نجحت زعيمة الأغلبية «الديمقراطية» في مجلس «النواب» «نانسي بيلوسي» نجاحاً باهراً في إثارة سخط الرئيس دونالد ترامب، ودفعته إلى الخروج عن شعوره. ومثلما يعرف الجميع، خرج ترامب غاضباً من أحد الاجتماعات حول البنية التحتية، ومن الواضح أن ذلك كان بسبب امتعاضه من تصريحات «بيلوسي» التي أشارت إلى أن الإدارة تماطل على الصعد كافة.
وبالطبع، سيكون الإنفاق بشكل كبير على البنية التحتية فكرة جيدة جداً، وسيجد «الديمقراطيون» من الصعب معارضتها، على رغم من أنها ستكون جيدة أيضاً بالنسبة لترامب من الناحية السياسية، لاسيما أنها ستعزز الاقتصاد، وتمنح الشعب إحساساً بالتقدم. وكان «الديمقراطيون» سيجدون من الصعب تفادي منحه هذه الهدية.
وبالطبع، يبدو أن «الجمهوريين» لا يجدون غضاضة أن يتسببوا في ضرر اقتصادي فجّ عندما يكون شاغل البيت الأبيض رئيساً «ديمقراطياً». لكن «الديمقراطيين» أقل قدرة على فعل ذلك، ربما لأنه ليست لديهم قناة مثل «فوكس نيوز» تُصرّ على تزييف الحقائق. لكن لحسن حظ «الديمقراطيين»، حل ترامب مشكلتهم!
لكن في البداية دعونا نجيب على السؤال التالي: لماذا يعتبر الإنفاق على البنية التحتية فكرة جيدة؟
يرجع ذلك بصورة جزئية إلى أن استثماراتنا في البنية التحتية ظلت دون المستوى المطلوب على مدار سنوات. وحالة الطرق والسكك الحديدية وشبكات المياه وغيرها متردية. وعلاوة على ذلك، لا يزال الطلب على الاستثمارات من القطاع الخاص ضعيفاً، وهو ما يفضي إلى انخفاض تكاليف الاقتراض الحكومية، ويستجدي المستثمرون الحكومة من أجل إقراضها بعض أموالهم واستثمارها في أشياء مفيدة.
وفي مقدمة هذه الأشياء، يعتبر الإنفاق على البنية التحتية أمراً مرغوباً، لاسيما في ظل الركود الاقتصادي، حيث يتم توجيه موارد معطّلة للاستفادة منها بطريقة تحفز النمو على المدى الطويل. وقد يزعم البعض أن الاقتصاد الأميركي ليس راكداً في الوقت الراهن. وفي الحقيقة، هو ليس كذلك، لكنه أكثر هشاشة مما يعتقد البعض. لذا، عندما يحدث الركود المقبل، ودائماً ما يكون هناك ركود مقبل، فإن الحل التقليدي، المتمثل في خفض أسعار الفائدة، لن يكون كافياً بالتأكيد. وفي المتوسط، عندما يحدث الركود، يخفض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة بمعدل 5 نقاط مئوية. لكن أسعار الفائدة في الوقت الراهن نصف هذا المعدل بالفعل، لذا لن يكون أمام البنك المركزي فرصة كافية للمناورة.
وعندما يحدث الركود، سيكون قد فات أوان تطبيق برنامج استثمار كبير في البنية التحتية. لذا، من الأفضل أن يكون البرنامج قيد التطبيق عندئذ.
ويعني ذلك أنه من المنطقي تماماً توجيه استثمارات ضخمة إلى قطاع البنية التحتية الآن، وبالطبع سيعود ذلك بالنفع الكبير على ترامب سياسياً. لكن على رغم من مرور عامين ونصف العام على دخوله البيت الأبيض، وبعد كثير من الحديث عن «أسابيع البنية التحتية» التي تبدو مقبلة، لم يحدث شيء حتى الآن، فما السبب؟
أحد الأسباب أن «الجمهوريين» في الكونجرس ليست لديهم رغبة في الإنفاق على البنية التحتية، فهم يعتبرون أي نوع من أنواع الإنفاق الحكومي، بغض النظر عن مبرراته الاقتصادية، يعتبر مشكلة لأنه قد يضفي الشرعية على دور أكبر للحكومة بشكل عام.
وهناك سبب آخر هو أنه حتى الآن، بدا المسؤولون في إدارة ترامب غير راغبين في دراسة برنامج بنية تحتية واضح وتقليدي. وبدلاً من ذلك، اقترحوا شراكات معقدة بين القطاعين العام والخاص من شأنها تقديم دعم فعلي لخصخصة أصول القطاع العام. وقد كان من السهل بالنسبة لـ«الديمقراطيين» رفض تلك الأفكار لأنه لا علاقة لها بالبنية التحتية على الإطلاق.
وعلى رغم من ذلك، بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في عام 2018، بدا أن ترامب، الذي يبدو راغباً في تحقيق انتصار سياسي، قد يقدم أخيراً على الحديث عن خطة بنية تحتية حقيقية. ولو فعل، لانطوى ذلك على فخ محتمل لـ«الديمقراطيين»، الذين كانوا سيواجهون صعوبة في رفض منحه هذا الانتصار السياسي.
لكن ذلك لم يحدث.
*كاتب وأكاديمي أميركي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/05/24/opinion/trump-tantrums-dems-out-of-a-trap.html