عندما نتأمل التوجهات حيال عرب فلسطين في برامج الأحزاب اليمينية واليسارية والوسطية التي خاضت انتخابات التاسع من أبريل الماضي، سنلاحظ أن هناك تماثلاً وتقارباً بينها وبين توجهات المفكرين الصهاينة التي ظهرت مبكراً خلال العقدين الأولين من القرن العشرين، أي قبل قرن من الزمان.
وللتذكير فإن الأحزاب اليمينية التي خاضت الانتخابات الأخيرة هي «الليكود» و«اليمين الجديد» و«اتحاد أحزاب اليمين» و«إسرائيل بيتنا» و«كولانو»، وهي أحزاب توجهها العام يقوم على فكرة الانفصال العنصري عن العرب والاستعلاء على الثقافة العربية وإنكار الحقوق السياسية للعرب لاسيما حقهم في تقرير المصير. وتقترب منها في التوجه الأحزاب الدينية الحريدية، مثل «شاس» و«يهدوت هتوراه».. أما حزبا الوسط فهما «أزرق أبيض» و«العمل»، بينما لا يمثل أحزاب اليسار (أي الأحزاب التي تأخذ أكثر المواقف تعاطفاً مع الحقوق العربية) سوى حزب «ميرتس».
في مطلع القرن العشرين كان الوضع السكاني والسياسي والأمني عكس ما نراه اليوم في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فقد كان الوجود العربي راسخاً في فلسطين وكانت الأغلبية السكانية الكاسحة من الفلسطينيين، وكانت تعد بمئات الآلاف بينما كان الوجود الصهيوني على أرض فلسطين هزيلا للغاية ولا يتجاوز بضع مئات المستوطنين، وكانت فلسطين خاضعة للحكم العثماني، ولم يكن وعد بلفور بإنشاء الوطن القومى لليهود في فلسطين ولا الانتداب البريطاني الذي تحيز ضد العرب، قد ظهرا بعد.
في ذلك الوقت بدأ المفكرون الصهاينة في طرح أفكارهم حول كيفية التعامل مع العرب لتمرير المشروع الصهيوني لاستيطان فلسطين وإنشاء دولة يهودية فيها، ونشأ بينهم سجال أدى إلى تبلور أربع مدارس في التفكير، هي: مدرسة التقارب والاندماج مع العرب (وأقرب الأحزاب الصهيونية لها اليوم هو حزب «ميرتس»)، ومدرسة الانفصال عن العرب وازدرائهم والعجرفة بحقهم واستخدام القوة ضدهم (وهي مدرسة يمثلها اليوم معسكر أحزاب اليمين)، وكانت المدرسة الثالثة تدعو إلى السلام الاقتصادي وتقديم مكاسب مادية وعملية للعرب تدفعهم لقبول المشروع الصهيوني (وهي مدرسة نلمح منحى تفكيرها لدى حزب «الليكود» الذي يطرح فكرة السلام الاقتصادي ومن قبله حزب «العمل» عندما كان في الحكم)، وأخيراً كانت المدرسة الرابعة متأثرة بالفكر الاشتراكي في أوروبا الشرقية وكانت تدعو للوحدة الطبقية بين البروليتاريا العربية واليهودية، وقد تلاشت آثارها مع انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يمثل هذا الفكر.
إن الملاحظة الهامة اليوم تتمثل في ضعف المدرسة الأولى التي كانت تدعو للتقارب والاندماج الاجتماعي والثقافي مع العرب ولاحترام لغتهم وحضارتهم الإسلامية، وكان من ممثلي هذه المدرسة الربي بنيامبن والياهو سابير ومالول. هذه المدرسة يمكن اعتبارها أصلاً لثقافة السلام والتعايش وتقاسم الأرض مع الفلسطينيين، وقد اتخذت صوراً أخرى مع مرور العقود ومع تطور الظروف وميل موازين القوة لصالح الحركة الصهيونية، وهي موازين بدأت بامتلاك الصهيونية للظهير السياسي البريطاني بصدور وعد بلفور عام 1917. إن حزب «ميرتس» هو الأقرب إلى هذه المدرسة اليوم، إذ يدعو للمساواة بين العرب واليهود، كما يدين عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، ويدعو لإقامة دولة فلسطينية.. غير أنه حزب ضعيف شعبياً بالقياس إلى معسكر اليمين صاحب الأغلبية في الكنيست.
