8شكّل وضع حجر الأساس لمعبد هندوسي في أبوظبي خطوة إيجابية تضاف إلى خطواتٍ عدة قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال نشر ثقافة التسامح وتعزيز قيم الانفتاح على الآخر، وخاصة إذا كان هذا الآخر مجرد زائر عابر أو مقيم يتقاسم معك الأرض والوطن، ويشترك معك في المصالح والأهداف الإنسانية النبيلة. ولذا فإن تقدير دولة الإمارات وشعبها لحق الشعوب في الاختلاف وممارسة شعائرها وطقوسها الخاصة بكل حرية وأمن، يجعلها دائماً في مقدمة الدول التي تراعي عادات الشعوب وثقافاتها.
فمن هذا المنطلق بالتحديد يمكن للمتابع اليوم أن يدرك أهمية قيام دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي بافتتاح المعبد الهندوسي في منطقة بومريخة على الطريق السريع بين دبي وأبوظبي، بهدف توفير مكان للعبادة لأكثر من مليون شخص يعتنقون الهندوسية في الإمارات.
وإذا كانت هذه الخطوة، قد جاءت في إطار احتفال دولة الإمارات بعام التسامح، فإن أبعادها تتجاوز السياق الزمني لهذا العام، ذلك أن ثقافة قبول الآخر واحتضان المختلف يعودان إلى طبيعة شعب الإمارات المتسامح، وبالتالي فإن بناء الكنائس والمعابد للشعوب والأقوام التي تتعايش على أرض الإمارات ما كان لها أن تتحقق لولا وجود أرضية مواتية لقبول الآخر والنظر إليه بعين التسامح.
كما أن عام التسامح الذي تحتفي به دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الراهن، يعد تتويجاً لتلك القيم واحتفاء في الوقت نفسه بالجهود التي بذلها الأب المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في جعل الإمارات وطن الجميع والأرض التي تحتضن وتحتوي وتتقبل، وهو ما عبر عنه، طيب الله ثراه، في مقولته الخالدة: إن «الرزق رزق الله، والمال مال الله، والفضل فضل الله، والخلق خلق الله، والأرض أرض الله، واللي يجينا حياه الله».
فلقد أسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأقواله وأفعاله لقيم التسامح قبل أن تكون شعاراً ترفعه دول العالم في وجه التعصب والكراهية، كما رسخ لثقافة قبول الآخر في عالم ينبذ بعضه بعضاً، فمهد بذلك لمجتمع ودولة تتعايش مع التنوع بقدر رفضها للتعصب والكراهية. وها هي دولة الإمارات اليوم تجني تلك الثمار بتصنيفها على قائمة الدول الأكثر سعادة في العالم، ذلك أن السعادة والتعصب الديني والثقافي لا يمكن أن يتعايشا في إطار واحد.
وبالعودة إلى الدلالات المتعددة لافتتاح معبد هندوسي في أبوظبي، ندرك أنها خطوة تشمل التسامح الديني وتعزيز العلاقات السياسية والثقافية والاجتماعية بين دولة الإمارات والهند. وهو ما جعل رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي الدكتور مغير الخييلي يؤكد أنها خطوة تعكس عمق العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند، وتبعث رسالة سلام من هذه المنطقة إلى العالم أجمع، فضلاً عن كونها فرصة لتعزيز الوعي بالجهود التي تبذلها دولة الإمارات في تعزيز سمعتها الدولية كمنارة سلام عالمية.
وإذا كانت قيادة دولة الإمارات ومؤسساتها الحكومية والخاصة تنطلق في تعاملها مع الآخر من قيم شعبها وثقافته التي تربت عليها الأجيال عبر الزمن، فإن ذلك الآخر ينظر إلى تلك القيم وتلك المواقف بكل حفاوة وتقدير، وهو ما ظهر بوضوح من خلال الردود الإيجابية التي أظهرها رئيس الطائفة الهندوسية في دولة الإمارات والسفير الهندي لدى الدولة، فقد جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس الطائفة الهندوسية في الدولة أن «دولة الإمارات لا تحتفل فقط بعام التسامح، بل إنها تنتهج أسلوب الحياة المبني على التسامح والتآخي منذ أن أسسها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وتسير على نهجه قيادة الدولة، وهو ما ستتوارثه الأجيال الإماراتية».