكومات بنيامين نتنياهو، لا تضع مواجهة هذه الظاهرة ضمن سلم أولوياتها». وأضافت الصحيفة: «في عام 2017 كان يعمل 1725 باحثاً إسرائيلياً في الجامعات الأميركية، بزيادة 5.6% عن 2016». وختمت: «تم في السنوات الأخيرة بذل جهود من أجل لجم الظاهرة أو على الأقل إعادة قسم من المغادرين. لكن هذه الجهود لم تحقق نجاحاً، وهذه الظاهرة تتسع وحسب».
أما دائرة «الإحصاء الإسرائيلية» فتؤكد أن «هروب الأدمغة متواصل منذ عام 2003، وقد ارتفع بنسبة 26% منذ عام 2013. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، تراجع عدد الأكاديميين الإسرائيليين في الخارج ممن يعودون إلى إسرائيل. والاتجاه بين الباحثين الإسرائيليين نحو الهجرة أكبر من العودة. ففي عام 2017 عاد 601 أكاديمي إلى إسرائيل، بينما عاد حوالي 700 في عام 2016، و900 في عام 2014. وكان عدد الأكاديميين الذين غادروا إسرائيل في عام 2017 أعلى بـ2081 أكاديمياً من الذين عادوا إليها». وفي استخلاص لافت، حذرت دراسة «مؤسسة شورِش للأبحاث الاقتصادية الاجتماعية» سابقة الذكر قائلة: «رغم أن عدد هؤلاء لا يزيد على 130 ألفاً، ويشكلون 1.4% فقط من السكان في إسرائيل، ورغم عددهم القليل، فإن التفوق النوعي للاقتصاد الإسرائيلي يستند إليهم، وحجم الهجرة بينهم ينبغي أن يثير قلق صناع القرار». وأضافت: «بسبب الحجم الهش لهذه المجموعة، فإن مغادرة كتلة هامة بينهم، حتى ولو شملت عشرات الآلاف، يمكن أن تنطوي على عواقب كارثية على إسرائيل كلها».
*كاتب وباحث سياسي