وللتذكير فإن الأحزاب اليمينية التي خاضت الانتخابات الأخيرة هي «الليكود» و«اليمين الجديد» و«اتحاد أحزاب اليمين» و«إسرائيل بيتنا» و«كولانو»، وهي أحزاب توجهها العام يقوم على فكرة الانفصال العنصري عن العرب والاستعلاء على الثقافة العربية وإنكار الحقوق السياسية للعرب لاسيما حقهم في تقرير المصير. وتقترب منها في التوجه الأحزاب الدينية الحريدية، مثل «شاس» و«يهدوت هتوراه».. أما حزبا الوسط فهما «أزرق أبيض» و«العمل»، بينما لا يمثل أحزاب اليسار (أي الأحزاب التي تأخذ أكثر المواقف تعاطفاً مع الحقوق العربية) سوى حزب «ميرتس».
في مطلع القرن العشرين كان الوضع السكاني والسياسي والأمني عكس ما نراه اليوم في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فقد كان الوجود العربي راسخاً في فلسطين وكانت الأغلبية السكانية الكاسحة من الفلسطينيين، وكانت تعد بمئات الآلاف بينما كان الوجود الصهيوني على أرض فلسطين هزيلا للغاية ولا يتجاوز بضع مئات المستوطنين، وكانت فلسطين خاضعة للحكم العثماني، ولم يكن وعد بلفور بإنشاء الوطن القومى لليهود في فلسطين ولا الانتداب البريطاني الذي تحيز ضد العرب، قد ظهرا بعد.
في ذلك الوقت بدأ المفكرون الصهاينة في طرح أفكارهم حول كيفية التعامل مع العرب لتمرير المشروع الصهيوني لاستيطان فلسطين وإنشاء دولة يهودية فيها، ونشأ بينهم سجال أدى إلى تبلور أربع مدارس في التفكير، هي: مدرسة التقارب والاندماج مع العرب (وأقرب الأحزاب الصهيونية لها اليوم هو حزب «ميرتس»)، ومدرسة الانفصال عن العرب وازدرائهم والعجرفة بحقهم واستخدام القوة ضدهم (وهي مدرسة يمثلها اليوم معسكر أحزاب اليمين)، وكانت المدرسة الثالثة تدعو إلى السلام الاقتصادي وتقديم مكاسب مادية وعملية للعرب تدفعهم لقبول المشروع الصهيوني (وهي مدرسة نلمح منحى تفكيرها لدى حزب «الليكود» الذي يطرح فكرة السلام الاقتصادي ومن قبله حزب «العمل» عندما كان في الحكم)، وأخيراً كانت المدرسة الرابعة متأثرة بالفكر الاشتراكي في أوروبا الشرقية وكانت تدعو للوحدة الطبقية بين البروليتاريا العربية واليهودية، وقد تلاشت آثارها مع انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يمثل هذا الفكر.
إن الملاحظة الهامة اليوم تتمثل في ضعف المدرسة الأولى التي كانت تدعو للتقارب والاندماج الاجتماعي والثقافي مع العرب ولاحترام لغتهم وحضارتهم الإسلامية، وكان من ممثلي هذه المدرسة الربي بنيامبن والياهو سابير ومالول. هذه المدرسة يمكن اعتبارها أصلاً لثقافة السلام والتعايش وتقاسم الأرض مع الفلسطينيين، وقد اتخذت صوراً أخرى مع مرور العقود ومع تطور الظروف وميل موازين القوة لصالح الحركة الصهيونية، وهي موازين بدأت بامتلاك الصهيونية للظهير السياسي البريطاني بصدور وعد بلفور عام 1917. إن حزب «ميرتس» هو الأقرب إلى هذه المدرسة اليوم، إذ يدعو للمساواة بين العرب واليهود، كما يدين عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، ويدعو لإقامة دولة فلسطينية.. غير أنه حزب ضعيف شعبياً بالقياس إلى معسكر اليمين صاحب الأغلبية في الكنيست.