يعد العمل التطوعي قيمة أصيلة ومتجذرة في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ظاهرة اجتماعية تحقق التكافل والتآخي والتعاون بين أفراد المجتمع، وفيها الكثير من المعاني العميقة، التي تظهر مشاعر البذل والعطاء لدى الأشخاص، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، خلال لقاء سموه- يوم الأربعاء الموافق 1 مايو 2019، في نادي ضباط القوات المسلحة- قادة فرق التطوع في الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية «أبوظبي 2019» الذي استضافته الدولة مؤخراً، وقد أشار سموه إلى أن التطوع وجه مشرق من أوجه تآزر المجتمع الإماراتي وحيويته، وأن العمل التطوعي يمثل نهجاً حضارياً، يظهر التكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع كافة، وضمن مختلف مؤسساته، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعطاء، كما أعرب سموه عن شكره وتقديره لدور المتطوعين والجهود التي بذلوها والتي كانت أحد العوامل الرئيسية في نجاح استضافة الدولة للأولمبياد، قائلاً: «كل الشكر والتقدير لجهود هذه الطاقات الشبابية المخلصة التي أسهمت في إيصال رسالة الإمارات إلى العالم لدعم أصحاب الهمم.. أنتم مكسب حقيقي وذخر للوطن»، وأضاف سموه: «أنتم نخبة من عيالنا وأبنائنا المقيمين بيننا.. بلادكم تفخر بكم.. شكراً على الجهود التي بذلتموها.. نحن نحتاج إلى قدرات الشباب من أمثالكم لنبني بلادنا».
وبالتأكيد فإن لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قادة فرق التطوع في الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية «أبوظبي 2019»، يترك أثراً عميقاً لدى جميع المتطوعين، ويظهر مدى الدعم والاهتمام الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة، لتشجيع العمل التطوعي وغرس قيمه النبيلة في نفوس المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، ليترسخ هذا العمل نهجاً وممارسة، وهذا أمر مهم وحيوي، ذلك أن التطوع في أحد جوانبه يعد ركيزة مهمة في ثقافة التماسك المجتمعي. ويعكس حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الإيمان الراسخ للقيادة الرشيدة بأهمية العمل التطوعي، وأهمية دعمه وتشجيعه.
والحاصل أن ثقافة العمل التطوعي متأصلة في عقول وقلوب أبناء مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعتبر «الفزعة» من بين قيم التلاحم والتعاضد التي جبل عليها أبناء دولة الإمارات منذ القدم. وقد حرصت الدولة على تأطير وتنظيم هذه القيمة المجتمعية النبيلة حيث وفرت كل أشكال الدعم والتأييد للعمل التطوعي بصوره كافة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إنشاء منصة وطنية للتطوع، تمكن الراغبين في المشاركة في أعمال تطوعية من الوصول إلى الفعاليات والمؤسسات ذات الصلة، وتمكنهم من تأدية مهامهم المجتمعة بسلاسة في بيئة محفزة، وهو ما يعني أن مفهوم التطوع يكتسب اهتماماً رسمياً كبيراً على مستوى القيادة وعلى مختلف المستويات الحكومية والأهلية في الدولة، وتعتبر المنصة الوطنية للتطوع أول منصة ذكية من نوعها والأكبر على مستوى الدولة كمنصة شاملة وتفاعلية لتطوير وتنظيم الجهود التطوعية في الدولة، لتعبر عن الصورة المضيئة للتكافل والتلاحم المجتمعي الذي يتمتع به أبناء الدولة والمقيمون على أرضها ومدى تمسكهم بالمبادئ والقيم المرتبطة بالهوية الوطنية.
ومما لا شك فيه أن هذا التجذر لثقافة التطوع في المجتمع الإماراتي، إنما هو مستمد من الدين الإسلامي الحنيف، فالعمل التطوعي الهادف من الأعمال التي تحث عليها الشريعة الإسلامية التي تؤكد مبادئ التكافل والتكاتف والتآخي والتعاضد.
وبالنظر إلى هذه الأهمية الحيوية للعمل التطوعي، فإن المؤسسات المعنية في الدولة، ومنها الهيئات الإعلامية والمؤسسات التعليمية، مطالبة بممارسة دورها في الترويج لثقافة العمل التطوعي، وبيان ما يمثله من قيم إيجابية، تعزز البنيان المجتمعي، وتحفز أفراد المجتمع على الانخراط في الأعمال التطوعية بمختلف أشكالها الهادفة والبناءة. ولعل تجربة التطوع في الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية «أبوظبي 2019» تمثل نموذجاً مشرقاً وناجحاً في هذا المجال، حيث أظهرت هذه التجربة الدور الذي يقوم به المتطوعون في إنجاح مثل هذه الفعاليات.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية